وقضى رسول الله في الجنين بغُرَّة عبد أو أمة وقَوَّم أهلُ العلم الغرة خمساً من الإبل .
قال : فلما لم يُحكَا أن رسول الله سأل عن الجنين : أَذَكَر هو أم أنثى ؟ إذ قضى فيه سَوَّى بين الذكر والأنثى [ ص 553 ] إذا سقط ميتا ولو سقط حياً فمات جَعَلوا في الرجل مائة من الإبل وفي المرأة خمسين .
فلم يجز أن يقاس على الجنين شيء من قِبَل أن الجنايات على من عُرِفَت جنايته مُوَقَّتاتٌ معروفات . مفروقٌ فيها بين الذكر والأنثى . وأن لا يختلف الناس في أن لو سقط الجنين حياً ثم مات كانت فيه دية كاملة إن كان ذكراً فمائةٌ من الإبل وإن كانت أنثى فخمسون من الإبل وأن المسلمين - فيما علمت - لا يختلفون أن رجلاً لو قَطَعَ الموتى لم يكن في واحد منهم دِيَة ولا أرْش والجنينُ لا يعدو أن يكون حياً أو ميتاً .
فلما حكم فيه رسول الله بحكمٍ فارق حكم النفوس الأحياءِ والأمواتِ وكان مغيَّبَ الأمر : كان الحكمُ بما حَكَمَ به على الناس اتباعاً لأمر رسول الله .
[ ص 554 ] قال فهل تعرف له وجهاً ؟ .
قلت : وجهاً واحداً والله أعلم .
قال : وما هو ؟ .
قلت : يقال : إذا لم تُعرف له حياة وكان لا يُصلى عليه ولا يرث : فالحكمُ فيه أنها جناية على أمه وقَّت فيها رسول الله شيئاً قوَّمه المسلمون كما وقَّت في الموضِحة .
قال : فهذا وجه .
قلت : وجهٌ لا يُبين الحديثُ أنه حَكَمَ به له فلا يصح أن يقال : إنه حكم به له ومن قال : إنه حكم به لهذا المعنى قال : هو للمرأة دون الرجل هو للأم دون أبيه لأنه عليها جُنِي ولا حكم للجنين يكون به موروثاً ولا يُورَث مَن لا يَرِث .
قال : فهذا قول صحيح ؟ .
[ ص 555 ] قلت : الله أعلم