فقد ذهب الصحابة رضوان الله عليهم إلى أن الإمام وإن كانت له الرسالة العظمى فعليه أن لا يتلف بها أحدا من غير إقامة حد فإن تلف ضمن . وكان المأثم مرفوعا عنه . لأنه مأذون في التأديب على الذنوب التي لا حد فيها وفي حالة إقامة الحد يكون الضرب مؤلما غير جارح ولا مهلك .
الحنفية - قالوا : لا ضمان على الشهود لأن الواجب بشهاداتهم هو الضرب غير المهلك ولا على القاضي لأنه لم يقض بالضرب المهلك بل يقتصر على الجلاد إلا إنه لا يجب عليه الضمان في الصحيح لأنه لم يتعمده وإذا لا يجب الضمان أصلا .
خطأ الإمام في إقامة الحدود .
واختلف العلماء فيما إذا حصل خطاء في حكم القاضي في الحدود والقصاص .
الحنفية - قالوا : ارش الخطأ والدية تكون في بيت مال المسلمين في حالة الخطأ ولا غرامة على القاضي لأنه اجتهد فأخطأ فلا ذنب عليه - روي أن الإمام عليا كرم الله وجهه قال : ما أحد يوت في حد فأجد في نفسي منه شيئا لأن الحق قتله إلا من مات في حد الخمر فإنه شيء رأيناه بعد النبي A فمن مات فيه فديته إما على بيت المال وأما على الإمام - شك من الرواي .
المالكية - قالوا : إذا مات الشخص في حد من حدود الله فدمه هدر ولا ضمان فيه على أحد .
الشافعية والحنابلة - قالوا : روايتان عنهما - إحداهما - أن الضمان في هذه الحالة على بين المال ولا شيء على عائلة القاضي . والرواية الثانية : أن ضمان الدية تكون على القاضي وعائلته ولا يذهب ماله هدرا لأن القاضي مكلف بالمحافظة على أرواح الناس في حالة إقامة الحد مثل قطع اليد في السرقة فيجب عليه ألا يتعدى المكان وأن يحسم الدم بأن يغمس في الزيت المغلي ولا يضرب المجلود ضربا مبرحا يفضي إلى التلف ولذلك يجب عليه الدية . لأن عمله أفضى إلى الموت فهو متسبب كالذي ضرب صيدا فأصاب إنسانا . فتجب عليه الدية لأنه أخطأ في ضرب سهمه .
رجوع شهود الزنا والإحصان .
إذا شهد أربعة بالزنا على رجل وشهد اثنان بالإحصان فأقام الحاكم الحد عليه ثم رجع الجميع في شهادتهم شهود الزنا - وشهود الإحصان .
الحنفية - قالوا : تجب الدية على شهود الزنا الأربعة فقط ولا ضمان على شهود الإحصان .
الشافعية - قالوا : الدية تجب أثلاثا - الثلثان على شهود الزنا والثلث على شهود الإحصان .
الحنابلة - قالوا : الدية تجب عليهم نصفان على شهود الزنا النصف وعلى شاهدي احصان النصف الآخر لأن الحد إنما تم بشهادتهم جميعا فلو شهدوا بالزنا ولم يشهد عليه بالإحصان جلد فشهادة الإحصان هي التي تسببت في قتله ظلما من غير وجه حق . فيضمون معا مناصفة .
المالكية - قالوا : فيه روايتان - أظهرهما أن الدية على شهود الزنا فقط مثل الحنفية وفي رواية عنهم : الدية مناصفة مثل قول الحنابلة .
فائدة .
اتفقت كلمة العلماء على أن غير الإمام لا يجوز له أن يقيم الحد لقوله تعالى : { فاجلدوهم } فقد أجمعت الأمة على أن المخاطب بذلك هو الإمام ثم احتجوا بهذا على وجوب نصب الإمام لأنه سبحانه أمر بإقامة الحد وأجمعوا على أنه لا يتولى إقامته إلا الإمام واجبا .
وإذا فقد الإمام فليس لآحد الناس إقامة هذه الحدود بل الأولى أن يعينوا واحدا من الصالحين للحكم يقوم به .
الشهادة على الشهادة .
الحنفية والمالكية والحنابلة وفي رأي عند الشافعية - قالوا : إذا شهد أربعة على شهادة أربعة رجل بالزنا لم يحد لما فيها من زيادة شبهة لتحققها في موضعين تحميل الأصول وفي نقل الفروع وإن كان الشرع اعتبر الشهادة على الشهادة وألزم القضاء بموجبها في المال لكنها ضعيفة ولا يلزم من اعتبارها في الجملة اعتبارها في كل موضع كشهادة النساء فإنها معتبرة صحيحة في ذلك وليست معتبرة في الحدود ولزيادة شبهة فيها فالشهادة مع زيادة مثل تلك الشبهة معتبرة إلا في الحدود وسببه أن يحتاط في درئها فكان الاحتياط رد ما كان كذلك ولأنها بدل واعتبار البدل في موضع يحتاط في إثباته لا فيما يحتاط في إبطاله .
الشافعية وفي رأي آخر - قالوا : إن الشهادة على الشهادة تقبل ويقام الحد بها إذا تكاملت شروطها