( تابع . . . 3 ) : - قد عرفت أن الرجل هو الذي يملك الطلاق دون المرأة . وذلك لأمرين : .
الحنابلة - قالوا : للزوج أن ينيب عنه غيره في الطلاق سواء كان النائب الزوجة أو غيرها والنيابة في الطلاق توكيل على حال سواء كانت بلفظ يدل على تمليك الطلاق كقوله لها : طلقي نفسك أو أمرك بيدك أو كانت بلفظ التخيير فللزوج أن يرجع عن النيابة قبل تطليق نفسها بأن يعزلها أو يعزل الأجنبي الذي أنابه أو يعمل عملا يدل على الرجوع كأن يطأ زوجته على أن لكل من ألفاظ التمليك أحكاما تتعلق بها فأما الأمر باليد وهو أن يقول لها : أمرك بيدك أو يقول الأجنبي أمر زوجتي بيدك فهو كناية طاهرة فإذا نوى بها الزوج الطلاق وقع في الحال وإن لم تقبل الزوجة وإن لم ينو الطلاق في الحال بل نوى تفويض الطلاق للزوجة فإن قبلته بلفظ الكناية كقولها : اخترت نفسي لا يقع إلا بنية الطلاق منها وإن قبلته بلفظ الصريح كقولها : طلقت نفسي وقع بدون نية منها ثم إن لفظ الأمر باليد يجعل لها الحق في أن تطلق نفسها ثلاثا في المجلس وبعد المجلس ولو مضى زمن طويل ما لم يرجع قبل أن تطلق نفسها فكأنه قال لها : طلقي نفسك ما شئت وإذا قال : أردت واحدة لا يقبل منه ومثل ذلك ما إذا قال لغير الزوجة أمر زوجتي بيدك أما إذا قال لها : طلقي ولم يقل متى شئت فإنه يكون لها الحق في أن تطلق نفسها متى شاءت لأنه لا يشترط فيه الفور كما لا يشترط في قوله أمرك بيدك وهو توكيل من الزوج فله يرجع عنه بفسخه أو وطئها كما تقدم وتملك بذلك تطليق نفسها طلقة واحدة لا ثلاثا عكس قوله لها : أمرك بيدك إلا أنم ينوي بذلك أكثر من واحدة فإنه يقع ما نواه وإذا قال لها : طلقي نفسك ثلاثا فقالت : طلقت نفسي ولم تقل ثلاثا لا يقع عليها الثلاث إلا إذا نوتها كما إذا قال الزوج طلقتك ونوى به ثلاثا فإن لم تنو الثلاث وقعت واحدة أما إذا قال لها : طلاقك بيدك أو وكلتك في الطلاق فإنه يكون لها الحق في أن تطلق نفسها ثلاثا لأن ذلك بمنزلة قوله أمرك بيدك .
ويشترط في ايقاعها الطلاق أن تقول : طلقت نفسي أو أنا منك طالق فإن قالت وأنا طالق لم يقع . وكذا إذا قالت أنت طالق أو أنت مني طالق أو طلقتك فإنه لا يقع بل لا بد من إضافة الطلاق إلى نفسها . أو إليها معا كما يقول الحنفية .
إما إذا قال لها اختاري نفسك فليس لها إلا أن تطلق واحدة رجعية كما إذا قال لها طلقي نفسك إلا إذا قال اختاري ماشئت أو اختاري الطلقات إن شئت فإنها بذلك تملك الثلاث وكذا إذا نوى عدد اثنتين أو ثلاثا فإنها تملك ما نواه وإذا نوى الزوج ثلاثا فواحدة أو ثنتين وقع ما طلقته دون نظر إلى نيته وإذا كرر لفظ اختاري فقال : اختاري اختاري اختاري فإن نوى به عددا وقع ما نواه وإلا لزمته واحدة ويشترط في إيقاع الطلاق بالاختيار شروط : .
أحدها : أن ينوي الزوج به الطلاق أو تفويض الطلاق للزوجة فإن نوى به الطلاق وقع في الحال بدون حاجة إلى قبولها لأنه كناية خفية وقد نوى به الطلاق أما إذا نوى به التفويض فإنه لا يقع إلا إذا أجابت الزوجة فإن أجابت بالكناية كقوله اخترت نفسي لا يقع إلا بالنية وإن أجابت بالصريح كقولها طلقت نفسي وقع بدون نية منها كما تقدم في الأمر باليد .
ثانيها : أن تطلق نفسها في المجلس فإن تفرقا قبل اختيار نفسها بطل تخييرها .
ثالثها : أن لا يتشاغلا في المجلس بقول أو فعل أجنبي يقطع الخيار إلا أن يجعل الزوج الخيار في زمن موسع كأن يقول لها : اختاري نفسك أسبوعا أو يوما أو شهرا أو نحو ذلك فإنها تملك الخيار في المدة التي حددها .
ويقطع الخيار في المجلس أن يقوما معا أو يقوم أحدهما أو يتكلما بكلام أجنبي يدل على الاعراض أو كان أحدهما قائما فركب أو مشى أما إن كان قائما فقعد فإنه لا يبطل أو كانت قاعدة فاتكأت فإنه لا يبطل وإذا كانت راكبة فسارت بطل ولا يبطل بالأكل اليسير والتسبيحات القليلة وبطلب الشهود .
وإذا جعله لها على التراخي بأن قال لها : اختاري متى شئت أو إذا شئت فإنه يصح )