( تابع . . . 2 ) : - تنقسم الوكالة إلى أقسام منا يرجع إلى الموكل . ومنها يرجع إلى .
منها : المرأة فإن لها أنتتوكل في طلاق غيرها . وليس لها أن تباشر طلافها بنفسها فهي لا يجوز لها التصرف في هذه المسألة مع أنه يجوز لها أن تتوكل .
ومنها : السفيه المحجور عليه والعبد فغن لهما أن يتوكلا في قبول النكاح بدون إذن السيد . أما في إيجاب النكاح فإنه لا يجوز منهما مع أنه لا يصح لهما أن يتصرفا في قبول النكاح لأنفسهما بدون إذن الولي والسيد .
ومنها الصبي المأمون الذي لم يجرب عليه الكذب مرة واحدة فإنه يجوز توكيله في إيصال الهدية والإذن في دخول الدار . وتفرقة الزكاة وذبح الأضحية . ومع ذلك فهو ممنوع من التصرف .
فهذه شروط الوكيل والموكل . ويزاد عليها في الوكيل معنيا فلو قال لاثنين : وكلت أحدكما في بيع كذا لم يصح . وأما الموكل فيه فإنه يشترط فيه أمور : .
أحدها : ان يكون معلوما ولو بوجه ما فإذا كان مجهولا جهالة تامة فغن التوكيل لا يصح فمثال المجهول أن يقول له : وكلتك في جميع أموري أو في كثير وقليل فهذا التوكيل لا يصح لما في الجهالة من الغرر المفضي للنزاع .
ومثال المعلوم من بعض الوجوه أن يقول له : وكلتك في بيع أموالي أو دوابي أو نحو ذلك ولو لم تكن أمواله معلومة من جميع الوجوه لأنه يكتفي بتميزها عن غيرها من العقود الأخرى .
ثانيها : أن يكون قابلا لنيابة والشيء الذي يقبل النيابة هو إبرام العقود وفسخها فله أن يوكل عنه في البيع والهبة والضمان والوصية والحوالة وغيرها من العقود . وصورة التوكيل في الضمان أن يقول : جعلت موكلي ضامنا لك كذا وفي الوصية أن يقول جعلت موصبا لك بكذا . وصورة التوكيل في الحوالة أن يقول الوكيل : أحلتك بمالك على موكلي من دين بنظيره مما له على فلان . وكذا فسخ العقود فله أن يوكل في إقالة شخص من شراء سلعة أو في رد سلعة اشتراها لظهور عيب فيها . أو في فسخ عقد له حق فسخه بخيار المجلس أو بشرط من الشروط . وكذلك له أن يوكل غيره في قبض دين أو عين أو يوكله في أن يعطي غيره دينا عليه .
أما إذا كان عليه عين ( كالقمح أو الدواب ) فإنه لا يصح أن يوكل غيره في تسليمها بل لا بد من أن يسلمها بنفسه على المعتمد . وكذا يصح له أن يوكل غيره في خصومة من دعوى وفي جواب عن دعوى سواء أرضي الخصم أم لا .
وكذا له أن يوكل في تملك أمر مباح كاصطياد السمك أو الطير . وله أيضا أن يوكل في استيفاء العقوبة وتوقيعها على الجاني فيجوز التوكيل في حضور توقيع في الحدود ولكن لا يصح التوكيل في إيفائها بمعنى أنه يوكله في أن يتحمل عنه العقوبة فإن ذلك لاقبل النيابة ( راجع مذهب الحنفية ) .
ولا يصح التوكيل في العبادات البدنية التي لا بد لها أو لمتعلقها من نية كالصلاة والإمامة فإن الإمامة وإن كانت لا تحتاج إلى نية ولكنها تتعلق بالصلاة والصلاة لا بد من نية ويلحق بهذا اليمين والإيلاء والظهار والشهادة والنذر فإن كل هذا لا يقبل النيابة .
أما العبادات التي تتركب من بدنية ومالية فإنه يصح فيها التوكيل كالحج والعمرة وتجهيز الميت وبنذر في الحج توابعه كركعتي الطواف فإنها وإن كانت صلاة لا تنفع فيها النيابة ولكن تقبل النيابة في هذه الحالة تبعا .
ومجمل القول أن العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصيام لا تقبل النيابة والعبادات المالية المحضة أو المركبة من بدنية ومالية فإنها تقبل الإنابة .
ثالثها : أن يكون الموكل فيه مملوكا فإذا وكله في طلاق امرأة سيزوجها كانت الوكالة باطلة .
أما الصيغة فإنها لفظ يدل على التوكيل من أحدهما ( الوكيل أو الموكل ) وعدم رد من الآخر فإذا قال الموكل : وكلتك في كذا أو فوضت إليك كذا سواء كان مشافهة أو كتابة أو مراسلة فإنه يصح .
ولا يشترط أن يقول الوكيل : قبلت بل الشرط ألا يرفض التوكيل وكذلك لا يشترط عمله بالتوكيل فإذا وكل شخص أخاه في أن يتصرف في شيء قبل أن بعلم بالتوكيل نفذ تصرفه ولا يشترط الفور فلو علم بالتوكيل ولم يشترط العمل فورا أو لم يرده فورا فإنه لا يضر على انه يشترط اللفظ من الجانبين في صورتين : .
إحداهما : إذا كان لشخص عين مملوكة ولكنها في يد غيره بإجارة أو إعارة أو نحو ذلك ثم وهبها لشخص آخر فوكل الموهوب له واضع اليد بقبضها فإن ابتوكيل في هذه الحالة لا يصح إلا إذا قبله واضع اليد لفظا حتى تزول عنه يده ولا يكتفي بإمساك الأرض لأن معنى ذلك استدامة إجارتها أو إعارتها .
