- يشترط لوجوب النفقة على الزوج شروط مفصلة في المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : يشترط لوجوب النفقة على الزوج شروط : أحدهما أن يكون العقد صحيحا فلو عقد عليها فاسدا أو باطلا وأنفق عليها ثم ظهر فساد العقد أو بطلانه فإن له الحق في الرجوع عليها بما أنفقه وذك لأن النفقة إنما تجب على الرجل في نظير حبس المرأة وقصرها عليه والمعقود عليها عقدا فاسدا لا حبس له عليها فإن قلت : إنه إذا وطئها بعقد فاسد فإنها تعتد منه وتكون - وهي في العدة - محبوسة عليه فهل تجب لها نفقة العدة في نظير ذلك الحبس ؟ الجواب : كلا فإن حبسها في هذه الحالة لم يكن بسبب العقد وإنما ثبت لتحصين الماء والمحافظة على الولد فلا تجب لها نفقة على أي حال ومن ذلك ما إذا غاب عنها زوجها فتزوجت بزوج آخر ودخل بها ثم حضر زوجها الغائب فإن نكاحها الثاني يكون فاسدا ويفرق القاضي بينهما وتجب عليه العدة بالوطء الفاسد ولا نفقة لها على الزوج الثاني وإذا تزوجت برجل وهي معتدة من غيره ودخل بها ثم فرق القاضي بينهما كان لها نفقة العدة على الزوج الأول .
الشرط الثاني : أن تكون الزوجة مطيقة للوطء منه أو من غيره ولا يشترط لذلك سن خاص بل يقدر بحسب حال الزوجة إذ قد تكون صغيرة بدينة تطيق وقد تكون كبيرة هزيلة لا تطيق فإذا كانت صغيرة تطيق الوطء وسلمت نفسها فإن النفقة تجب على الزوج ولو كان صغيرا لا يعرف الوطء ثم إن النفقة في هذه الحالة تجب في مال الصغيرة لا في مال الأب فإن لم يكن للصغير مال فإن الأب لا يلزم بالإنفاق على زوجته ولكن يلزم بالاستدانة والإنفاق ثم عند بلوغ الصغير ويساره يرجع عليه بما أنفق على أنه لا يصح للأب أن يزوج ابنه الصغير الذي لا يشتهي إذا كان معروفا بسوء الاختيار وقد تقدم في مباحث الولي تحرير هذا . في صحيفة 33 ، فارجع إليه ويجب لها النفقة أيضا إذا كانت تشتهى للمباشرة والتلذذ بها في غير الفرج ولو لم تطق الجماع في الفرج كما إذا كانت رتقاء أو قرناء فإذا لم تطق الوطء ولم تصلح للاستمتاع بها فإذا كانت تصلح للخدمة والاستئناس بها وأمسكها في بيته فإن النفقة تجب لها .
الشرط الثالث : أن تسل نفسها وإلا كانت ناشزة فلا تجب لها نفقة .
والناشزة هي التي تخرج من بيت زوجها بدون إذنه بغير حق أو تمتنع من تسليم نفسها إليه فلا تدخل داره أما إذا لم تطاوعه في الجماع فإن هذا وإن كان حراما عليها ولكن لا تسقط به نفقتها لأن الحبس الذي تستحق به النفقة موجود . وإن كانت في منزل مملوك لها ومنعته من الدخول عليها فإنها تكون ناشزة بذلك فإذا خرجت بغير إذنه أو سافرت بغير إذنه ثم عادت ثانيا فإن النفقة تعود لها وقولنا : بغير حق خرج به ما إذا خرجت أو منعت نفسها بحق وذلك فيما إذا لم يقبضها جميع صداقها المقدم . أو خرجت لزيارة أبويها ونحو ذلك مما هو موضح في مباحث المهر بصحيفة 143 .
الشرط الرابع : أن لا تكون مرتدة فإذا ارتدت سقطت نفقتها كما بيناه في مباحث الردة صحيفة 202 وهذا بخلاف ما إذا كانت ذمية تحت مسلم فإنها تجب لها النفقة سواء كانت نفقة زوجية أو عدة فإذا تابت المرتدة وأسلمت وهي في العدة فإن نفقتها لا تعود بخلاف الناشزة وذلك لأن ردتها ترتب عليها فرقة جاءت من قبلها فأبطلت نفقتها ومتى بطلت النفقة بالفرقة فإنها تعود بخلاف النشوز فإنه أمر عرضي يوقف النفقة ولا يبطلها . فإذا كانت مطلقة وخرجت بدون إذنه وهي في العدة . فإن نفقتها لم تبطل بالنشوز فإذا عادت إلى الطاعة عادت لها النفقة وإذا طلق امرأته وارتدت وهي في العدة سقطت نفقة عدتها ولو عادت وأسلمت فإن نفقتها لا تعود .
