- عقد الإجارة اللازمة ولكنه يفسخ بأمور مفصلة في المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : يفسخ عند الإجارة بأمور : .
أحدهما : أن يكون للمتعاقدين أو لأحدهما خيار الشرط كما تقدم في البيع لأن الإجارة بيع المنافع فهي قسم من أقسام البيع فإذا أستأجر شخص دارا من الأخر على أن له الخيار ثلاثة أيام وهى مدة الخيار فله أن يفسخ العقد قبل مضي هذه المدة بشرط أن يعلم المالك بذلك على الأصح فإن كان الملك غائبا ولم يعلم بالفسخ فإنه لا ينفذ .
ثانيها : خيار الرؤية فلو أستأجر أراضي زراعية مي جهات متعددة ثم رأى بعضها فله أن يفسخ الإجارو في الكل ولا يتوقف الفسخ على رضاء المالك وعلى القضاء في خيار الشرط وخيار الرؤية فمتى فسخ المستأجر العقد وأعلن المالك با لفسخ فإنه ينفذ وليس للمالك الخيار إلا ذا اشترطه .
أما في حال عدم الرؤية فإن العقد يكون لازما فب حق المالك وإن لم يكن لازما في حق المستأجر .
ثالثها : خيار العيب فإذا أستأجر شخص دارا أو أرضا زراعية أو دابة أو غير ذلك وكان بها عيب فإن للمستأجر أن يفسخ العقد ولا ينفسخ العقد بنفسه بل لابد من أن يفسخه الستأجر سواء كان له خيار الشرط أو خيار الرؤية أو خيار العيب فإذا علم بالعيب قبل العقد فإنه لا خيار له لرضائه به . ثم أن العيب يكون على ثلاثة أوجه : .
الوجه الأول : أن يحدث في العين المستأجرة بدون أن يكون له تأثير في المنفعة مطلقا مما إذا استاجر دارا فسقطت منها حائط لاتضر بالسكنى ولا تقتل الانتفاع أو أستأجرجملا ليحمل عليه فذهبت إحدى عينه وحكم هذا العيب أنه لا يثبت به الخيار للمستأجر لأن العقد في الحقيقة وارد على المنفعة دون العين وهي في هذه الحالة لم ينقص منها شيء .
الوجه الثاني : أن يكون له تأثير في المنفعة كلها بحيث لا يمكن لمستأجر أن ينتفع بهذه العين في الرغض الذي ايتأجرها من أجله كما استأجرها من أجله كما إذا استأجر دارا فانهدمت . وحكم هذا أن الأجرة تسقط من سقوط الدار ولكن لا يفسخ العقد إلا إذا فسخه المستأجر لأنه أن ينتفع بالأرض ولا يشترط في الفسخ حضور المالك ولا رضاه .
ومثل ذلك ما استأجر أرضا زراعية فانقطع الماء الذي تروي به حتو لو كانت تروى بالمطر فانقطع فإنه في هذه الحالة لا أجرة على المستأجر وله فسخ العقد بدون حضور المالك وإذا وجد ماء يكفي لري بعضها فقط فإنه لا يسقط خيار المستأجر بل هو مخير في أن يفسخ العقد جميعه أو يأخذ ما روي بحسابه وإذا انقطع الماء ولكن كان يرجى عودته فإنه لا خيار للمستأجر وكذا إذا قل الماء .
الوجه الثالث : أن يكون للعيب تأثير في بعض المنفعة بحيث يقلل الانتفاع ولا يفوته كما إذا استأجر رجلا للخدمة فمرض مرضا ينقص من عمله فالمستأجر بالخيار إن شاء أمضى العقد وإن شاء فسخه فإن لم يفسخ العقد ومضت المدة فإن عليه الأجرة كلها .
فإذا استأجر شيئا حدث به عيب يمكن إزالته كسد بالوعة دورة المياه ونحوها وأزاله المالك فلا خيار للمستأجر فإن أزاله بلا إذن المالك كان متبرعا ليس له حق في مطالبة المالك به .
فإن انتهت مدة الإجارة كان له قلعه إذا كان بعد القلع ينتفع به كما إذا بنى حائطا باللبن المحروق أو الحجارة فإن له نقضها وأخذها لينتفع بها .
وأما إذا كان بعد الهمد لا ينتفع به فليس له قلعة في هذه الحالة سفه غير مفيد وخير للمستأجر أن يترطه للمالك ينتفع به .
