الشافعية والحنفية - قالوا : لا قطع في أكل الفاكهة على الشجر والزرع الذي لم يحصد لعدم الإحراز ولا الجمار ولقوله A : ( لا قطع في ثمر ولا كثر ) قال محمد : الثمر ما كان على رؤوس النخل والكثر : الجمار . وقال E : ( إني لا أقطع في الطعام ) وذكره عبد الحق ولم يعد بغير الإرسال وهو ليس بعلة عندهم .
المالكية - قالوا : يجب القطع في الفاكهة المعلقة على الشجر إذا كان له حرز لما روي أن سيدنا عثمان بن عفان قطع من سرق ثمرة ( أترجة ) ووافقه الصحابة على ذلك ولآنه مال متقوم وكذلك الثمر الرطب إذا كان محرزا مراعان لحرمة المال .
الحنابلة - قالوا : يجب أن يقوم قيمته مرتين - والأئمة الثلاثة قالوا : يجب على السارق قيمة الثمار فقط . الشافعية - قالوا : لا يقطع في الثمر الرطب إذا كان غير محرز اما إذا كان الثمر في بيت أو في حرز فإنه يقطع فيه .
سرقة الإشربة المحرمة .
اتفق الأئمة بأنه لا يجب القطع في سرقة الأشربة المسكرة مثل الخمر والأنبذة والخل وغيرها ولأن السارق يتأول في تناولها قصد الاراقة ولأن بعضها ليس بمال مقوم فتتحقق شبهة عدم المالية فلا يقطع ولا يقطع في سرقة مال غير محترم مثل الخنزير وجلد الميتة قبل دبغها وآلات الطرب ولو كانت لمشرك ولو بلغ ثمنها نصابا وبعد كسرها وكذلك لا يقطع فيها وأما بعد ذبحها فلا قطع لخروجها لله بالزبح ولو سرق قدر نصاب من لحمها أو جلدها الذي ملكه الفقير بصدقة أو هبة فإنه يقطع فيه .
الحنفية والشافعية والحنابلة - قالوا : من سرق الخمر أو الخنزير لا يغرم بقيمتها لنها ليست بمال وإن كانت ملكا لكافر أو مسلم لأن مسلم لأن العلماء اختلفوا في تقومه ولأن السارق يحمل حاله على أنه يتأول فيها الإراقة فتثبت شبهة الإباحة بإزالة المنكر ولأنه مما لا يتمول . المالكية - قالوا : إذا سرق الخمر أو الخنزير إن كان مالكها ذميا فإن السارق يغرم بدفع قيمتها إليه أو ورد عينها إن كانت قائمة لأنه مال متقوم عندهم وأما إن كانت لمسلم فلا . المالكية والشافعية والحنابلة - قالوا : إن سرق آلات الطرب فلا قطع عليه ولا غرامة سواء كانت ملكا لمسلم أو غير مسلم لأنها غير متمولة ومنهي عن حيازتها واستعمالها . الحنفية - قالوا : إن آلات الطرب لا يضمن قيمتها إن كانت تستعمل للهو اما إذا كانت هذه الآلات والمعازف لا تستعمل في اللهو فإنه يضمن قيمتها لصاحبها لأنه يجوز استعمال أصله وقال بعضهم : إن كان مما يجوز اتخاذ اصله وبيعه فصنع منه ما لا يجوز استعماله كالطنبور والملاهي والعود والمزمار وماشبهه من آلات الطرب واللهو فينظر فيها فإن كان يبقى منها بعد فساد صورها وإذهاب المنفعة المقصودة بها ربع دينار فأكثر يقطع السارق وكذلك الحكم في أواني الذهب والفضة التي لا يجوز استعمالها ويؤمر بكسرها فإنما يقوم ما فيها منذهب أو فضة دون صنعة وكذلك سرقة الصليب من ذهب أو فضة والزيت النجس إن كانت قيمته على نجاسته نصابا قطع فيه وإلا فلا وكذلك حكم سرقة النرد والشطرنج وآلات الميسر المحرمة .
سرقة المصاحف وكتب العلم والأدب : .
