قال : فما مثلُ هذا في السنة ؟ .
قلت : نهى رسول الله عن بيع التمر بالتمر إلا مِثْلاً بمثل " وسئل عن الرُّطَب بالتمر ؟ فقال : أينقص الرُّطَب إذا يبس ؟ فقيل : نعم فنهى عنه " . و " نهى عن المزابنة " وهي كل ما عُرِف كيلُه منه وهذا كله مجتَمِع المعاني " ورخص أن تُبَاع العرايا بخَرْصها تمراً يأكلها أهلها رُطَبَاً " ( 1 ) .
[ ص 548 ] فرخَّصنا في العرايا بإرخاصه وهي بيع الرطب بالتمر وداخلةٌ في المزابنة بإرخاصه فأثبتنا التحريم محرماً عاماً في كل شيء من صنف واحد مأكول بعضُهُ جُزَاف وبعضه بكيل : للمزابنة وأحللنا العرايا خاصة بإحلاله من الجملة التي حَرَّم ولم نبطل أحد الخبرين بالآخر ولم نجعله قياساً عليه .
قال : فما وجه هذا ؟ .
قلت : يحتمل وجهين : أولاهما به عندي - والله أعلم - أن يكون ما نهى عنه جملةً أراد به ما سوى العرايا ويحتمل أن يكون أَرْخص فيها بعد وجوبها في جملة النهي وأيَّهما كان فعلينا طاعته بإحلال ما أحل وتحريم ما حَرَّم .
_________ .
( 1 ) انظر ما مضى ص 331