وقيل : لا يقتص مما ذكرن بل إنما عليه نصف الدية ويضرب مائة جلدة ويحبس عاما كاملا والقول بالقصاص يكون بقسامة والقول بنصف الدية يكون بلا قسامة .
وإن تصادم المكلفان أو تجاذبا حبلا أو غيره فسقطا . راكبين أو ماشيين أو مختلفين قصدا فماتا فلا قصاص لفوات محله وإن مات أحدهما فحكم القود يجري بينهما أو حملا على القصد عند جهل الحال لا على الخطأ عكس السفينتين إذا تصادمتا وجهل الحال فيحملان على عدم القصد من رؤسائهما فلا قود ولا ضمان لأن جريهما بالريح ليس من عمل أربابهما كالعجز الحقيقي بحيث لا يستطيع كل منهما أن يصرف دابته أو سفينته عن الآخر فلا ضمان بل هو هدر .
ولو قاد بصير أعمى فوقع البصير ووقع الأعمى عليه فقتله فتجب الدية على عاقلة الرجل الأعمى ولو طلب غريقا فما أخذه ليخرجه خشي على نفسه الهلاك منه فتركه في البحر وما فلا شيء عليه ولو سقط رجل من فوق دابته في الطريق على رجل جالس فمات الرجل فديته على عاقلة الساقط .
الشافعية والحنابلة قالوا : إذا اشترك في قتل النفس عامد ومخطئ أو مكلف وغير مكلف مثل عامد وصبي أو عاقل ومجنون له نوع تمييز في قتل من يكافئه فإنه يجب قتل العاقل المكلف وتجب نصف الدية على عاقلة الصبي والمجنون وكذلك الحر والعبد إذا قتلا عبدا عمدا فيجب على العبد القصاص ويجب على الحر نصف القيمة من ماله وكذلك الحل في المسلم والذمي فإنه يقتل الذمي وعلى المسلم نصف الدية في ماله فيتحمل كل واحد جنايته على انفراد وكأنه لم يشاركه آخر وحجتهم في ذلك النظر إلى المصلحة العامة التي تقتضي التغليظ على القاتل لحرمة الدماء فطأن كل واحد منهما انفرد بالقتل فله حكم نفسه فيجب القصاص على من شارك أبا في قتل ولده ويجب على الأب وإن سفل نصف الدية مغلظة في ماله ولا يرث منها وكذلك يجب قتل شريك حربي في قتل مسلم وشريك قاطع قصاصا أو قاطع حدا كأن جرحه بعد القطع المذكور شخص غير القاطع وات بسبب القطع والجرح معا وكذا يقتل شريك من جرح نفسه كأن جرح شخص نفسه جرحا بالغا ثم جرحه آخر فمات بهما وكذا يقتل شريك دافع الصائل كأن جرحه شخص بعد دفع الحيوان الصائل فمات بهما وكذا يقتل شريك السبع والحية القاتلين غالبا في قتل من يكافئه وكذا يقتل عبد شارك سيدا في قتل عبده أو عبد ولده في الأظهر لظهور الزهوق فيما ذكر بفعلين عمدين وامتناع القصاص على الآخر لمعنى يخصه فصار كشريك الأب ولو جرحه شخص خطأ ونهشته حية وعقره سبع ومات من ذلك لزمه ثلاث الدية كما لو جرحه ثلاثة .
الحنفية قالوا : لا يجب القصاص على من شارك الأب في قتل ولده ولا على شريك المولى ولا على شريك الخاطئ ولا على شريك الصبي ولا على شريك المجنون ولك من لا يجب القصاص بقتله لأن القتل حصل بسببين أحدهما غير موجب للقود وهو لا يتجزأ فلا يجب لأن الأصل في الدماء الحرمة والنصوص الموجبة للقصاص مختصة بحالة الانفراد وموضع يمكن القصاص وهو غير ممكن هنا لعدم التجزيء فلا يتناوله النص ثم من يجب عليه القصاص لو انفرد يجب عليه نصف الدية في ماله لأن فعله عمد وإنما لم يجب القصاص لتعذر الاستيفاء والعاقلة لا تعقل العمد ونصف الدية الآخر على عاقلة الآخر إن كان صبيا أو مجنونا أو خطأ لأن الدية يجب فيه بنفس القتل فإن عمد الصبي والمجنون خطأ قال الإمام على Bه وإن كان الأب فتجب نصف الدية في ماله خاصة ويحرم من ميراثها ولأن مشاركة من لا يجب عليه القصاص شبهة فإن القتل لا يتبعض والحدود تدرأ بالشبهات فيجب الدية .
قالوا : ومن شج نفسه وشجه رجل وعقره أسد ونهشته حية فمات من ذلك كله فيجب على الرجل الأجنبي ثلث الدية لأن فعل الأسد والحية فعل واحد لكونه هدر في الدنيا والآخرة .
وفعله بنفسه هدر في الدنيا معتبر في الآخرة حتى يأثم عليه ويعاقب به يوم القيامة أمام الله تعالى وعند الإمام أبي حنفية C تعالى والإمام محمد يغسل الميت ويصلى عليه وندع أمره إلى الله تعالى يحاسبه وعند أبي يوسف C يغسل من شج نفسه ولا تجب الصلاة عليه لأنه قاتل نفسه .
فالشرع لم يجعل دمه هدرا مطلقا كالمرتد مثلا وجعله جنسا آخر وفعل الأجنبي معتبر في الدنيا والآخرة فصارت ثلاثة أجناس فكأن النفس تلفت بثلاثة أفعال فيكون التالف بفعل كل واحد ثلثه فيجب على الرجل الأجنبي ثلث الدية من ماله خاصة ويسقط الباقي لأنه هدر