- أركان الظهار أربعة مظاهر وهو الزوج . ومظاهر منها وهي الزوجة ومشبه به وصيغة . ولكل منها شروط مفصلة في المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : للظهار ركن واحد وهو صيغة كما تقدم غير مرة أما الشروط المتعلقة بالزوج . فهي أن يكون مسلما فلا يصح ظهار الذمي وقد تقدم تعليله في التعريف . وأن يكون عاقلا فلا يصح من المجنون والمعتوه والمغمى عليه والنائم أما السكران فيصح ظهاره إن كان متعديا كما تقدم في الطلاق وأن يكون بالغا فلا يصح ظهار الصبي ولو مميزا أما الزوجة فلا يشترط فيها شيء من ذلك . فيصح الظهار من المجنونة والعاقلة والصغيرة والكبيرة إنما الشرط أن تكون زوجة ولو أمة أما إذا كانت مملوكة فلا ظهار منها ويصح ظهار المكره والناسي والخاطئ والهازل ويصح من الأخرس بكتابته إن كان يعرف الكتابة وإلا فبإشارته المعهودة كما تقدم في الطلاق فهذه شروط المظاهر والمظاهر منها .
وأما المشبه بها فيشترط أن تكون امرأة محرمة على التأبيد فلو شبهها برجل فإنه لا يكون مظاهرا سواء كان الرجل قريبا أو أجنبيا فلو شبهها بامرأة غير محرمة عليه أو محرمة عليه تحريما مؤقتا كأختها وعمتها ومطلقته ثلاثا أو شبهها بامرأة مجوسية فإنها وإن كانت محرمة عليه تحريما ولكن التحريم ليس مؤبدا لجواز أن تسلم فتحل له ومن المحرمات مؤبدا زوجة الابن والأب فإذا شبهها بواحدة منهما كان مظاهرا خلافا للشافعية وكذا إذا شبهها بأم امرأة زنى بها أو ببنتها فإنه يكون ظهارا وكذا إذا شبهها بامرأة زنى بها أبوه أو ابنه على الصحيح وإذا شبهها بعين محرمة غير امرأة كما إذا قال لها : أنت علي كالخمر والخنزير والنميمة والرشوة ونحو ذلك فإنه لا يكون ظهارا ولو نوى به الظهار أما إذا نوى به الطلاق فإنه يكون طلاقا وكذا إذا نوى به الإيلاء .
وأما الصيغة فإنها قسمان : صريحة وكناية فأما الصريحة فيشترط فيها أن تشتمل على تشبيه زوجته أو تشبيه جزء يعبر به عنها عرفا كالرأس والرقبة ونحو ذلك مما تقدم بيانه في مبحث - إذا أضاف الطلاق إلى جزء المرأة - أو تشبيه جزء شائع في بدنها كنصفها وثلثها وربعها بعضو يحرم النظر إليه من أعضاء محرمة عليه نسبا أو رضاعا أو صهرية كأن يقول أنت علي كظهر أمي أو أمك أو رأسك كظهر أمي أو بطنها أو فرجها أو أمك أما إذا قال : كرأس أمك لا يصح لأنه يشترط في العضو المشبه به أن يكون من الأعضاء التي لا يحل النظر إليها أو يقول : بضعك كظهر أمي أو كظهر أختي أو عمتي أو كفرج أمي أو أختي أو كبطنها أو نحو ذلك فإنه في كل ذلك يكون مظاهرا ولو لم ينو به الظهار لأنه صريح فإن نوى به غير الظهار فإنه لا يصدق قضاء ويصدق ديانة .
ومن هذا تعلم أنه يشترط في الصريح أن يذكر العضو الذي لا يحل النظر في المشبه به وأما الكناية فإنه لا يشترط فيها ذلك وذلك كأن يقول : أنت علي مثل أمي أو كأمي أو مثل أختي أو نحو ذلك فإن قال ذلك فإنه لا يكون ظهارا إلا إذا نوى الظهار أما إذا نوى تشبيهها بأمه أو بأخته في كرامتها عليه فإنه لا يقع به شيء وكذا إذا لم ينو شيئا أو حذف أداة التشبيه إذا قال لها : أنت أمي فإنه لا يلغو ولا يقع شيء كما تقدم التعريف .