الحنفية - قالوا : إذا سرق المصحف لا يقطع فيه وإن كانت قيمته تبلغ نصابا وإن كان محلى بالذهب لأنه يتأول فيه القراءة ولأن الإحراز لأجل المتكتوب ولا مالية له وما وراءه تبع له كالجلد والورق والحلية . ولا عبرة للتبع - لأن الأصل أنه متى اجتمع ما يجب فيه القطه وما لا يجب لا يقطه لأنه اجتمع فيه دليلا القطع وعدمه فأورث شبهة وكذلك لا يقطع في سرقة كتب العلم والدين لنه يتأول قراءتها لن المقصود منها ما فيها من العلم وهو ليس بمال ولو سرق الجلد والورق قبل الكتابة قطع لأنه سلعة مقومة بمال . واما كتب الشعر والأدب ودفاتر الحساب فإن كان ما فيها من الجلد والكواغد تبلغ نصابا قبل الكتابة قطع وإلا فلا . الشافعية - قالوا : يقطع سارق المصحف وكتب العلم الشرعي وما يتعلق به لأنه مال متقوم حتى يجوز بيعه وتجارته وحيازته وكذلك كتب الأدب والشعر النافع فإن لم يكن نافعا مباحا قوم الورق والجلد فإن بلغا نصابا قطع وإلا فلا وبه قال أبو ثور وأبن القاسم وأبن المنذر لأنه مال له اعتبار . وقال أبو يوسف من الحنفية : إذا كان المصحف محلى بذهب وبلغت الحلية نصابا فإنه يقطع لآنها ليست من المصحف .
هل يقطع النباش : وقد اختلف الأئمة في قبر الميت أهو حرز للكفن ام لا ؟ . الحنفية - قالوا : إن القبر ليس بحرز لغير الكفن فلا يكون حرزا لكفن فلا يقطع النباش لأن السارق أخذ مالا من غير حرز معرضا للتلف لا مالك له لأن الميت لا يملك وهو قول أبن عباسن والثوري والأوزاعي ومكحول والزهري وذللك لأن القبر حفرة في الصحراء مأذون للعموم في المرور به ليلا ونهارا ولا غلق عليه ولا حارس متصد لحفظه فلم يبق إلا مجرد دعوى أنه حرز تسمية ادعائية بلا معنى وهو ممنوع ولزوم التضييع لو لم يكن حرزا ممنوع بل لو لم يكن مصروفا إلى حاجة الميت . والصرف إلى الحاجة ليس تضييعا فلذا لا يضمن ولو سلم فلا ينزل عن ان يكون في حرزيته شبهة وبه ينتفي القطع ويبقى ثبوت الشبهة في كونه مملوكا وفي ثبوت الخلل في المقصود منشرعية الحد فكل منهما يوجب الدرء أما الأول فلأن الكفن غير مملوك لأحد لاللميت ولذا يقطع بسرقة التركة المستغرقة لنها ملك للغريم حت كان له أن يأخذها بحقه فإن صح ما قلنا : من أه لا ملك فيه لحد لم يقطع وإلا فتحققت شبهة في مملوكيته بقولنا فلا يقطع به أيضا وأما الاستدلال بتسميته بيتا فابعد لأن إطلاقه إما مجازا فإن البيت ما يحوطه أربع حوائط توضع للبيت وليس للغبر كذلك على أن حقيقة البيت لا يستلزم الحرز فقد بصدق مع عدم الحرز أصلا كالمسجد . والشافعية المالكية والحنابلة والإمام أبو يوسف - قالوا : يجب القطع على الذي يسرق أكفان الموتى وهو مذهب عمر وأبن مسعود وعائشة رضي الله تعالى عنهم ومنالعلماء أبو ثور والحسن والشعبي وقتادة وحماد والنخعي . ثم قالوا : إن الكفن الذي يقطع به ماكان مشروعا فلا يقطع في الزائد على كفن السنة وكذا ما ترك معه من طيب أو مال أو ذهب وغيره لأنه تضييع وسفه فليس محرزا . واحتجوا على مذهبهم بما روي عن النبي A أنه قال : ( من نبش قطعناه ) وهو حديث منكر وإنما أخرجه البيهقي .