الشرط الخامس : أن لا تفعل ما يوجب حرمة المصاهرة فلو طاوعت ابن زوجها أو أب زوجها ومكنته من نفسها أو لمسته بشهوة فإنها تبين منه ولا نفقة لها عليه لما علمت بأنها فعلت ما يوجب الفرقة فكانت فرقة من قبلها مبطلة للنفقة فإن كانت مطلقة وفعلت ذلك في العدة . فإن كانت معتدة عن طلاق رجعي فإن نفقتها تسقط أما إذا كانت معتدة عن طلاق بائن أو عن فسخ بدون طلاق فإن لها النفقة والسكنى .
الشرط السادس : أن لا تكون معتدة عدة وفاة كما يأتي في نفقة العدة .
الشرط السابع : إذا كانت أمة يشترط فيها أن تكون مبوأة ومعنى هذا أنه إذا تزوج شخص أمة مملوكة للغير فإن نفقتها لا تجب على الزوج إلا إذا بوأها السيد بيتا خاصا بها وبزوجها بمعنى أنه أعد لها مكانا خاصا بها هي وزوجها ولم يستخدمها فيه فلو طلقها زوجها فاستولى عليها سيدها فإن نفقة عدتها تسقط .
والحاصل أنه لا نفقة لإحدى عشرة امرأة : .
( 1 ) الناشزة ( 2 ) المرتدة ( 3 ) مطاوعة ابنه أو أبيه أو مقبلته بشهوة أو نحو ذلك مما يوجب حرمة المصاهرة ( 4 ) معتدة الوفاة ( 5 ) المعقود عليها عقدا فاسدا والموطوءة بشبهة ( 6 ) الصغيرة التي لا تطيق الوطء ( 7 ) المسجونة ولو ظلما إذا حيل بينه وبينها ( 8 ) المريضة إذا لم تزف فإذا تزوج امرأة ولم يدخل بها ثم مرضت مرضا لا تستطيع منه الانتقال إلى دار زوجها على أي حال لانعدام تسليم نفسها في هذه الحالة أما إذا مرضت في دار زوجها مرضا شديدا فإن عليه نفقتها ( 9 ) المغصوبة فلو غصب شخص زوجة الآخر لا تجب على الزوج نفقتها على التحقيق ( 10 ) الحاجة فإذا خرجت لحج الفريضة مع محرم فإن لها ذلك ولو بدون إذنه لكن لا نفقة لها عليه لعدم احتباسها إلا إذا خرج معها حاجا فإن عليه نفقة الحضر لا السفر فيجب عليها أن تنفق أجرة الجمال والبواخر وغير ذلك ويجب عليه إطعامها وكسوتها وما يتعلق بذلك ولا يحل لها أن تسافر مع غير محرم ( 11 ) الأمة التي لم تبوأ مكانا خاصا بها هي وزوجها .
وبهذا تعلم أن مدار شروط النفقة على حبس المرأة بمنزل زوجها بالفعل أو بالقوة فلا يشترطون لوجوب النفقة الدخول كما لا يشترطون مطالبة الزوج بالدخول . إنما الشرط أن لا تمتنع عن تسليم نفسها عند طلبه ما دامت قبضت جميع مقدم صداقها وأيضا لا يشترطون تمكينه من الوطء عند طلبه ما دامت محبوسة في داره فلا تخرج إلا بإذنه ولا يشترطون أن لا يكون لها مانع يمنع الوطء كرتق ونحوه كما إذا كانت عجوزا غير صالحة للوطء ومثلها المجنونة إذا سلمت له نفسها ومنعته من الوطء وكذا لا يشترطون كون الزوج بالغا .
المالكية - قالوا : تنقسم شروط وجوب النفقة للزوجة على زوجها إلى قسمين : شروط لوجوبها قبل الدخول وشروط لوجوبها بعد الدخول فيشترط لوجوبها قبل الدخول أربعة شروط : .
الأول : أن تدعوه الزوجة أو وليها المجبر إلى الدخول فلم يدخل فإذا لم تدعه إلى الدخول فلا حق لها في النفقة .
