سادسها : تنفسخ بمرض خادم عجز عن فعل ما استؤجر عليه فإن عوفي بعد ذلك قبل انقضاء المدة فإن الإجارة تعود ويكمل باقي العمل . إذا استأجر دابة فمرضت ثم صحت أثناء المدة فإن الإجارة لا ترجع لما يلحق المستأجر من الضرر في السفر بالانتظار .
سابعها : تنفسخ الإجارة ببلوغ الصبي وهو رشيد وهذه المسألة على وجهين : .
أحدهما : أن يؤجر الوصي نفسه للخدمة .
ثانيهما : أن يؤجر الوصي دار الصبي أو دابته أو نحوهما من الأشياء المملوكة له فأما في المسألة الأولى فإن القاصر إذا بلغ وهو رشيد غير سفيه فإنه يصح له أن يفسخ الإجارة بشرط أن يؤجر الولي وهو يظن بلوغه في مدة الإجارة أو لا يظن شيئا وفي هذه الحالة له أن بفسخ العقد متى بلغ رشيدا بقي من مدة الإجارة زمن كثير أو قليل .
أما إذا ظن عدم بلوغه في المدة فبلغ فيها فلا يخلو إما أن يكون الباقي منها بعد بلوفه أكثر من شهر أو شهر فأقل فإن كان الباقي منها أكثر من شهر فإن القاصر يخير في هذه الحالة وإن كان الباقي شهر فأقل فليس له الإجارة بل يازم بإتمام المدة لكونها قليلة لا يترتب عليها شيء من الضرر .
أما المسألة الثانية فإن له أن بفسخ العقد بالشرط الذي يذكر في المسألة الأولى وهو أن يؤجره داراه أو سلعته وهو يظن بلوغه في مدة الإجارة أو لا يظن شيئا فإذا أجرها وهو يظن عدم بلوغه في تلك المدة فليس للقاصر فسخ العقد بعد بلوغه راشدا بقي من المدة زمن قليل على المعتمد وذلك هو الفرق بين المسألتين . وبعضهم يقول إنه لا فرق بينهما فإن له الفسخ إذا كانت المدة الباقية كثيرة لا يسيرة وقد علمت أن المعتمد الأول لأن الوصي له حق الخيار عند البلوغ . أما إذا ظن بلوغه أثناء المدة ثم أجرها زيادة عن المدة التي يظن بلوغه عندها كان للقاصر الخيار لأن الوصي قد تصرف قيما لا يصح لح أن يتصرف فيه .
أما إذا بلغ الصبي سفيها فلا خيار مطلقا سواء بقي من الإجارة زمن كثير أو قليل .
ولا ينفسخ عقد الإجارة بإقرار المالك للغير بالعين المستأجرة فمن أجر دارا لشخص ثم أقر لآخر بأنه باعها له أو أجرها له قبل عقد الإجارة مع الثاني ولم يوافقه المستأجر الثاني ولا بينة له فإن الإجارة تستمر وليس له فسخها ويعمل لمن أقر بيعها قبل عقد الإجارة لزيد كان المشتري مخيرا بين فسخ البيع الذي أقر به المؤجر فيأخذ الثمن الذي أقر المالك أنه باع وإن كان أكثر من قيمة الدار أو يأخذ منه القيمة يوم البيع إن كانت أكثر من الثمن وإنما كان الخيار لأن المستأجر قد حال بين المبيع " وهي الدار وبين المقر له إذ بأخذ الأجرة التي أجر بها المالك قبل الاقرار أو يأخذ المثل فإذا انقضت مدة الإجارة استلم العين المؤجرة ما لم تتلف فإن أخذ قيمتها من المقر فإن أقر أنه باعها قبل عقد الإجارة وكان ذلك الإقرار بعد انقضاء مدة اجارة كان للمقر الحق في أخذ أجرتها التي أجرها المقر أو أخذ أجر المثل ثم يضع يده على العين إن كانت قائمة وإلا فله قيمتها .
وإذا أقر بأنه وهبها فلمن أقر مما أجرها به أو أجرها المثل ثم يضع عليها بعد انقضاء مدة الإجارة وإن تلفت فله قيمتها .
