بسائر الصلوات المكتوبة التي لا تسقط ولا تبدل فهذا غير متجه لأن المعنى في الصوم أنه يتيسر الحمل عليه بطريق أسهل من القتل وهو الحبس والمنع من الطعام والشراب فإن الظاهر من حال العاقل المسلم الممنوع من ذلك أنه ينوي الصوم لأنه لا يمنعه منه إلا الرغبة في الطعام والشراب فاذا منعهما فهذا لا محالة ينوي الصوم كي لا يجمع على نفسه المحذورين من غير فائدة فلأجل هذا لا يقتل بترك الصوم وأما السقوط بالعذر والاكتفاء بالبدل فلا يدل هذا وأشباهه على نقصان الدرجة فان ذلك في الواجب كما قد يكون لانحطاط مرتبته فقد تكون الزيادة المشقة فيه وان كان متأكدا محتلا في أعلى الرتب وهذا هو الواقع في الجمعة لأنها لا محالة آكد من سائر الصلوات على ما تنطق به النصوص وتدل عليه الأحكام التي منها اختصاصها بالتبكير وجمع الجماعات لها وغير ذلك حتى حمل ذلك من أمرها بعض العلماء على ان جعلها الصلاة الوسطى .
أما الرأي الثالث وهو القول بأن الظهر أصل والجمعة بدل ويعبر عنه بأنها ظهر مقصورة وهو قول ضعيف فالكلام مبتنيا عليه كالكلام على عكسه وهو القول الثاني وقد سبق ذلك مقررا وهذا لأن الظهر وإن جعلت أصلا على هذا القول فلا يجوز فعلها مع تيسر الجمعة التي هي البدل وإنما يجوز عند عدمها لا كسائر الأصول ولا كسائر ما يقصر فقد استتب هذا الافتاء على الآراء الثلاثة وهي كل الأقسام المحتملة في هذا