المالكية - قالوا : يشترط في المظاهر أن يكون مسلما فلا يصح من ذمي فلو أسلم بعد ظهاره لم يعامل به وكذا إذا تحاكما إلينا فإننا لا نقضي بينهما فيه ومثل الظهار غيره من التصرفات المتقدم ذكرها في التعريف وأن يكون مكلفا فلا يصح ظهار الصبي والمجنون والمغمى عليه والنائم والسكران بشيء حلال أما السكران بمحرم فإن ظهاره يقع كطلاقه وأن يكون مختارا فلا يصح ظهار المكره ويصح الظهار من المجبوب ومقطوع بعض الذكر أو العنين على المعتمد . لأنه يمكنه الاستمتاع بغير الجماع أما المظاهر منها فإن الشرط فيها أن تكون ممن يحل له وطؤها سواء كانت زوجة أو أمة وسواء كانت صغيرة عاقلة أو مجنونة ولو كانت رتقاء أو قرناء أو غير ذلك من العيوب .
أما المشبه به فهو على ثلاثة أنواع : الأول : أن تكون محرما من محارمه بحيث لا يحل له نكاحها بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهذه يكون التشبيه بها ظهارا على كل حال سواء كان بها جميعها أو بظهرها أو بجزء منها ولو كان جزءا غير ثابت كالشعر والظفر والريق إلا أنه إن كان بظهرها كان صريحا وإلا كان كناية فلا يلزم إلا بالنية كما ستعرفه .
النوع الثاني : أن تكون أنثى أجنبية وهذه يشترط في صحة ظهارها أن يكون التشبيه بظاهرها بخصوصه وأن ينوي به الظهار وإلا فلا ظهار كما يأتي قريبا ومثل الأجنبية في ذلك من تأبد عليه تحريمها بلعان أو طلاق ثلاث فإن التشبيه بظهور يكون كناية لا صريحا .
النوع الثالث : التشبيه بظهر رجل وفيه خلاف والمشهور أنه ظهار إنما لا بد فيه من التشبيه بالظهر وأن ينوي به الظهار وأما صيغة الظهار فإنها تنقسم إلى أربعة أقسام : .
الأول : صريح الظهار ويشترط لتحققه أن يكون المشبه به محرما من المحارم وأن يكون التشبيه بالظهار خاصة كأن يقول لها : أنت علي كظهر أمي أو كظهر أختي . أو كظهر عمتي أو خالتي أو كظهر أمك أو أختك أو نحو ذلك من المحرمات عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهل التشبيه بظهر المحرمة عليه بلعان أو بطلاق ثلاث كالتشبيه بالمحرمة عليه بنسب ونحوه أو لا ؟ خلاف والتحقيق أن التشبيه في مثل هذا كالتشبيه بظهر الأجنبية مثلا إذا قال لزوجته : أنت علي كظهر فلانة التي طلقتها ثلاثا أو التي بانت مني باللعان فإن ذلك لا يكون صريحا بل كناية فإذا نوى بالظهار الصريح الطلاق فهل يصح أو لا ؟ خلاف فبعضهم يقول إنه لا يصح بل تلغى نية الطلاق ويعامل بالظهار فقط قضاء وإفتاء وهذا هو الراجح وبعضهم يقول : بل يعامل بالظهار في الإفتاء فقط وأما في القضاء فإنه يعامل بهما معا بحيث ينظر إلى العظة فيحكم عليه بالظهار وينظر إلى نيته فيحكم عليه بالطلاق الثلاث بحيث لو تزوجت غيره ورجعت إليه فلا يحل له أن يطأها حتى يخرج كفارة الظهار وهذا مرجوح لأن معنى كونه صريحا أن له حكما خاصا به فلا يصح أن ينوي به غيره .
الثاني : كناية الظهار الخفية وهي كل كلام نحو اذهبي وقومي وكلي واشربي ونحو ذلك ويشترط في صحة الظهار بمثل هذا أمران : أحدهما : أن ينوي الظهار فإذا لم ينو الظهار كان كلاما له معناه من أكل وشرب ونوم ونحو ذلك . ثانيهما : أن لا يكون صريح طلاق أو يمين بالله فإذا قال لها : أنت طالق ونوى الظهار فإنه لا يصح ويلزم بالطلاق وكذا إذا قال والله لا آكل مثلا ونوى به الظهار فإنه لا يصح .
الثالث : كناية الظهار الظاهرة وتحته قسمان أحدهما : أن يكون التشبيه بغير الظهر وأن تكون المشبه بها محرما من المحارم كأن يقول لامرأته : أنت علي كأمي أو أنت أمي .
