وقد عرفت من مبحث - انقضاء العدة بوضع الحمل - أن الصبي . والممسوح وهو مقطوع الذكر والأنثيين إذا ماتا عن زوجة فإن عدتها أربعة أشهر وعشر من تاريخ الوفاة ولو ظهر بها حمل فقد عرفت أنه إن كان حملها من الوطء بشبهة فعليها عدتان : بأن تنتظر حتى تضع وتنقضي به عدة الوطء بشبهة ثم تشرع في عدة الوفاة بعد الوضع وتنتظر أربعة أشهر وعشرة أيام وإن مات عنها زوجها وهي غير حامل ثم في أثناء عدتها وطئت بشبهة وحملت من هذا الوطء فإن عدة الوطء بشبهة تنقضي بوضع الحمل ويحسب لها ما انقضى قبل الوطء من عدة الوفاة فتبني عليه بعد الوضع أما إذا كان حملها من زنا كأن زنى بها شخص وهي تحته فأحبلها الزاني ومات عنها الزوج فإن عليها أن تعتد عدة وفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام وبذلك تنقضي عدتها سواء وضعت الحمل . أو لا . ويحل للأزواج تزوجها ووطؤها . وهي حامل على الأصح . لأن المتولد من ماء الزنا لا حرمة له . فإذا أراد شخص أن يتزوج بها . وهي حامل . وجهل حالها . فلا يدري إن كان حملها من زنا . أو من وطء بشبهة . ففيه قولان مصححان : أحدهما أنه يحمل على الزنا فله العقد عليها ووطؤها . ثانيهما : يحمل على وطء الشبهة فيتركها حتى تنقضي عدتها والصحيح أنه يحمل على الوطء بشبهة ليندفع عنها الحد ويحمل على الزنا في جواز العقد عليها ووطئها فيحل تزوجها ووطؤها بدون عدة .
وبهذا تعلم أنها إذا حملت بعد وفاته وهي في العدة من الزنا فإن حملها لا يقطع عدة الوفاة .
الشرط الثالث : أن تنقضي أربعة أشهر هلالية وعشرة أيام بلياليها والشرط اعتبار الهلال بقدر الإمكان فإذا مات في غرة الشهر أي في أول رؤية هلاله فلا بد من انقضاء أربعة أشهر هلالية وعشرة أيام بلياليها كما ذكرنا أما إذا مات أثناء الشهر فإنها تحسب الباقي من الشهر الذي مات فيه بالأيام وتكمل الناقص من أيام الشهر الخامس وما بينهما تحسبه بالأهلة مثلا إذا مات في نصف شهر شعبان فإنها تحسب خمسة عشر يوما من شعبان وتحسب ثلاثة أشهر بالأهلة وهي رمضان . وشوال . وذو القعدة . وتأخذ من ذي الحجة وهو الشهر الخامس لوفاته خمسة عشر يوما تكمل بها شعبان . لتتم أربعة أشهر كاملة ثم تأخذ منه عشرة أيام بلياليها فتنقضي عدتها في ست وعشرين ذي الحجة وعلى هذا القياس وإذا تعذرت عليها رؤية الهلال . وعدم معرفة الشهر الناقص والكامل فإنها تحسبه كاملا دائما .
