- أما حد الزنا فقد فرقت الشريعة فيه بين الذي تزوج والذي لم يتزوج فشددت العقوبة على الأول لأنه عرف معنى الزوجية وقدر قيمة العدوان على العرض حق قدره فكان جزاؤه الإعدام ( 1 ) .
ولا ريب أنه جزاء يناسب هذه الجريمة مناسبة تامة لأن العدوان على العرض بهذه الصورة الشنيعة كالعدوان على النفس بل ربما فضل الغيور على عرضه قتله على الزنا بحليلة أو محرمة ( 2 ) .
تعريف المحصن .
- 1 - اتفق الأئمة على أن من شرائط الإحصان .
- 2 - الحرية .
- 3 - البلوغ .
- 4 - العقل .
- 4 - أن يكون متزوجا بامرأة محصنة مثل حاله بعقد صحيح .
- 5 - وأن يكون دخل بها ووطئها في حالة جاز فيها الوطء وهما على صفة الإحصان .
فلا يقام الحد على عبد ولا على صبي ولا مجنون ولا غير متزوج زواجا صحيحا كما وصفنا ولو وطئ زوجته في الدبر فليس بمحصن أو وطئ جاريته في القبل فليس بمحصن أو وطئ في نكاح فاسد كأن تزوجها بلا ولي أو بلا شهود فليس بمحصن أو وطئ زوجته وهو عبد ثم عتق أو كان صبيا ثم بلغ أو كان مجنونا ثم أفاق .
وانما اشترط الوطء في نكاح صحيح لأنه به قضي الواطئ والموطوءة شهوتهما فحقه ان يمتنع عن الحرام - واعتبر وقوعه حال الكمال لأنه مختص بأهل الحالات وهو النكاح الصحيح فاعتبر حصوله من كامل حتى لا يرجم من وطيء وهو ناقص ثم زنا وهو كامل بل يرجم من كان كاملا في الحالين .
واختلف الفقهاء في شرط الاسلام في الاحصان .
الحنفية والمالكية - قالوا : ان الاسلام من شروط الإحصان لأن الاحصان فضيلة ولا فضيلة مع عدم الاسلام ولقول الرسول A ( من اشرك بالله فليس بمحصن ) ولأن إقامة الحد طهارة من الذنب والمشرك لا يطهر إلا في نار جهنم - والعياذ بالله .
الشافعية والحنابلة - قالوا : إن الاسلام ليس بشرط في الإحصان لأن الرسول A رجم .
اليهودية واليهودي اللذين زنيا في عهده حينا رفع اليهود امرهم اليه كما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر وهو حديث متفق عليه .
اتفق الفقهاء على وجوب شروط الإحصان في المرأة المزني بها مثل الرجل في الاتفاق والخلف فإذا توفرة شروط الاحصان في احد الزوجين دون الاخر ففيه خلاف .
الحنفية والحنابلة - قالوا : لا يثبت الإحصان لواحد منهما فلا يرجمان بل يجلدان .
الشافعية والمالكية - قالوا : يثبت الإحصان لمن تتوافر فيه الشروط فيرجم ويسقط الإحصان عمن لاتتوافر فيه هذه الشروط فإن زنيا كان الجلد في حق من لم يثبت له الإحصان الرجم إلى من يثبت له الإحصان واستدلوا على مذهبهم بما خرجه أهل الصحاح عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهمي انهما قلا إن رجلا من اهل الأعراب اتىالنبي A فقال يارسول الله أنشدك الله إلاقضيت لي بكتاب الله فقال الخصم وهو أفقه منه : نعم اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم فقال النبي A : قل فقال إن ابني كان عسيفا عند هذا فزنا بامرأته وإني اخبرت أن على ابني الرجم فافتديه بمائة شاة ووليذة فسأت اهل العلم فأخبروني انما على ابني جلد مائة وتغريب عام وعلى امرأة هذا الرجم فقال رسول الله A ( والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس - امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها أنيس اعترفت فأمر النبي A بها فرجمت ) .
إقامة الحد على المحصن .
( 1 ) اتفق الأئمة على ان من كملت فيه شروط الإحصان ثم زنا بامرأة قد كملت غيها شروط الإحصان بأن كانت حرة بالغة عفلة مدخولا بها في نكاح صحيح وهي مسلمة - فهما زانيان محصنان يجب على كل واحد منهما الرجم حتى الموت لقول الرسول الله A ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته نكالا من الله حديث متفق عليه .
وقل النبي A ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) كما ورد في الصحيحين عن عائشة Bها وأبي هريرة وابن مسعود Bهما .
ولما روي عن النبي أنه قال : ( إن الرجم حق في كتاب الله إلى من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة او كان الحمل او الإعتراف ) حديث متفق عليه .
ولأن النبي A رجم ماعزا ورجم الخامدية وغيرهما ولإن الخلفاء الراشدون أقاموا حد الرجم بلإجماع من غير نكير من واحد منهم فحد الرجم ثابت بالأحاديث المتواترة وفعل الرسول الله A وإجماع الأمة . وثابت بالكتاب على رأي من يقول ان حديث الردم كان آية من القرآن ثم نسخت وبقي حكمها