الثاني : أن تكون مطيقة للوطء فإذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء فإنه لا تجب عيها نفقتها إلا إذا دخل بها ولا يجب عليه الدخول إذا دعته ولا يجبر عليه راجع صحيفة 142 : وما بعدها . الثالث : أن لا تكون مريضة مرضا شديدا بحيث أصبحت في حالة النزع أو كان هو مريضا كذلك وإلا فلا نفقة لها .
الرابع : أن يكون الزوج بالغا فلو كان الزوج صغيرا فإن نفقتها لا تجب عليه ولو كان قادرا على وطئها فهذه الشروط إنما تشترط لوجوب النفقة على الزوج قبل الدخول أما بعد الدخول فإن النفقة تجب عليه سواء كانت الزوجة تطيق الوطء أو لا وسواء كانت مريضة مرض الموت أو لا وسواء كان بالغا أو لا وهذا هو الظاهر وبعضهم يقول : انها شروط لوجوب النفقة مطلقا فلا تجب على الصغير ولو دخل بها ووطئها وكما لا تجب على الكبير إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء ومثل ذلك المريضة التي بلغت حد النزع فإنه لا نفقة لها في هذه الحالة ويشترط لوجوبها بعد الدخول أن تمكنه من الوطء بحيث إذا طلبه منها لا تمتنع وإلا فلا حق لها في النفقة وأن تكون سليمة من عيوب النكاح كالرتق ونحوه فإذا كانت كذلك فلا حق لها في النفقة إلا إذا تلذذ بها بغير الوطء وكان عالما بالعيب فإن النفقة تجب عليه في هذه الحالة .
الشافعية - قالوا : يشترط لوجوب النفقة على الزوج شروط : أحدها أن تمكنه من نفسها وذلك بأن تعرض نفسها عليه كأن تقول : إني مسلمة نفسي إليك . فإن لم يكن حاضرا عندها بعثت إليه تقول : إنني مسلمة نفسي إليك فاختر وقتا أجيء فيه إليك أو تجيء إلي أو نحو ذلك فإن لم يكن حاضرا في البلد أنذرته بواسطة فإن لم يحضر بعد ذلك كان لها الحق في النفقة .
والحاصل أن عليها أن تخطره بأنها مستعدة لاجتماعها به ودخوله عليها كما يشاء فإذا لم تخطره بذلك فإنها لا حق لها في النفقة حتى ولو كانت لا تمتنع إذا طلبها فالشرط في وجوب النفقة أن تخطره بأنها مستعدة لتمكنه من نفسها متى شاء ويجب أن تمكنه من نفسها في أي وقت يحب فإذا كان لها عمل بالنهار لا يتمكن منها فيه فإن نفقتها لا تجب عليه فإذا كانت صغيرة أو مجنونة عرضها لوليها .
ثانيها : أن تكون مطيقة للوطء فإذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء فإنها لا تستحق النفقة سواء كان زوجها بالغا يريد الوطء أو صغيرا لا يطأ وإذا كان صغيرا فإن النفقة لا تجب عليه إلا إذا سلمت الزوجة لوليه وكذا إذا كان مجنونا فإن النفقة لا تجب عليه إلا إذا سلمت زوجته للولي فلو استمتع المجنون بها بدون أن يستلمها وليه فلا نفقة عليه بذلك وبعضهم يقول : إذا كان الزوج صغيرا لا يطأ مثله وكانت الزوجة صغيرة لا تطيق الوطء فإن نفقتها تجب وذلك لأن المانع منهما معا لا من الزوجة وحدها بخلاف ما إذا كان الزوج كبيرا وهي صغيرة لا تطيق الوطء فإن المانع من جهتها وحدها فلا تستحق . ثالثها : أن لا تكون ناشزة أي خارجة عن طاعة زوجها وله صور : منها أن تمنعه من الاستمتاع بها من لمس وتقبيل ووطء ونحو ذلك فإذا منعته سقطت نفقتها في اليوم الذي منعته فيه وذلك لأن النفقة تجب يوما فيوما فإذا منعته في أول اليوم سقطت نفقتها فيه فإذا عادت ومكنته فإن نفقتها لا تعود ما لم يستمتع بها بالفعل على أن نشوز يوم واحد يسقط كسوة الفصل كلها وذلك لأن الكسوة تقدر لكل فصل بحسب ما يناسب فإذا كانت في فصل الشتاء ونشزت في يوم من الأيام سقطت كسوتها في هذا الفصل ولو عادت للطاعة ولا تكون ناشزة إذا منعته من الوطء لعذر كما إذا كان ضخم الآلة بحيث لا تطيقه أو كانت مريضة مرضا يضره الوطء ومثل ذلك ما إذا كانت حائضا أو نفساء ومنها أن تخرج من المسكن بدون إذنه فإذا خرجت بدون إذنه فلا تجب عليها نفقتها إلا إذا خرجت لعذر كخوف من انهدام مسكن أو لعيادة أهلها ونحو ذلك مما لا يغضب أمثاله عرفا ومنها أن تسافر لقضاء حاجة لغير زوجها ولو بإذنه فإن نفقتها تسقط بذلك أما إذا سافرت لقضاء حاجة له بإذنه فإن نفقتها لا تسقط .