ثانيهما : وهو القسم الرابع أن يكون التشبيه بالظهر وأن تكون المشبه بها أجنبية كأن يقول لامرأته : أنت علي كظهر فلانة الأجنبية ويشترط في صحة الظهار بالأمرين أن ينوي الظهار فإذا نوى تشبيهها بأمه في الشفقة والمودة أو في الكرامة وعلو المنزلة أو تشبيهها بظهر الأجنبية في الاستواء والاعتدال أو نحوه فإنه لا يكون ظهارا وإن نوى به الظهار كان ظهارا وإن نوى الطلاق فإن كانت مدخولا بها لزمه الثلاث ولو لو ينو العدد أو نوى أقل وإن كانت غير مدخول بها فإنه يلزمه الثلاث ما لم ينو أقل فإنه يلزم ما نواه فإذا لم يذكر لفظ الظهر أو لفظ الأم أو نحوها من المحارم بل قال : أنت كفلانة الأجنبية ونوى به الطلاق فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها ولكن إن نوى أقل من الثلاث في غير المدخول بها فإنه يصدق فإن قال إنه نوى بقوله : أنت كفلانة الأجنبية الظهار صدق ديانة ويلزمه الظهار فقط في الفتوى أما في القضاء فإنه يلزمه الظهار والطلاق الثلاث في المدخول بها وفي غيرها إلا أنه يعامل بنيته في غير المدخول بها إن ادعى أنه نوى أقل من الثلاث فإذا قضي بطلاقها ثلاثا ثم تزوجت غيره وعادت له فإنه لا يحل له وطؤها حتى يخرج كفارة الظهار وإذا قال لها أنت علي كابني أو كغلامي ناويا به الظهار فإنه يلزمه به الثلاث ولا يكون ظهارا على المعتمد أما إذا قال : أنت علي كظهر ابني ناويا به الظهار فإنه يكون ظهارا ومثل ذلك ما إذا قال لها : أنت علي ككل شيء حرمه الكتاب فإن الكتاب قد حرم الميتة والدم ولحم الخنزير وهذه يلزم بها الثلاث في المدخول بها لغيرها إلا أن ينوي أقل من الثلاث في غير المدخول بها .
واعلم أن صيغة الظهار كما تكون منجزة تكون معلقة فإذا علق ظهارها على مشيئتها أو مشيئة شخص غيرها كأن قال لها : أنت علي كظهر أمي إن شئت أو إن رضيت فإن يصح ولا يقع الظهار إلا إذا شاءت الظهار ورضيت به ولا يسقط حقها في ذلك أما إذا وقفت ولم تقض برد أو إمضاء فإن للحاكم أن يبطل خيارها في هذه الحالة وإن علقه بشيء محقق كأنت علي كظهر أمي بعد سنة أو إن جاء رمضان فإنه يلزمه حالا وإن قال أنت علي كظهر أمي في هذا الشهر تأبد الظهار ولا ينحل إلا بالكفارة وإذا قال لها : أنت علي كظهر أمي إن لم أتزوج عليك فلانة فإنه يكون مظاهرا عند اليأس من الزواج إما بموت فلانة التي عينها أو بعجزه عن الوطء أو عند عزمه على عدم الزواج وإذا قال لها : أنت علي كظهر أمي إن دخلت دار أبيك وأرادت أن تدخل فإنه لا يصح له إخراج الكفارة قبل دخولها .
الشافعية - قالوا : يشترط في المظاهر كونه زوجا ولو مجبوبا أو عنينا أو خصيا أو نحو ذلك فلا يصح الظهار من الأمة المملوكة ولا من امرأة أجنبية لم يتزوجها وإن تزوجها لم يقع الظهار وكونه عاقلا فلا يصح من المجنون ونحوه وكونه مختارا فلا يصح من مكره وبالجملة فكل من يصح طلاقه يصح ظهاره وقد تقدم ذلك في مباحث الطلاق مفصلا .
ويشترط في المظاهر منها أن تكون زوجة ولو أمة أو صغيرة أو مجنونة أو مريضة أو رتقاء أو قرناء أو كافرة أو مطلقة طلاقا رجعيا وخرج بذلك الأجنبية ولو كانت مطلقة طلاقا بائنا فلو قال لأجنبية : إذا تزوجتك فأنت علي كظهر أمي ثم تزوجها فإنه لا يصح ظهاره وكذا إذا قال لأمته : أنت علي كظهر أمي فإنه لا يصح إلا إذا عقد عليها ويشترط في المشبه به ثلاثة شروط : .