الحنابلة - قالوا : يشترط لانقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي غير حامل . بالمدة المذكورة شروط : الأول أن لا يرتاب في براءة رحمها . فإن وجد شك في أنها حامل قبل انقضاء أربعة شهور وعشرة أيام . كأن أحست بحركة أو انتفاخ بطن . أو انقطع دم حيضها . أو نزل اللبن في ثديها . أو نحو ذلك . فإن عدتها لا تنقضي حتى تزول الريبة . فإن ظهر أنها حامل انقضت عدتها بالحمل . وإن ظهر أنها خالية من الحمل انقضت عدتها بعد ذلك وحلت للأزواج فإذا تزوجت مع وجود هذا الشك غير المتوفى فإنه يقع باطلا ولو تبين عدم الحمل . وكذا إذا حصلت الريبة بعد انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام فإنه يجب عليها الانتظار حتى تزول الريبة . ولو تزوجت يقع الزواج باطلا . لأنها في هذه الحالة تكون معتدة . أما إذا لم تحصل ريبة بعد انقضاء العدة ثم عقد عليها ودخل بها . وارتابت . فإن النكاح لم يفسد . لأنه وجد بعد انقضاء العدة ظاهرا . ولكن يحرم عليه أن يطأها حتى تزول الريبة ويتبين عدم حملها . فإن تبين أنها حامل بأن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت عقده عليها . فإن النكاح يبطل حينئذ . لأنه ظهر أن العقد عليها وقع في العدة . ومثل ذلك ما إذا عقد عليها ولم يدخل بها . ثم وجدت الريبة . فإنه يحرم عليه أن يطأها حتى تزول الريبة . فإن وضعت ولدا لأقل من ستة أشهر من وقت العقد عليها . فإنه يتبين بطلان العقد كما ذكرنا لكن يشترط أن يكون الولد الذي جاءت به غير سقط بحيث يعيش كغيره وإلا فلا يبطل به العقد لاحتمال أن يكون سقطا علقت به بعد وفاة زوجها .
الشرط الثاني : أن لا يموت عنها وهي حامل من غيره كما إذا كان صغيرا لا يولد لمثله أو كان خصيا - وهو مقطوع الأنثيين - أو كان مجبوبا - وهو مقطوع الذكر - فإن كليهما لا يلد أو مات عنها عقب العقد ولم يدخل بها فإنها في هذه الحالة تلزمها عدتان : عدة تنقضي بوضع الحمل وعدة الوفاة وتبتدئ بعد وضع حملها فيجب عليها أن تنتظر بعد الوضع أربعة أشهر وعشرة أيام .
الشرط الثالث : أن لا يطلقها طلاقا بائنا في حال صحته فإذا فعل ومات عنها وهي في العدة فإن عدتها لا تنتقل إلى عدة الوفاة بل تستمر على عدتها الأولى لأنها أجنبية منه في هذه الحالة بخلاف ما إذا طلقها طلاقا بائنا وهو مريض مرضا مخوفا ومات عنها في عدتها فإن عدتها تنتقل إلى عدة الوفاة إلا أن تكون عدة الطلاق أطول فتعتد بها مثلا إذا كانت ممن يحضن كل ثلاثة أشهر مرة وطلقها بائنة فحاضت واحدة بعد طلاقها ومات عنها فإن عليها أن تنتظر أربعة أشهر وعشرة أيام عدة الوفاة وهي لا تكفي للحيضتين الباقيتين فيلزمها الانتظار بعد انقضاء المدة التي تحيض ما بقي لها فهي تعتد بأبد الأجلين من عدة الطلاق أو عدة الوفاة لأنها في هذه الحالة ترثه أما إذا طلقها طلاقا رجعيا ثم مات عنها وهي في العدة انتقلت عدتها إلى عدة الوفاة فعليها أن تنتظر أربعة أشهر وعشرة أيا م من وقت وفاته وسقطت عدة الطلاق لأنها في هذه الحالة زوجة له لها أحكام الزوجية من ميراث وغيره فإن طلق امرأته في مرض وهي لا ترثه كما إذا طلق العبد زوجته الحرة أو الأمة وهو في مرض الموت . ثم مات عنها وهي في العدة فإنها تعتد عدة طلاق لأنها لا ترث منه ومثل ذلك ما إذا كانت ذمية تحت مسلم وطلقها في مرض موته فإنها تعتد عدة طلاق لأنها لا ترث منه وكذا إذا كانت مسلمة ولكن طلقها في مرض الموت طلاقا بائنا برضاها كأن سألته الطلاق فأجابها . فإنها تعتد عدة طلاق لأنها لا ترث في هذه الحالة فإن طلق شخص زوجته وانقضت عدتها بالحيض أو بغيرها ثم مات عقب انقضائها فلا عدة له عليها سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا .
هذا ولا يعتبر الحيض في عدة الوفاة إلا إذا وجدت ريبة )