ومثل ذلك ما إذا سافرت معه ولو بدون إذنه لأنها في هذه الحالة تكون في قبضته ولكن لا يحل لها أن تخرج معه بدون إذنه فإن منعها من الخروج فأبت وتغلبت عليه سقط حقها في النفقة وإذا أحرمت بحج أو عمرة وهي موجودة معه في داره فإن نفقتها لا تسقط بمجرد الإحرام لأن له الحق في تحليلها إن لم يأذن لها فهي في قبضته ما لم تخرج للسفر فإن خرجت سقطت نفقتها لأنها تكون خارجة لحاجتها .
هذا وللزوج أن يمنع زوجته من صيام النفل وقضاء الفرض الموسع وعليها أن تمتثل فإن أبت فإن نفقتها تسقط .
الحنابلة - قالوا : يشترط لوجوب نفقة الزوجية على الزوج شروط : .
أحدها : أن تسلم له نفسها تسليما تاما في أي بلدة أو مكان يليق بها فإذا امتنعت عن تسليم نفسها في بلد دون بلد فإن نفقتها تسقط .
ثانيها : أن تكون ممن يوطأ مثلها أي بأن تكون صالحة للوطء وقيده بعضهم بشرط أن تكون بنت تسع سنين فإذا كانت ضخمة تطيق الوطء وهي دون تسع فإنها لا نفقة لها على هذا القيد وظاهر كتب الحنابلة أنه لا تجب لها النفقة وهي دون تسع على أي حال فإن كانت صغير تطيق الوطء فإن على وليها أن يقول لزوجها : تعال استلم زوجتك فمتى سلمت الزوجة نفسها أو أسلمها وليها وكانت تطيق الوطء وجبت نفقتها على الزوج وسواء كان صغيرا أو كبيرا . وسواء كان يمكنه الوطء أو لا كما إذا كان مجبوبا أو عنينا لأن النفقة تجب في مقابل الاستمتاع فمتى سلمت نفسها وجبت عليه نفقتها سواء استمتع بالفعل أو لا وإذا تعذر وطؤها لمرض أو حيض أو نفاس أو رتق أو قرن أو هزال فإنه لا يمنع نفقتها وإنما المدار على تسليم نفسها ما دامت بلغت تسع سنين سواء حدث لها ذلك قبل الدخول أو حدث لها وهي عنده فإذا كانت صحيحة وبذلت نفسها ليستمتع بها بغير الوطء فإنها لا حق لها في النفقة فإذا امتنعت عن تسليم نفسها للجماع سقطت نفقتها فإذا عرض لها عارض يمنع من الوطء سلمت نفسها بعد ذلك فإن نفقتها لا تعود ما دامت مريضة عقوبة لها على منع نفسها وهي صحيحة وإذا ادعت أن ذكره كبير لا تطيقه أو ادعت أن بها آلاما لا تطيق معها الوطء فإن قولها يقبل إذا عرضت نفسها على امرأة ثقة - طبيبة - وأقرت دعواها ولا تسقط نفقتها .
وإذا كان الزوج صغيرا فالنفقة تلزمه كالكبير ويجبر وليه على الإنفاق عليها من ماله الصبي ومثله السفيه والمجنون فإذا كانت الزوجة صغيرة دون تسع فإنها لا نفقة لها ولو سلمت نفسها أو سلمها وليها وإذا اشترطت في العقد أن لا تسلم نفسها إلا في بلد كذا أو مكان كذا فإنه يعمل بهذا الشرط فإذا عقد شخص على امرأة ولم تبذل له نفسها فإن النفقة لا تجب عليه ولو مكثت على ذلك سنين وإن كان الزوج غائبا وجب اعلانه بمعرفة الحاكم بأن تقول له : إنني تحت طاعتك أو مستعدة لتسليم نفسي لك في أي وقت تحب . وبذلك تجب لها النفقة .
( يتبع . . . )