وإذا أقر بأنه أجرها لشخص قبل أن يؤجرها للآخر فللمقر له أن يأخذ الأكثر مما أجرت به وأجر المثل .
ولا تنفسخ بظهور فسق مستأجر كزنا وشرب خمر وينهى عن المنكر فإن انتثل وإلا رفع أمره للحاكم إن حصل لفسقه ضرر للدار أو للجار والحاكم يؤجر الدار لغيره على حسابه في مدة الإجارة إن أمكن فإذا لم يوجد لها ساكن أخرج منها وعليه أجرتها مادامت خالية .
فإذا رشد السفيه فلا يخلو إما أن يكون الولي قد دوره وأرضه ونحوهما أو يكون قد أجرها لنفسه .
فإذا كان الأول للسفيه فسخ هقد الإجارة بعد الرشد مطلقا سواء بقي كثير لأن الولي قد يتصرف فيما يجوز له التصرف فيه ولا يعتبر ظن رشده في مدة الإجارة ولا عدمه .
وإن كان الثاني وهو ما إذا أجره نفسه فإنه لا يخلو إما أن يكون قد أجرها ليعمل في صناعة أو نحوها ليعيش منها وفي هذه الحالة لا يصح له فسخ الإجارة أيضا أو يكون قد أجره في عمل لا يترتب عليه معيشته فإن له أن بفسخ الإجارة لأن الولي لا تسلط على نفس السفيه وإنما هو متسلط على ماله فقط ولهذا لو أجر السفيه فلا كلام لوليه إلا في حالة .
غبنه .
وكذلك ليس للسفيه أن بفسخ العقد عند رشده إذا أجره نفسه لأن تصرف كتصرف الرشيد .
ثامنها : ينفسخ عقد إجارة الوقف إذا مات مستحقة الذي أجره قبل موته انقضاء تلك المدة .
أما إذا مات المؤجر المالك أو المستأجر فإن العقد لا ينفسخ بموتها أحدهما ويحل الوارث محلها في اسيفاء المنفعة والفرق بين الأمرين أن له التصرف في نقل المنفعة وإنما حال حياته وبعد مماته فلمالك الدار ونحوها أن يملك منفعتها لغيره بعد وفاته . أما الموقوف عليه فليس له أن يتصرف إلا حال حياته أما بعد وفاته فلا فإذا مات فسخت الإجارة سواء انتقل الاستحقاق لولده أو لمن في طبقته أو لمن يليه وسواء بقي من مدة الإجارة زمن كثير أو يسير وسواء كان المستحق المؤجر ناظرا .
أو غير ناظر فإذا مات الناظر غير المستحق في الوقف فلا تنفسخ الإجارة بموته .
ومثل المستأجر المالك إذا كان فسقه يضر بالجيران فإن الحاكم يبيع الدار قهرا عنه أو يؤجرها بغيره ويخرجه منها ومن اكترى دارا أو اشتراها وبها سوء كان ذلك عيبا ترد به .
الشافعية - قالوا : ينفسخ عقد الإجارة بأمور .
( أحدها ) تلف العين المستأجرة فإذا استأجر شخص دارا فهدمت تلك الدار أثناء مدة الإجارة فإن العقد ينفسخ في المدة الباقية .
أما المدة التي مضت فإن على المستأجر أن يدفع قسطها من الأجرة باعتبار أجرة مثل هذه الدار بقطع النظر عن الأجرة المسماة . فإذا استأجر دكانا بثلاثين جنيها في السنة وكان يؤجر مثله بتسعين جنيها ثم هدم مضى ستة أشهر وكانت أجرة الدكان في المدة الباقية تتضاعف لكثرة المترددين عليها بحيث تساوي ستين جنيها وتساوي الستة الأولى ثلاثين جنيها فإن عليه أن بدفع ثلث الأجرة كلها وزهو ثلاثون جنيها وإن كانت تساوي الأجرة المسماة بتمامها للسنة وإنما يجب عليه دفع الأجرة للماضي إذا قبض العين المستأجرة وهلك المحمول على ظهرها فلا أجرة أجرة لمالكها ومثل هذا ما إذا استأجر سفيه غلافت حمولتها وسلمت هي .
ويشترط للفسخ شروط ثلاثة : .
