مبحث تصرفات المرتد .
الحنفية قالوا : إن تصرفات المرتد على أقسام : .
- 1 - نافذ بالاتفاق : كالاستيلاد والطلاق لأنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك وتمام الولاية وإن كانت الفرقة تقع بين الزوجين بمجرد الارتداد .
- 2 - باطل بالاتفاق : كالنكاح والذبيحة لأن كل واحج منهما يعتمد الملة والمرتد لا ملة له لأنه ترك ما كان عليه ولا يقر على ما جخل فيه لوجوب قتله بالردة .
- 3 - موقوف بالاتفاق : كالمفاوضة كأن فاوض المرتد توفق فإن أسلم نفذت المفاوضة وإن مات أو قتل أو قضى بلحاقه بدار الحرب بطلت بالاتفاق لأن المفاوضة تعتمد المساواة بين الطرفين ولا مساواة بين المسلم والمرتد مالم يسلم .
- 4 - مختلف في توقفه : وهو البيع والشراء والعتق والهية والرهن والتصرف في أمواله في حال ردته فأبو حنيفة C قال : إن هذه التصرفات المذكورة تتوفق فإن أسلم صحت عقوده . وإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطلت . لأنه حربي متهور تحت أيدينا كما قررناه في توفق الملك وتوقف التصرفات بناء على توفق الملك وصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان فيؤخذ ويقهر وتتوقف تصرفاته لتوقف حاله فكذا المرتد ولأنه يستحق القتل لبطلان سبب العصمة فأوجب خللا في الأهلية . بخلاف الزاني المحصن وقاتل العمد لأن الاستحقاق فيهما جزاء على الجناية مع بقاء سبب العصمة وهو الإسلام فيبقى مالكا حقيقة وبخلاف المرأة المرتدة لأنها ليست حربية ولهذا لا تقتل بعد الردة أما المرتد فقد زال ملكه عن أمواله بردته كما ذكرنا .
أبو يوسف ومحمد قالا : يجوز ما صنع المرتد وتنفذ عقوده التي عقدها قبل الردة وبعدها لأن الصحة تعتمد الأهلية والنفاذ يعتمد الملك ولا خفاء في وجود الأهلية لكونه مخاطبا وكذلك الملك لقيامه قبل موته وعدم زواله بالردة لأنه مكلف محتاج ولا يتمكن من إقامة موجب التكليف إلا بالملك فيبقى ملكه إلى أن يقتل ولهذا لو ولد له ولد بعد الردة لستة أشهر من امرأة مسلمة يرثه بعد موته .
قالوا : فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام مسلما فما وجوده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه لأن الوارث إنما يخلف فيه لاستغنائه عنه بالموت المحكوم به بدخوله دار الحرب . وإذا عاد مسلما احتاج إليه فيقدم على الوارثن بخلاف ما إذا أزاله الوارث عن ملكه وبخلاف أمها اولاده ومدبريه لأن القضاء قد صح بدليل مصحح فلا ينقض ولو جاء مسلما قبل أن يقضي القاضي بذلك فكأنه لم يزل مسلما فأمواله على حالها وما كان عليه من الديون فهو إلى أجله ويصح تصرفه