( تابع . . . 2 ) : - إذا ارتد أحد الزوجين عن دينه أو ارتدا معا . فإنه يتعلق بذلك أمور : .
وكذلك يقف تصرف الزوج المتعلق بعقد الزواج من ظهار أو إيلاء أو طلاق فإن أسلما قبل انقضاء العدة نفذ وإلا فلا وإذا ارتدت المرأة لا يكون لها حق في نفقة العدة حتى ولو أسلمت في أثنائها أما إذا ارتد الزوج كان لها الحق في النفقة ولا يحل لأحد أن يتزوج المرتدة سواء كان مسلما أو غيره .
وأما الجواب عن السؤال الثالث فهو أن الردة فسخ لا طلاق فلا تنقص عدد الطلاق الثلاث على أي حال .
وأما الجواب عن السؤال الرابع فهو أن المرتد لا يورث فإذا ارتد أصبح ملكه للمال موقوفا فإن هلك وهو مرتد زال ملكه نهائيا وإن أسلم لم يزل ملكه عنه فيظهر زوال الملك بالهلاك وهو مرتد ويظهر عدمه بالإسلام وإذا هلك وهو مرتد أصبح ماله فيئا لبيت مال المسلمين لا فرق في ذلك بين أن يكون قد كسبه في زمن إسلامه أو كسبه بعد ردته خلافا للحنفية ووفاقا للمالكية ويقضي دينه الذي استدانه قبل الردة ويدفع منه بدل ما أتلفه فيها وتعطى مؤنة أولاده وأزواجه ويطعم منه هو قبل هلاكه أما تصرفه فإن كان في أمر لم يقبل التعليق كالبيع والرهن فإنه يقع باطلا وإن كان في أمر يقبل كالوصية فإنه يقع موقوفا فإن أسلم نفذ وإلا بطل كما ذكرنا في طلاقه وظهاره وتحرم ذبيحته بخلاف ما إذا كان كافرا بحسب الأصل فإنها لا تحرم وكما أنه لا يورث فكذلك لا يرث حتى ولو أسلم بعد الردة .
أما الجواب عن السؤال الخامس فهو معلوم مما تقدم وهو إن طلقها قبل الدخول وكانت الردة من قبلها فلا شيء لها وإن كانت من قبله فلها نصف المهر وأما بعد الدخول فإن المهر لا يسقط بأي حال وقد تقدم ذلك مفصلا في مباحث الصداق .
وأما الجواب عن السؤال السادس فهو أن المرتد يطلب منه أن يتوب حالا بدون إمهال فإن لم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن واو العطف تقوم مقام تكرر الشهادة ولا يكفي أن يقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله .
وأما الجواب عن السؤال السابع فهو أن كل ما ينافي الإسلام ويقطعه سواء كان قولا أو فعلا أو نية فإنه يكون ردة يجزى عليها فاعلها الجزاء المتقدم لا فرق بين أن يصدر عنه ذلك استهزاء أو عنادا أو اعتقادا فمثال القول أن يقول الله ثالث ثلاثة أو يقول كلمة عيب في حث الذات العلية أو في حق رسول الله أو نحو ذلك ومن ذلك ما إذا قال لمسلم : يا كافر وأراد رميه بالكفر حقيقة لأن من كفر مسلما كفر ومثال الفعل أن يسجد لصنم أو يلقي مصحفا في قاذورة ولو طاهرة ولو آية منه وكذا إذا ألقى كتابا شرعيا بقصد السخرية والاستهزاء ولا يضر أن يمسح اللوح بالبصاق كما يفعل صبية المكاتب لأن الغرض من هذا تسهيل المسح ومثال الردة بالنية أن يعزم على الكفر بعد ساعة أو غد فإنه بذلك يكفر فورا فإن تاب عاد له إسلامه كما كان حتى ولو كان بسبب التعريض بمقام الرسول الكريم خلافا للمالكية ووفاقا للحنفية وإذا قامت قرينة على أنه لا يقصد الاستهزاء كما إذا كان خائفا أو سبق لسانه أو كان غافلا فإنه لا يكفر وإذا سجد لمخلوق فإن كان يقصد تعظيمه كتعظيم الإله فإنه يكفر وإلا فلا ولا شيء في التحية بالانحناء ونحوها . لأن الغرض من هذا مجرد الاحترام لا العبادة .
وأما السحر فهو عبارة عن التكلم بعبارات أو القيام بأعمال تنشأ عنها أمور خارقة للعادة كما عرفه المالكية وهو أمر حقيقي لا خيالي فإن الواقع يؤيد ذلك خلافا لمن قال : إنه خيالي فليس في العالم شيء من هذا القبيل وعلى كل حال فالنظر إما أن يكون إلى آثاره أو إلى العبارات والأفعال التي تترتب عليها تلك الآثار فإن كانت هذه العبارات وتلك الأفعال مكفرة كان السحر كفرا وإن كانت الآثار المترتبة عليها ضارة بالناس كانت حراما وينبغي أن يكون هذا المعنى متفقا عليه وهو حسن .