هذا ولا يجبر المالك على إصلاح الخلل الذي يحدث في ملكه فإن أبى الإصلاح فالمستأجر بالخيار إما أن يبقى أو يخرج من الدار إلا إذا كان عالما بذلك الخلل قبل العقد فإنه ليس له أن يخرج في هذه الحالة لأن علمه به قبل العقد يسقط خياره كما تقدم .
أما إذا كانت الدار وقفا فإن الناظر يجبر على إزالة الخلل لأن ترك الخلل ضار بملحة الوقف والناظر ملزم بمراعاة مصلحة الوقف .
ومن هذا يتضح أن على المالك إصلاح المنازل المملوكة كإصلاح بالوعة الماء ( والخزانات الخاصة بدورات المياه ) وعليه تفريغها ( كمسحها ) حتى لو امتلأت من المستأجر لأن ما يوجد بهذه الأشياء يكون منه قبل تسليمها إلا إذا اقتضى العرف أن يكون تفريغها على المستأجر إخراج الرماد والتراب مطلقا سواء في الحمام أو غيره إلا إذا كان التراب موجودا من قبل فليس على المستأجر إخراجه وإن اختلفا فيه فالقول للمستأجر .
رابعها : أن يستأجر شخص آخر على عمل قد يترتب على تنفيذ العقد ضرر بسببه في نفس المستأجر أو ماله . ولذلك أمثلة : .
منها : أنة يستأجر طبيبا لبتر عضو من أعضائه لوجود آلام به . ثم عدل عن هذا فإن له العدول سواء سكن الألم أو لم يسكن لأن إزالة العضو في ظاهر الأمر ضرر والشخص أمين على نفسه فربما سكن الألم وسلم العضو فيكون إزالته ضررا حقيقيا .
ومنها : أن يستأجر طباخا ليطبخ له وليمة عرسه ثم عدل فليس للطباخ أن يطالبه بتنفيذ عقد الإجارة لأنه قد يترتب على تنفيذ العقد خسارة المواد التي يعمل فيها من اللحم والسمن ونحو ذلك فليس للطباخ أن يطالب بتنفيذ عقد الإجارة ولا يشترط أن يوجد سبب ظاهر للعدول سوى ذلك كطلاق العروس أو موتها كما لا يشترط زوال الألم في مثال الأول بل مجرد احتمال الخسارة كاف في عدم لزوم عقد الإجارة .
ومنها : أن يستأجر عمالا لهدم منزل ليجدد بدله ثم عدل عن ذلك فليس لهم المطالبة بتنفيذ العقد لأن الهدم يترتب عليه ضياع مال .
ومنها : أن يستأجر خياطا ليخيط له أثوابا ثم عدل لأنه قد يترتب على تمزيقها ( تفصيلها ) وخياطتها خسارة إذ ربما يكون قد استغنى عن لبسها أو لا حاجة له إليها فليس للخياط أن يطالب بتنفيذ العقد .
ومثل ذلك : ما إذا ترتب على تنفيذ العقد استهلاك عين كما إذا استأجر شخص آخر ليكتب له كتابا على ورق اشتراه أو يطبعه له فإن له أن يعدل لأن تنفيذ العقد يترتب عليه ضياع الورق .
وذلك نظير ما مر في في المزارعة من أن لصاحب البذر الحق في الفسخ العامل لما يترتب على تنفيذ العقد من خسارة بذره . وإذا ترتب على فسخ العقد ضرر العامل أو صاحب الأرض فإنه يرجع فيه للعرف .
خامسها : أن يوجد للمالك يضطره إلى بيع العين المستأجرة ولذلك أمثلة : .
ومنها : أن يكون المالك مدينا ولا مال يسد منه دينه سوى هذه العين فإن له أن يبيعها ويفسخ الإجارة وثبت الدين بإقرار المالك كما إذا أقر لشخص بأن عليه دينا وحل موعده فإن له أن يفسخ عقد الإجارة أو بعده ؟ .
والجواب : أنه لا يلزم ذلك بل لو أقر لشخص بدين العقد يلزمه وتفسخ به الإجارة ولا يقال إن الإقرار يتعلق بذمة المقر وحده وليس للغير حق فيه فيعامل به .
وللدائن ملك المدين فتعديه للمستأجر غير مقصود على أنه يشترط أن يكون فسخ العقد بالقضاء فلا يصح للمالك أن يبيع داره المستأجرة ليسدد دينه المقر به إلا إذا فسخ العقد القاضي على الصحيح ومتى كان الفسخ بالقضاء فإن الإقرار بالدين يكون عذرا واضحا لا خفاء فيه .
ومن هذا تعلم أن كل عذر خفي لا يصح أن يكون سببا لفسخ عقد الإجارة إلا إذا فسخ به القاضي .