الأول : أن تكون أنثى فإذا شبه بظهر ذكر قريب أو بعيد فإنه يكون لغوا لأنه ليس محلا للاستمتاع ومثله الخنثى .
الثاني : أن تكون من محارمه التي لا يحل له نكاحها بنسب كأمه وأخته وبنته أو برضاع كمرضعته أو مرضعة أبيه أو مصاهرة كأم زوجته أو بنتها .
الثالث : أن لا تكون له حلالا من قبل كامرأة أبيه التي تزوجها قبل ولادته . أو مع ولادته أما التي تزوجها بعد ولادته فإنها كانت حلالا له قبل أن يتزوجها أبوه ومثله زوجة ابنه فإنها كانت حلالا له قبل أن يتزوجها ابنه ومطلقته ثلاثا ومن حرمت عليه مؤبدا بسبب اللعان فإن التشبيه بهن لا يكون ظهارا لأنهن كن حلالا له من قبل . والتحريم عرض بعد ذلك ويلحق بذلك التشبيه بإحدى زوجات النبي A فإذا قال لزوجته : أنت علي كظهر أمي عائشة أو حفصة زوج الرسول فإنه لا يكون ظهارا لأن حرمة زوجات الرسول عارضة لا أصلية .
وخرجت الأجنبية فإنه إذا شبهها بها أو بظهرها فلا يكون ظهارا ويشترط في الصيغة كونها لفظا يشعر بالظهارة وتنقسم إلى قسمين : صريحة وهي ما اشتهر استعمالها في معنى الظهار كقوله أنت علي كظهر أمي أو رأسك علي كظهر أمي أو يدها أو رأسها وكناية وهي ليست كذلك كقوله : أنت كأمي أو كعينها أو نحو ذلك مما يستعمل في الظهار وفي الإعزاز والكرامة وهي لا يقع بها الظهار إلا بالنية فإذا قال لها : أنت علي حرام كما حرمت أمي فإنه يصح أن يكون كناية ظهار إذا نواه ويصح أن يكون كناية طلاق إذا نوى الطلاق ثم إن التشبيه تارة يكون بجميع المرأة أو بجزئها ولكن يشترط في الجزء أن يكون من الأجزاء الظاهرة كاليد والرأس والعين . أما التشبيه بجزء من الأجزاء الباطنة التي لا يمكن الاستمتاع بها سواء من المشبه أو المشبه به كالقلب والكبد ونحوهما فإنه لا يكون ظهارا . فإذا قال لامرأته : كبدك كظهر أمي أو رأسك كقلب أمي فإنه لا يكون ظهارا وكذا يشترط أن لا يكون الجزء فضلة كاللبن والريق والمني ونحو ذلك فلو شبه ريقها بظهر أمه فإنه لا يصح أما الأجزاء الزائدة فإنه يصح الظهار بتشبيهها أو التشبيه بها كالظفر والشعر والسن .
فالحاصل أن كل ظاهر يصح التشبيه به وكل جزء باطن لا يمكن الاستمتاع به لا يكون التشبيه به ظهارا .
هذا ويصح توقيت الظهار بوقت معين قليلا كان أو كثيرا فإذا قال لها : أنت علي كظهر أمي يوما أو شهرا فإنها تحرم عليه في الوقت الذي عينه بحيث لو وطئها في المدة بإيلاج حشفته وجبت عليه الكفارة وسيأتي أن العود في الظهار المؤقت إنما يكون بإيلاج الحشفة أو قدرها لمن ليست له حشفة فإذا فعل ذلك وجب عليه أن ينزع ولا يستمر في الوطء حتى يخرج الكفارة فإيلاج الحشفة لازم لوجوب الكفارة أما الاستمرار في الوطء قبل الكفارة فهو حرام وإذا قال : أنت كظهر أمي خمسة أشهر كان ظهارا وإيلاء فإذا وطئها في المدة لزمته كفارة الظهار وإذا استمر حتى اقضت مدة الإيلاء ولم يطأها كان لها الحق في طلب الطلاق على الوجه السابق وإذا قال : والله أنت علي كظهر أمي ثم وطئها في المدة لزمه كفارتان : كفارة للظهار وكفارة لليمين .
( يتبع . . . )