وما روي عن الرسول A قوله : ( لا قطع على المختيفي ) قال : وهو النباش بلغة أهل المدينة أي بعرفهم . وأما الآثار فقال أبن المنذر : روي عن أبن الزبير أنه قطع نباشا وهو ضعيف . وما روي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه وجد قوما يختفون القبور باليمن على عهد عمر بن الخطاب Bه فكتب فيهم إلى عمر Bه فكتب عمر أن اقطع ايديهم . وما روي عن الزهري أنه قال : أتي مروان بقوم يختفون - أي ينبشون القبور - فضربهم ونفاهم والصحابة متوافرون رضوان الله عليهم . وما روي عن الزهري أيضا قال : أخذ نباش في زمن معاوية وكان مروان على المدينة فسأل من بحضرته من الصحابة والفقهاء فأجمع رأيهم على أن يضرب ويطاف . وام من جهة المعنى فلأن الكفن مال متقوم محرز يحرز مثله فإن القبر حرز للميت وثيابه تبع له فيكون حرزا له أيضا فيقطع من يسرقه ولأنه لا يجوز ترك الميت عاريا فصارت هذه الحاجة قاضية بأن القبر حرز . وقد سمى النبي A القبر بيتا في حديث أبي ذر حيث قال له النبي A : ( كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون الموت فيه بالوصيف - يعني القبر - قلت : الله ورسوله أعلم أو ما خار الله لي ورسوله قال A : عليك بالصبر ) . وقد بوب أبو داود عليه قال : باب قطع النباش قال أبن المنذر : واستدل به أبو داود لأنه سمى القبر بيتا والبيت حرز والسارق من الحرز يقطع بلا خلاف ولأنه حرز مثله لأن حرز كل شيء ما يليق به فحرز الدواب بالإصطبل وحرز الدرة بالحق والصندوق والخزينة والشاة بالحظيرة فلا يقطع فكان أخذا الكفن من القبر عين السرقة ولأن الله تعالى جعل الأرض للإنسان ليسكن فيها حيا ويدفن فيها ميتا وهذا إذا كان القبر في صحراء أما إذا كان القبر داخل بيت عليه باب مفاق كما هو الحال في أموات القاهرة وأن كل أسرة تختص بمكان متسع مبني يقال له : ( حوش ) وبداخله قبور الموتى ويغلق عليهم فقال بعض العلماء : يقطع السارق لأكفان الموتى من دار هذا المبنى لوجود الحرز وهو الباب والغلق . الحنفية - قالوا : لا يقطع ايضا في هذه الحال وإن كان الحرز موجودا للموانع الأخرى من نقصان المالية وعدم الملوكية ولأن المال ما يجري فيه الرغبة والضنة به والكفن ينغر عنه كل من علم أنه كفن به ميت إلا نادرا من الناس ولن شرع الحد للأنزجار والحاجة إليه لما يكثر وجوده فأما ما يندر فلا يشرع فيه وكذلك الخلاف إذا سرق من تابوت في القافلة وفيه الميت .
الحنفية - قالوا : لو اعتاد لص سرقة أكفان الموتى فللإمام أن يقطعه سياسة لا حدا وهو محمول على ما رووه من الأحاديث والآثار إن صحت . اتفق الأئمة على أن القطع لا يكون إلا على من أخرج من حرز ما يجب فيه القطع من المال . فإذا جمع الثايب في البيت ثم ضبط قبل أن يحملها فلا قطع عليه وكذلك إذا شعر به أهل الدار فترك المتاع بعد حزمه وهرب ثم ضبط خارح الدار ولم يكن معه مسروقان فلا قطع عليه لأن الدار كلها حرز واحد ولكن للحاكم أن يعزره في هذه الحال بما يراه من السجن والغرامة والضرب وغير ذلك .
إذا سرق مسلم من مستأمن .
الحنفية - قالوا : لو سرق مسلم نصابا من مال مستأمن فلا يجب على السارق القطع لأن هذا المال في الأصل ملك للحربي ومال الحربي غنيمة لا يقطع بسرقته . الشافعية والمالكية والحنابلة - قالوا : إذا سرق مسلم مقدار نصاب من مال ملك لرجل مستأمن يجب القطع على السارق لأنه مال محرز مملكوك للمستأمن فتجري عليه أحكام أهل الذمة وأهل الإسلام ما دام في بلادنا .
إذا سرق مستأمن أو معاهد .