وأما الأعذار الواضحة فإنه لا يشترط فيها القضاء على الصحيح وذلك كما إذا كان على المالك دين ثابت بطريق رسمي كالديوان المسجلة المعروفة بين الناس فإن له في هذه الحالة الفسخ بدون قضاء وإنما يكون لح حق بيع العين لسداد الدين إذا لم يكن قبض أجرة معجلة تستغرق كل ثمنها ولا يزيد منها شيء يسد الدين فإن كانت الأجرة المعجلة تستغرق كل ثمنها فلا تفسخ الإجارة ولا تباع العين .
أما إذا كان ثمنها يزيد على قبضه معجلا من المستأجر فإن له أن يبيعها وعليه أن يبدأ بسداد دين المستأجر وما فضل فلغيره من الدائنين . بقي ما إذا إذا أجر دارا لرجل ثم أقر هذه الدار ملك للغير فإنه في هذه الحالة لا يفسخ عقد الإجارة بل يقضي بالدار لمن أقر بها انقضاء مدة الإجارة .
ومن الأعذار الصحيحة لفسخ عقد الإجارة عدم القدرة على النفقة على نفسه أو أهله فمن كانت دارا مستأجرا للغير ثم أعسر ولم يجد ما ينفقه فإن له أن يفسخ الإجارة ويبيعها وهل القضاء شرطا أو لا ؟ المختار أن القاضي يحتم بنفاذ هذا البيع ويحصل بذلك فسخ عقد المستأجر فإذا باعها بغير إذنه فإن البيع يكون صحيحا ولكنه لا ينفذ إلا بعد انقضاء مدة الإجارة بيعا صحيحا موقوفا وليس للمستأجر أن يفسخه .
أما المشتري فقيل يملك الفسخ إذا علم مستأجر وقيل لا يملك ويالثاني أخذ المشايخ .
ومثل المؤجر المرهون فإنه لا يصح بيعه فإن بيعه بدون إذن الراهن يقع صحيحا موقوفا لا ينفذ حتى يسد الرهن .
ومن الأعذار السفر فمن أراد أن يسافر من جهة إلى أخرى فإن له أن بفسخ الإجارة ومن ذلك ما إذا استأجر القروي دارا في المصر ثم أراد أن ينتقل إلى قريته فإن له فسخ العقد .
ومن الأعذار إفلاس المستأجر فإذا استأجر شخص من آخر دكانا ليتجر فيه ثم أفلس له أن يفسخ عقد الإجارة . وأما إذا كسدت الدكان فليس له أن يفسخ بذلك .
وإذا أراد أن يترك التجارة في النوع الموجود في الدكان ويتجر في نوع آخر كما إذا كان يتجر في القماش فأراد أن يتجر في الطعام فإن له أن ينتقل من هذه الدكان إلى غيرها ويفسخ العقد بشرط أن لا تكون صالحة للعمل الذي يريد أن يعمله وإلا فلا .
ومنا أن يستأجر دابة ليسافر بها إلى جهة ثم بدا له أن لا يسلفر إلى هذه الجهة فإن له أن يفسخ العقد في هذه الحالة ولو في نصف الطريق ولصاحب الدابة الأجرة بنسبة المسافة التي قطعتها . وإذا اشترى دابة بعد استئجار دابة الغير فإن له أن يفسخ العقد أيضا .
أما إذا استأجر دارا مدة ثم اشترى دارا فليس له أن يفسخ العقد لأنه يمكنه أن ينتفع بتأجير داره التي اشتراها بخلاف الدابة فإنه وإن كان يمكنه تأجيرها إلا أن استعمال الدابة يختلف باختلاف راكبها فقد لا يرغب .
صاحبها في أن يركبها غيره أو قد يؤجرها لمن يركبها فيضرها كما تقدم .
وإذا استأجر شخص آخر ليسافر في خدمته يوجب فسخ عقد الإجارة بشرط أن يعقد الإجارة لنفسه لا لغيره . أما إذا عقدها لغيره فإن عقد لا ينفسخ بموته كما إذا وكل المالك شخصا في تأجير داره التي يملكها ففعل ثم مات الوكيل فإن العقد لا ينفسخ لأن الوكيل وإن كان مباشرا للعقد لم يكن له بل لموكله الذي ينتفع بالأجرة فلا تنفسخ الإجارة إلا إذا مات المالك وكذا إذا وكل شخص آخر في أن يستأجر له منزلا يسكنه ففعل ثم مات الوكيل فإن العقد لا ينفسخ . والحاصل أن عقد الإجارة لا يبطل بموت الوكيل سواء كان من طرف المؤجر أو المستأجر على الصحيح وبعضهم .