الأول : أن تتلف كما ذكر في أول الكلام . أما إذا حدث بها عيب كما أصاب الدابة عرج يقلل منفعتها فإن للمستأجر في هذه الحالة خيار العيب ولا تنفسخ الإجارة .
الثاني : أن يكون التلف تماما بحيث لا يمكن الانتفاع بها . أما إذا اتلف بعضها مع إمكان الانتفاع بما بقي منها كما إذا نهدم بعض الدار وبقي منها شيء صالح للسكنى فإن الإجارة لا تنفسخ بذلك ويكون للمستأجر الخيار في هذه الحالة بين أن يسكن أو يخرج .
الثالث : أن تكون الإجارة ذمة فإذا استأجر منه جملا معين لينقل به جرنه فأحضر له جملا فأصابه عرج أو مرض قلل منفعته أو هلك الجمل فإن على المالك أن يستحضر جملا غيره لأنه أجر جملا في ذمته بدون تعيين فكل جمل يحضره يكون معقودا على منفعته بخلاف إجارة العين فإن العقد وارد على منفعته بخصوصه فإذا هلك فسخ العقد وإذا أصابه عيب يثبت الخيار للمستأجر وقد عرفت مما مضى أن العقار كادور لا يصح تأجيرها إجارة ذمة بل لا بد من تعيينها .
( ثانيها ) حبس العين المؤجرة عن المستأجر فإذا لم يتمكن المستأجر من منفعتها انفسخ عقد الإجارة سواء حبسها المالك ولو لقبض الأجرة بدون عقد جديد لأن المقصود هو المنفعة وهي باقية في جانب المستقبل لم تمس بسوء .
( ثالثها ) أن يحدث عيب في العين المستأجرة وفي هذه الحالة يكون للمستأجر الخيار ولا تنفسخ الإجارة بالعذر الطارئ فإذا استأجر حماما وتعذر عليه الحصول على وقوده أو استأجر دارا ثم أراد السفر لى بلدة أخرى أو اكترى دابة ليسافر ثم عدل عن السفر فإن كل هذا لا ينفسخ به عقد الإجارة ولا يثبت لصاحبه الخيار . ومثل ذلك ما إذا أجر داره ثم حضر أهله المسافرون ودعت الحاجة إلى أن يسكنوا فيها فإن ذلك ولا تنفسخ به الإجارة .
وإذا استأجر أرضا زراعية فزرعها ثم هلك الزرع بجائحة من شدة حر أو برد أو كثرة مرض أو أكله الجراد أو الدود فليس له فسخ العقد ولا حط شيء من الأجرة لأن الجائحة لم تؤثر في المنفعة وإنما أثرت في المزاروع وهذا لصاحب فيه بخلاف ما إذا غرقت الأرض فإن منفعتها تتعطل في هذه الحالة فيفسخ به العقد .
وكذا لا تفسخ الإجارة بموت العاقدين أو أحدهما بل تبقى إلى انقضاء المدة ويحل الوارث محل العاقد .
وكذا لا تفسخ الإجارة بموت متولي إدارة الوقف فإذا أجر ناظر الوقف عينا لمدة ثم مات أثنائها لا تفسخ الإجارة إلا إذا أجر المستحق الذي له النظر حصته ثم مات وانتقل الوقف إلى مستحق .
له النظر بعده فإنه في هذه الحالة تنفسخ على الأصح بشرط أن يكون له النظر مدة حياته . أما إذا كان له النظر على كل الوقف أو كان الناظر غير المستحق فإن الإجارة لا تنفسخ وكذا لا تنفسخ ببلوغ الصبي الذي أجره وليه إذا أجره مدة لا يبلغ فيها بالسن فبلغ بالاحتلام على الأصح أما إذا أجره مدة يبلغ فيها بالسن فإن الإجارة تنفسخ فيما زاده على خمس .
عشرة سنة وصحت فيما دونه وبعضهم يقول إنها فيما قبل البلوغ وبعده حتى لا تتفرق الصفقة والأول أصح .
وكذا لا تنفسخ باتقطاع ماء الأرض الزراعية إلا إذا تعذر سوق الماء فإذا تعذر فإن الإجارة تنفسخ .