المالكية والحنابلة - قالوا : إذا سرق مستأمن أو معاهد من مال مسلم أو ذمي وجب عليهما القطع . الحنفية - قالوا : أنه لا يجب القطع عليهما فإنه ربما يكون لنا أسرى في بلاد الحرب عند الأعداء فينتقمون منهم بسبب قطعنا للمعاهد والمستأمن فيترك القطع مراعاة للمصلحة العامة ولن شريعة الإسلام لا تطبق عليهم . الشافعية - قالوا : إذا سرق معاهد أو مستأمن مال مسلم أو ذمي أو معاهد فأرجح الأقوال : ان شرط عليه في عهده قطعه بالسرقة يجب القطع لا لتزامه وإلا فلا يقطع لعدم التزامه . وقالوا : إن الأظهر عند الجمهور أنه لا يجب القطع عليهما بالسرقة .
إذا سرق مسلم مال ذمي .
الأئمة رحمهم الله قالوا : يقطع المسلم إذا سرق من مال ذمي على المشهور لأنه معصوم بذمته وقيل : لا يقطع كما أنه لا يقتله . وأما الذمي فأنه يقطع إذا سرق نصابا من مال مسلم أو مال ذمي مثله لا لتزامه الأحكام الإسلامية سواء أرضي بحكمنا أم لا لن الدين أمرنا بذلك . واتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أنه - لا يجب القطع على الفقير الذي سرق طعاما من مسلم أو ذمي وذلك في زمن القحط والبؤس وانتشار الغلاء لأنه عذر يمنع القطع ولا يقطع صبي ولا مجنونن ولا مكره - إذا سرق واحد منهم مقدار نصاب من حرز لرفع القلم عنهم ولا على حربي لعدم التزامه بأحكامنا ولا على أعجمي جهل التحريم .
سرقة آلات اللهو .
الحنفية والمالكية قالوا : لا يجب القطع على من سرق صليبا من الذهب والفضة ولا على من سرق تمثالا من الذهب أو الفضة أيضا ولا على من سرق الشطرنج ولو كانت قطعة من الذهب ولا على من سرق النرد ولا الطاولة ولو بلغ ثمنها نصابا ولا على من سق آلات الطرب واللهو إذا كانت تستعمل للهو والرقص والمنكر ولا على من سرق آلات القمار ولعب الميسر لأن الشرع قد أباح للمسلم أخذها للكسر لأنه مطالب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فصارت شبهة تمنع إقامة الحد عليه والكن يجب عليه ضمان مافيه من المالية وكذلك الحكم في أواني الذهب والفضة الي لا يجوز استعمالها ويؤمر كسرها . وقال أبو يوسف : إن كان الصليب في معابد النصارى لا يجب عليع القطع بسرقته لعدم الحرز لأنه بيت مأذون في دخوله وإن كان في يد رجل في حرز لا شبهة فيه يقطع لأنه قد سرق مالا ملكا للغير محرزا على الكمال من غير وجود شبهة تدرأ الحد . المالكية والحنابلة والشافعية - قالوا : لا قطع على من سرق آلات الطرب مثل الطنبور والمزمار والعود والكما وغيرها ولا عقطع على من سرق الصليب والصنم ولو كانا من ذهب أو فضة وكذلك سرقة الشطرنج وآلات لعب القمار والميسر لأن الشرع الحكيم حث الناس على كسرها وإتلافها محاربة للمنكر ووسائله . ولأن التوصل إلى إزالة المعصية مندوب إليه فصار شبهة في درء الحد كإراقة الخمر . الشافعية في الرأي الثاني قالوا : إن بلغ ما كسره نصابا قطع لأنه سرق نصابا من حرزه وكذلك إذا سرق ما لا يحل الانتفاع به من الكتب فإنه يقطه إذا كان الجلد والقرطاس يبلغ ثمنه نصابا وكذلك الزيت النجس إن كانت قيمته على نجاسته نصابا قطع فيه وذكروا أن محل الخلاف إذا لم يعصد المسلم التغيير أما إذا كان يقصد بعمله وإخراجه التغيير ومحاربة المنكرات فلا قطع عليه قطعا لأن الشرع أباح له ذلك . ولا قطع إذا كانت هذه الأشياء ملكا لمسلم لأنه منهي بالشرع عن إحرازها فإن كانت ملكا لذمي يجب القطع قطعا إذا بلغ ثمنه نصابا .
ولو كسر إناء الخمر أو الطنبور ونحوه في الحرز ثم أخرجه منه مكسرا وجب القطع إن بلغ نصابا لأنه قصد السرقة من غير شبهة في ذلك وهو مال مقوم محرز )