يقول إن موت وكيل المستأجر يوجب فسخ العقد لأن للموكل فهو بمنزلة المالك بمعنى أن الملك يثبت للوكيل بشراء أولا ثم للمالك ثانيا وسواء صح أو لا فإن ملك الوكيل غير مستقر على أي حال فلا يصح أن يكون مالكا بموته تبطل بموته الإجارة .
ومثل الوكيل الوصي ومتولي الوقف فإذا استأجر شخص من وصي القاصر أو وليه كالأب والجد أو من القاضي ثم مات القاشي المؤجر فإن الإجارة لا تفسخ مستحق الأجرة وهو القاصر باق موجود والمستحق عليه وهو المستأجر باق فلا تفسخ بموت مباشر العقد حتى ولو كان ناظر الوقف هو المستحق الوحيد الذي يملك كل الغلة فإنه إذا مات لا تفسخ الإجارة لأنه لا يملك العين الموقوفة على الصحيح .
وإذا مات العاقدين الذي عقد لنفسه فإنها تنفسخ بدون حاجة إلى فسخ إلا لضرورة كأن مات المؤجر في موضع ليس به حاكم ولا قاض يرفع إليه . كما إذا استأجر شخص جملا من آخر ليسافر به في الصحراء ثم مات المؤجر أثناء السير فإن الإجارة في هذه الحالة في هذه الحالة تبقى إلى أن ينتهي السير إلى مكان به قاض أو حاكم يرفع إليه الأمر للمستأجر نفسه أو لغيره حسب المصلحة .
أما إذا مات المستأجر أثناء الطريق فإنه يحسب عليه الأجر بنسبة المسافة التي قطعتها .
وإذا استأجر شخص من آخر دارا ثم مات المؤجر وبقي المستأجر في الدار فإن طالبه الورثة بالأجرة ثم سكن بعد المطالبة فإنه يلزم بها وإن طالبوه بها فإن كان المنزل معدا للاستغلال بأن بناه لذلك أو اشتراه لذلك أو بناه لسكناه م أخبر الناس بأنه أعداه للاستغلال فأنه يلزم بالأجرة وإلا فلا وبعضهم يقول إنه يقول إنه يكون معدا للاستغلال بتأجيره ثلاث سنين متوالية .
ومن هذا تعلم أن الموت لا يبطل الاعداد للاستغلال خلافا لمن يقول ذلك ولا يفسخ عقد الإجارة بحنون أحد المتعاقدين ولو مطبقا كما لا تفسخ بما يظهره المستأجر فيها من الفسق كشرب الخمر والزنا واللواط فإن ذلك ليس عذرا يجعل للمالك أو الجيران الحق في الفسخ وإنما لهم نهيه عن الخمر ورفع أمره للحاكم ليغروه حتى يكف عن الشر والفساد وإذا رأى الحاكم أنت يخرجه فإن له ذلك كما يفعله الناس في زماننا من الفساد في بيوتهم المسكونة لهم وسط جيران صالحين فإن لهؤلاء الجيران أن يخرجه أو يؤدبه .
المالكية - قالوا : ينفسخ عقد الإجارة بأمور : أحدها أن تتلف العين المتعلقة بها المنفعة المطلوبة بحيث لا يمكن للمستأجر أن يستوفيها كما إذا استأجر شخص من آخر دارا فانهدم أو اكترى فماتت فإن العقد في هذه الحالة ينفسخ لأن المستأجر لا يمكنه أن يستوفي المنفعة التي عقد أجلها : .
ثانيها : أن يستأجر شخص آخر على قلع ضرس فيسكن ألم الضرس قبل أو على عملية جراحية فيزول عملها فإنه هذه الحالة ينفسخ العقد .
أما إذا لم يسكن الألم فإن المستأجر يلزمه دفع الأجرة وإن لم يعمل من غير أن يجبر على قلع ضرسه أو شق دمله مثلا .
ثالثها : أن تغتصب الدار المستأجرة مثلا أو تغتصب منفعتها ولا يمكن تخليصها من الغاصب بالحاكم أو بشيء آخر .
رابعها : أن يأمر الحاكم بإغلاق الدكاكين أو هدمها مثلا فإن الإجارة تنفسخ بذلك .
خامسها : تنفسخ إجارة المرضع بظهور حملها أو حصول مرض لها لا تقدر معه على إرضاع الطفل كما تقدم .
( يتبع . . . )