وإذا استأجر أرضا غريقة بالماء ثم زال بعضه وانكشف جزء من الأرض انفسخت الإجارة فيما لم يزل عنه الماء وثبت الخيار فورا في الذي زال عنه .
الحنابلة - قالوا : الإجارة عقد لا ينفسخ إلا بأمور منها خيار المجلس أو خيار الشرط على ما تقدم في مباحث الخيار .
ومنها : أن يجد المستأجر عيبا في العين التي استأجرها لم يعلم به من قبل أو حدث بها عيب بشرط أن يطون ذلك العيب سببا في نقصان المنفعة التي استأجرها نقصانا يظهر به التفاوت في الأجرة فإن له في هذه الحالة فسخ العقد إلا إذا كان ذلك العيب خفيفا بحيث يمكن زواله من غير لحوق ضرر بالمستأجر كعرج الدابة المؤقت .
مثال العيب الذي تنقص بها المنفعة أن تكون الدابة جمرحا أو بها عرج يتأخر به عن القافلة أو يتعب معه راكبها ونحو ذلك أو تكون الدار مختلة البناء يخشى من سقوطها أو بها حائط مهدومة أو انقطع لومته الأجرة بتمامها وإذا اختلفا في العيب فقال المستأجر إنه عيب يفسخ به وقال المؤجر لا فإنه يرجع في ذلك إلى أهل الخبرة وما يقررونه به ويكفي خبيران في ذلك .
ومنها : أن يتصرف المالك في العين المؤجرة قبل تسليمها أو امتنع من التسليم حتى مضت مدة الإجارة فإن العقد في هذه الحالة .
أما إذا تصرف فيها بعد التسليم كأن أجر دارا فسكنها زيد ثم أجرها مرة أخرى لعمرو فإن هذا التصرف لا يفسخ العقد وعلى المستأجر جميع الأجرة فإذا سكن المالك في جزء منها يعد تأجيرها كلها كان عليه أجرة المثل فيما سكن فيه .
وإذا أجر المالك عيبا مدة معينة ثم امتنع من تسليمها للمستأجر في نصف المدة وسلمها بعد ذلك فإن العقد ينفسخ في المدة التي لم يسلمها فيها فقط وعلى المستأجر أن يدفع أجرة المدة الباقية على حساب الأجرة المسماة بينهما أما إذا سكن المستأجر في الدار بعد المدة ثم منعه المالك من السكن الباقي لا يكون له الحق في الأجرة الماضية تنفسخ سواء كانت قبل القبض أو بعده ولا أجرة عليها فإن تلف في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة أما الماضية فإنه يدفع عنها بحساب الأجرة المسماة . فإذا استأجر دارا فانهدمت في أثناء المدة فإن العقد ينفسخ فيما بقي وكذا إذا استأجر أرضا للزرع فانقطع ماؤها مع الحاجة إليه فإن الإجارة تنفسخ فيما بقي من المدة أما إذا استأجر أرضا زراعية ثم زرعها فغرق الزرع أو اجتاحه آفة أو لم ينبت رأسا فإن الإجارة لا تنفسخ بذلك ولا يلزم المالك بحط شيء من الأجرة .
ولا تنفسخ الإجلرة بموت أحد العاقدين أو موتهما إلا إذا كان المؤجر موقوفا عليه فأجرها لكون الوقف عليه ولا ناظر له بشرط الواقف فإن الإجارة تنفسخ بموته .
وكذلك لا تفسخ الأعذار كما استأجر دكانا يبيع فيه بضاعة فاحترقت فإن الإجارة لا تنفسخ بذلك .
ويبث الخيار للمستأجر بغضب العين المؤجرة فإذا استأجر فدانا ليزرعه فاغتصبه شخص فإن كان الفدان غير معين يلزم المالك تسليمه غيره كان مخيرا بين فسخ الإجارة أو الانتظار حتى يرد المغضوب فإن كان لمدة فسخ العقد نهاية المدة أما إذا كان غير معين لمدة فإن للمستأجر الخيار بين فسخ العقد والانتظار حتى ترد العين المغصوبة وإذا فسخ العقد كان الغاصب ملزما بالإجارة وله حق الفسخ ولو بعد فراغ المدة وعليه أجرة ما مضى قبل الفسخ من المسمى )