الحنابلة - قالوا : في الجواب عن السؤال الأول والثاني هو أنه إذا ارتد الزوجان معا فلم يسبق أحدهما الآخر بأن سجدا لصنم . أو صليب في آن واحد فإن وقع ذلك قبل الدخول انفسخ النكاح وكذلك إذا ارتد أحدهما دون الآخر وإن وقع ذلك بعد الدخول وقعت الفرقة بينهما فلا ينقطع النكاح إلا إذا انقضت العدة فإن عاد المرتد إلى الإسلام قبل انقضائها فالنكاح باق على حاله وإلا تبين فسخه من وقت الردة ويمنع الزوج من وطئها لأن ههنا حالتين : حالة إباحة بعقد الزواج وحالة حظر بالردة فتغلب حالة الحظر على حالة الإباحة .
فإن وطئها الزوج في حال وقف النكاح فإنه لا يحد لشبهة الإباحة ولا كفارة عليه ولكن يعذر لأنه فعل معصية لا حد لها ولا كفارة فيكون جزاؤه التعزير ثم إن ارتدت هي وحدها فلا نفقة لها أما إذا ارتد هو فعليه نفقتها ومثل ذلك ما إذا ارتدا معا .
وأما الجواب عن الثالث فإن الردة فسخ لا طلاق كما هو ظاهر .
وأما الجواب عن الرابع فإن مال المرتد يقف بالردة ولكن لم يزل ملكه عنه وإنما يحجر عليه فلا يصح له أن يتصرف فيه ببيع وهبة ووقف وإجارة فإن هلك قبل الإسلام أصبح ماله فيئا للمسلمين ولكن يقضى منه دينه فلا يرثه أحد وإن رجع إلى الإسلام رفع الحجر عنه وأصبح ماله كما كان وينفق من ماله عليه وعلى من تلزمه نفقته في حال وقفه وكما أن المرتد لا يورث فكذلك لا يرث من باب أولى إذا أسلم قبل الميراث فإنه يرث ثم إن المرتد يصح له أن يملك في حال ردته كما إذا وهب له أحد شيئا كغيره ويكون حكم ما ملكه كحكم ماله الأصلي فيوقف إلى أن يسلم .
وأما الجواب عن السؤال الخامس فهو أن المهر قبل الدخول يسقط إن كانت الردة من قبلها بأن ارتدت وحدها . أو ارتدت مع زوجها وإن كانت الردة من قبله هو كان لها نصف المهر أما بعد الدخول فلا يسقط شيء من المهر سواء كانت الردة من قبلها أو من قبله كما مر وتطالب به إن لم تكن قد قبضته .
هذا وإذا وطئ المرتد زوجته بعد ردته وقبل أن يسلم كان لها مهر المثل بذلك الوطء إن دام الزوج على الردة أما إذا أسلم فلا شيء لها .
أما الجواب عن السادس فهو أن عقاب المرتد سواء كان رجلا أو امرأة القتل إن لم يتب ويرجع إلى الإسلام لقوله A : .
من بدل دينه فاقتلوه .
رواه الجماعة إلا مسلما وتطلب منه التوبة مدة ثلاثة أيام ثم يقتل بعدها إن أبى .
أما الجواب عن السؤال الأخير فإن الأمور المكفرة تنقسم إلى قسمين : أحدهما أقوال تقتضي الخروج من الإسلام كأن يقول : الله ثالث ثلاثة . أو يقول : إنه يعبد الصنم . أو يعبد البشر أو البقر أو يقول : إن الله غير موجود أو يقول : إن إبراهيم ليس برسول ومثل ذلك ما إذا أنكر رسالة رسول ذكره القرآن الكريم أو قال : إن الله لم ينزل توراة ولا أنجيلا أما إذا قال : إن التوراة والإنجيل اللذين من عند الله فقدتا ولم يبق منهما شيء فهو صحيح لا شيء فيه أو قال : إن الإنسان لا يبعث وأنكر شيئا معلوما من الدين بالضرورة كاملا كالصلاة والصيام والحج والزكاة أو أحل حراما كالزنا واللواط فإن كل ذلك أقوال توجب الردة . ثانيتهما : أفعال كذلك ومنها أن يسجد لصنم أو يلقي مصحفا في قاذورة ونحو ذلك أما لبس الزنار ونحوه من ملابسهم الخاصة فإنها حرام لا تكفر متى كان فاعلها يقر لله بالوحدانية ولرسوله بالرسالة ومثل ذلك ما إذا لبس صليبا لا بقصد التعظيم .
ومن استحل حراما وهو يتأوله فإنه لا يكفر كالخوارج الذين استحلوا قتل علي فإنهم لا يكفرون لاعتقادهم أن ذلك يوجب الزلفى إلى الله ويرفع المشاكل بين المسلمين وكذلك لا يكفر من حكم كفرا سمعه .
ولا تقبل توبة من سب الله تعالى أو سب رسولا أو ملكا صريحا بل يقتل حدا وفاقا للمالكية وخلافا للشافعية والحنفية وكذا لا تقبل توبة الزنديق وهو من أظهر الإسلام وأبطن الكفر على أن القائلين بعدم قبول توبة هؤلاء قد أجمعوا على أن التوبة تنفعهم في الآخرة إن كانوا فيها مخلصين . وكذلك لا تقبل توبة من تكررت ردته )