ثانيهما : الوكالة بجعل فإذا وكل شخص آخر بأن يشتري له أرضا معلومة وله على ذلك كذا فإنه لا بد في ذلك من القبول لفظا لأن في هذه .
الحالة تكون إجارة وشروطها أن يكون العمل الذي يقوم به الوكيل مضبوطا .
الحنابلة - قالوا : يشترط في الموكل أن يكون أهلا للتصرف في الشيء الذي يريد أن يوكل فيه لأن من لا يصح أن يتصرف بنفسه فلا يصح أن يتصرف لنائبه بطريق الأولى إلا في أحوال ضرورية .
منها : أن يكون الموكل أعمى فإنه ممنوع من التصرف فيما يحتاج لرؤية كعقد البيع وافجارة ولكنه يجوز أن يوكل غيره عنه في ذلك لأن منعه عن التصرف لعجزه عن العلم بالمبيع لا لنقص فيه .
ومثل الأعمى الغائب فإن له أن يوكل غيره في عقد البيع أو الإجارة وإن كان ممنوعا من التصرف لعدم الرؤية فخرج بذلك الصبي والسفيه والمجنون ونحوهم كما تقدم في البيع على أنه يصح توكيل الصبي المميز بإذن وليه في كل تصرف لا يشترط فيه اليلوغ فلا يصح توكيله في نحو إيجاب النكاح ولكن يصح توكيله في قبوله . أما الطلاق فإنه يصح توكيله بدون إذن وليه إذا عقله .
وكذلك يشترط في الوكيل أن يكون أهلا للتصرف فيما يوكل فيه فلا يصح له أن يوكل في شيء ممنوع من التصرف بنفسه إلا في أمور : .
أحدها : أن يتوكل الحر الغني القادر على النككاح في زواج أمه لمن يتاح له فإنه ممنوع من تزويجها ولكنه يباح ل له أن يتوكل في تزويجها لغيره .
ثانيها : أن يتوكل الغني عن فقير في قبض الزكاة فإنه ممنوع عن أخذ الزكاة لنفسه ولكنه يصح توكيله عن غيره ومثل ذلك الزكاة والكفارة والنذر .
ثالثها : أن يتوكل في قبول زواج أخته أو عمته لأجنبي فإنه ممنوع من زواجها لنفسه مع جواز توكيله في قبول زواجها لغيره .
ومنها : توكيل المرأة في طلاق نفسها أو طلاق غيرها فإنه صحيح مع أن المرأة لا تتصرف في الطلاق من غير توكيل . فهذه الصور جارية على الغالب .
وأما الموكل فيه فهو كل ما فيه حق الآدمي من العقود فيصح في البيع والشراء والإجارة والمضاربة والقرض والإبراء والطلاق والرجعة والحوالة والرهن والضمان والكفالة والشركة والوديعة والمساقاة والصلح والهبة والصدقة والوصية والقسمة وغير ذلك من العقود . وكذلك يصح في تملك المباحات من صيد واحتطاب وإحياء أرض ميتة .
ولا تصح الوكالة في العقود التي لا تقبل النيابة كالظهار واللعان والنذر والإيلاء والقسامة والقسم بين الزوجين والشهادة والتقاط لقطة أو لقيط كما لا تصح في المعاصي والرضاع وغير ذلك .
ويصح للرجل أن يوكل غيره في أن يقبل له النكاح بشرط أن يسند الوكيل إليه العقد فيقول ولي الزوجة . زوجت موكلك فلانا أو زوجت فلانا فلانة ويقول الوكيل : قبلت النكاح لفلان أو لموكلي فلان فإن لم يذكر ذلك فإن النكاح يفسد وإن نوى موكله .
أما حقوق الله تعالى فمنها لا يقبل النيابة وهي الأعمال البدنية المحضة والصيام والطهارة فهذه لا يصح التوكل فيها . ومنها النيابة وهي الأعمال المالية المحضة أو المركبة من المالية والبدنية والأولى كتفرقة الصدقة والزكاة والنذر والكفارة وهذه تصح فيها الوكالة مطلقا والثانية أعمال الحج والعمرة فإنهما مركبان من أعمال مالية وبدنية ولكن لا تصح النيابة فيهما مطلقا بل عند العجز عن أدائهما .
ويصح له التوكيل في إثبات الحدود وفي استيفائها ممن وجبت عليه لقوله A : " واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فاعترفت فأمر بها فرجمت " فقد وكله في إثبات الحد واستيفائه والأولى أن يكون استيفاء الحد الموكل في الحدود المتعلقة بحقوق العباد لجواز أن يرحمه ويعفو عنه فيسقط الحد .
واما الصيغة فهي كل لفظ يدل على الإذن في التصرف : كوكلتك أو فوضت إليك في كذا أو نحو ذلك . وتنعقد الوكالة بقول بع هذا الجمل أو اعتق هذا العبد . وتنفذ أيضا بقول : أفمتك مقامي أو جعلتك نائبا عني ويصح قبول الوكالة لفظ أو فعل من الوكيل يدل على القبول ولا يشترط علم الوكيل بالوكالة فلو وكل شخص آخر ولم يعلم ولكنه تصرف بعد التوكيل نفذ تصرفه . ولا يشترط الفور لقبول الوكالة بل يصح قبولها ولو بعد سنة فأكثر )