وما قيل في العرب يقال في العجم فيقال : الفرس مثلا أفضل من النبط وبنو إسرائيل أفضل من القبط فإذا كانت المرأة تنتسب إلى عظيم وجب أن يكون الرجل مثلها منتسبا إلى عظيم مكافئ وقيل : لا يعتبر هذا التفاوت في العجم .
وأما الدين فإنه ينبغي أن يكون الرجل مساويا للمرأة في العفة والاستقامة فإن كان فاسقا بالزنا فإنه لا يكون كفأ للعفيفة حتى ولو تاب وحسنت توبته لأن التوبة من الزنا لا تمحو عار السمعة السيئة وإن كان فاسقا بغير الزنا كالخمر والزور ثم تاب فقيل يكون كفأ للمستقيمة وقيل : لا وبه أفتى بعضهم أما إذا كانت فاسقة مثله فإنه يكون كفأ كزانية لزان فإن زاد فسقه أو اختلف نوعه فإنه لا يكون كفأ لها وإذا كان محجورا عليه لسفه فإنه ليس كفأ للرشيدة .
يعتبر في الدين إسلام الآباء فمن كان أبوها مسلما لا يكون كفأ لها من أبوه غير مسلم ومن له أبوان في الإسلام لا يكون كفأ لمن لها ثلاثة آباء ويستثنى من ذلك الصحابي فإنه كفء للتابعية وإن كانت لها آباء أكثر لنص الحديث وهو أن الصحابة أفضل من غيرهم .
وأما الحرية فإن كان فيه شائبة رق لا يكون كفأ للسليمة ويعتبر في ذلك الآباء لا الأمهات فمن ولدته رقيقة ليس كفأ لمن ولدتها عربية .
وأما الحرفة . فإن أرباب الحرف الدنيئة في العرف كالكناس والحجام والحارس ومكيسي الحمام ويسمى بالبلان ليس كفأ لصاحبة الحرفة الشريفة كالخياطة أو من أبوها خياط أو صانع كهرباء أو نحو ذلك من المهن الشريفة وصاحب المهنة ليس كفأ لبنت التاجر وابن التاجر ليس كفأ لبنت العالم أو القاضي نظر للعرف في ذلك .
أما المال فإنه لا يعتبر في الكفاءة فإذا تزوج الفقير غنية كان كفأ لها ولا يقابل بعض هذه الخصال ببعض مثلا إذا كانت المرأة حرة فاسقة والرجل رقيقا صالحا فإنه لا يصح أن يقابل الرق بالفسق فيتساقطا وكذلك إذا كانت عربية فاسقة والرجل أعجمي صالح فإنه لا تقابل أعجميته بفسقها وهكذا .
وهي شرط لصحة النكاح حيث لا رضا وهي من حق المرأة والولي معا فإذا لم يرضيا بالزوج الذي لم تتوفر فيه الكفاءة على الوجه المتقدم لا يصح العقد وقد تقدم أنها شرط لصحة عقد الولي المجبر فإذا زوج الأب ابنته جبرا اشترط أن يزوجها من كفء فإذا رضيت صح وسقط حقها ولكن الرضا بغير الكفء يشترط فيه النطق والكلام إذا كانت المرأة ثيبا فإن كانت بكرا فقيل : يكفي سكوتها مطلقا سواء كان مزوجها مجبرا أولا وقيل : لا يكفي إذا كان غير مجبر بل لا بد من نطقها وتصريحها بالرضا .
ثم إن الحق للمرأة ولوليها الأقرب لا الأبعد ويشتركان في الأنواع المتقدمة ما عدا الجب . والعنة فإن هذا العيب من حق المرأة وحدها فإذا رضيت بزوج مجنون أو عنين ولم يرض الولي صح ولا عبرة برضاه لأن هذا شيء يختص بها دونه ثم إذا رضيت بزوج وهي تظن أنه كفء فبان أنه رقيق وهي حرة أو به عيب فإن لها الحق في الخيار وللولي حق الاعتراض ولا يضره مباشرة العقد وإنما يسقط حقهما إذا علما بالغيب ورضيا .
هذا والكفاءة معتبر من جانب الزوجة أما الزوج فله أن يتزوج الأمة والخادمة . لأن الناس لا يتعيرون بافتراش من هي أدنى منهم ويصح أن يزوج الأب غلامه الصغير امرأة لا تكافئه ولكن يثبت له الخيار بعد البلوغ على أنه لا يصح له أن يزوجه أمه أو عجوزا شرهاء أو عمياء وإن كان ذلك ليس بعيب يفسخ .
الحنابلة - قالوا : الكفاءة هي المساواة في خمسة أمور : الأول الديانة فلا يكون الفاجر الفاسق كفأ للصالحة العدل العفيفة لأنه مردود الشهادة والرواية وذلك نقص في إنسانيته . والثاني : الصناعة فلا يكون صاحب الصناعة الدنيئة كفأ لبنت صاحب الصناعة الشريفة فالحجام والزبال لا يكونان كفأ لبنت التاجر والبزاز الذي يتجر في القماش . الثالث : اليسار بالمال بحسب ما يجب لها من المهر والنفقة فلا يكون المعسر كفأ للموسرة وضبط بأن لا تتغير حالها عنده عما كانت عليه في بيت أبيها . الرابع : الحرية فلا يكون العبد والمبعض كفأ للحرة . الخامس : النسب فلا يكون العجمي - وهو ليس من العرب - كفأ للعربية فإذا زوجها الولي من غير كفء وبغير رضاها كان آثما ويفسق به الولي )