وكذلك يصح تعليق الظهار فإذا قال : إن ظاهرت من ضرتك فأنت علي كظهر أمي ثم ظاهر من ضرتها كان مظاهرا منهما معا وإذا علق ظهار زوجته على امرأة فإن ذلك يحتمل حالتين : .
الأولى : أن يقول : إن ظاهرت من فلانة فأنت علي كظهر أمي ولم ينطق بلفظ الأجنبية وهذه تحتها صورتان : .
الصورة الأولى : أن يقصد لفظ الظهار لا معناه الشرعي ثم يقول لها قبل أن يتزوجها : أنت علي كظهر أمي وفي هذه الحالة يلزمه ظهار زوجته لأن المعلق عليه - وهو لفظ الظهار - قد تحقق .
الصورة الثانية : أن يقصد معنى الظهار الشرعي وفي هذه الحالة إذا قال لها قبل أن يتزوجها : أنت علي كظهر أمي لا يلزمه الظهار من امرأته لأنك قد عرفت أن الأجنبية محلا للظهار الشرعي أما إذا قال لها ذلك بعد تزوجه بها فإنه يلزمه الظهار من زوجته الأولى وذلك لأنه قال : إن ظاهرت من فلانة ولم يقل : الأجنبية . فالمعلق عليه وهو الظهار الشرعي قد تحقق من فلانة .
الثانية : أن يقول : إن ظاهرت من فلانة وهي أجنبية بحيث يصرح بلفظ أجنبية وهذه تحتها صورتان أيضا إحداهما : أن يريد النطق بلفظ الظهار وفي هذه الحالة يلزمه الظهار متى نطق به سواء كان ذلك قبل أن يتزوج بها أو بعد .
ثانيتهما : أن يريد الظهار الشرعي وفي هذه الحالة لا يلزمه الظهار الأول سواء ظاهر منها قبل الزواج بها أو بعده وذلك لأن تصريحه بالأجنبية جعل تحقق الظهار الشرعي مستحيلا .
الحنابلة - قالوا : يشترط في المظاهر أن يكون رجلا فلا يصح ظهار المرأة وقد تقدم في التعريف أنها إذا فعلت لزمها كفارة ظهار متى مكنته من نفسها طائعة وهو واجب عليها بحيث لا يحل لها أن تمتنع عنه وأن يكون بالغا فلا يصح ظهار الصبي سواء كان مميزا أو لا وبعضهم يقول : يل يصح ظهار المميز الذي يعقل معنى الظهار كما يصح طلاقه وأن يكون عاقلا فلا يصح ممن زال عقله بجنون أو إغماء أو نوم أو شرب دواء مسكر أما إذا شرب حراما فإنه يقع كما تقدم وأن يكون مختارا فلا يصح ظهار المكره ولا يشترط الإسلام فيصح ظهار الكافر لأنه تجب عليه الكفارة ويصح من العبد ومن المريض ويشترط في المظاهر منها أو المشبه بها أن تكون زوجة فلا يصح الظهار من الأجنبية إلا إذا علقه على زواجها كأن قال : إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي فإنه إذا تزوجها لزمه الظهار ولا يصح له أن يطأها قبل الكفارة وهذا بخلاف الطلاق فإنه لا يصح طلاق الأجنبية مطلقا ولو علقه على زواجها كما تقدم والفرق بينهما أن الطلاق حل لقيد النكاح فلا معنى لحله فيلغى أما الظهار فهو يمين له كفارة فينعقد متى تحقق شرطه كاليمين بالله تعالى فإذا قال : والله العظيم إن تزوجت فلانة لا أطؤها انعقدت اليمين بحيث لو وطئها لزمته الكفارة .
وكذا لا يصح الظهار من الأمة الموطوءة بملك اليمين إلا إذا عقد عليها فإنها تصير زوجة فإذا ظاهر من أمته المملوكة لزمته كفارة يمين لا كفارة ظهار كما تقدم في التعريف ومتى كانت زوجته فإنه يصح الظهار منها سواء كانت صغيرة أو كبيرة حرة أو أمة مسلمة أو ذمية وطؤها ممكن أو غير ممكن الخ ما تقدم .
ويشترط في المشبه به أن يكون التشبيه به نفسه أو بعضو من أعضائه الأصلية أما الأعضاء الزائدة كالشعر والسن والريق والمني والظفر والدم والعرق والدمع والروح فإن التشبيه بها لا يكون ظهارا فلو قال : شعرك علي كظهر أمي لا يصح الظهار . وهكذا ولا يشترط أن يكون المشبه امرأة بل يصح أن يكون رجلا لأن الغرض هو تشبيهها بمن لا يحل وطؤه سواء كان رجلا أو امرأة وإذا شبه بأنثى فلا يلزم أن تكون من محارمه على التأبيد فيصح أن يشبه بأمه وأخته كما يصح أن يشبه بأخت امرأته وعمتها وخالتها . وكذا يصح أن يشبه بظهر الأجنبية .
ويشترط في صيغة الظهار أن تؤدي معنى الظهار وتستعمل فيه فلو قال أنا مظاهر فإنه يكون لغوا . لأن هذه ليست صيغة ظهار . وكذا إذا قال : وجهي من وجهك حرام . فإنه ليس بظهار .
وتنقسم صيغة الظهار إلى قسمين . صريح وكناية . فالصريح ما كان ظاهرا في معنى الظهار نحو : أنت علي كظهر أمي أو أنت مني مثل أمي أو أنت علي كأمي لأن التشبيه بأمه كالتشبيه بعضو منها بل هو زائد . فإن ادعى أنه أراد التشبيه بها في الكرامة فإنه يسمع منه قضاء لأن اللفظ وإن كان ظاهرا في معنى الظهار ولكنه يحتمل هذا المعنى الذي ادعاه .
وأما الكناية فهي أن يكون اللفظ غير ظاهر الاستعمال في الظهار كأن يقول لامرأته : أنت أمي ولم يقل : علي مثل أمي أو يقول لها : أنت كأمي ولم يقل : علي أو مني أو يقول : أنت مثل أمي ولم يقل : علي أو يقول امرأتي فإن كل هذا لا يقع به الظهار إلا إذا نواه أو تقوم قرينة على إرادة الظهار وإذا قال أمي امرأتي أو أمي مثل امرأتي فإنه لم يكن مظاهرا لأن اللفظ لا يصلح للظهار على أي حال .
وإذا قال علي الظهار أو علي الحرام أو الحرام لازم لي . أو أنا عليك حرام أو أنا عليك كظهر رجل فإن كل هذا يصح أن يكون كناية في الظهار فلا يلزم إلا بالنية .
ويصح الظهار منجزا ومعلقا كقوله : إن دخلت دار أبيك فأنت علي كظهر أمي فمتى دخلت الدار صار مظاهرا وكذا قال لها : أنت علي كظهر أمي إن شئت أو شاء زيد فمتى شاء زيد صار مظاهرا وكذا يصح مطلقا وموقتا كأن يقول : أنت علي كظهر أمي شهرا أو شهر رمضان فإذا انقضى الوقت المحدد حلت له بدون كفارة . فإن وطئها في المدة لزمته الكفارة . وإذا قال إن شاء الله انحل الظهار لأنها يمين كما تقدم في مباحث الأيمان في الجزء الثاني )