- في الأمور التي تجوز إجازتها والتي لا تجوز تفصيل في المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية قالوا : الأشياء التي تستأجر : .
( 1 ) منها ما يصح استئجاره باتفاق .
( ب ) ومنها ما لا يصح استئجاره كذلك .
( ج ) ومنها ما هو مختلف فيه . فأما الذي يصح استئجار فهو خمسة أمور : .
الأول : الدكاكين والدور .
الثاني : الأراضي الزراعية والأراضي الفضاء للبناء أو لغرس الأشجار فيها .
والثالث : الحيوانات كاستئجار الجمال والخيل والبغال والحمير والبقر لركوبها أو للحمل عليها أو للحراثة أو نحو ذلك .
الرابع : استجار الآدمي للخدمة أولحمل المتاع أو لصنع شيء كالخياطة والصباغة والحدادة ونحو ذلك . ومن هذا استئجار المراضع لتقوم برضاع الأطفال وتسمى الظئر .
الخامس : إجارة الثياب والخيام والحلي ونحو ذلك .
ويعلق بكل قسم من هذه الأقسام أحكام سترد عليك مفصلة فيما يلي : .
القسم الأول استئجار الدكاكين والدور ويتعلق بها أمور : .
( أحدهما ) : أنها تصح إجارتها بدون بيان ما يعمل فيها كما تقدم لأن المعروف من استئجارها إنما هو السكنى والسكنى لا تتفاوت فلا يلزم بيانها .
ثانيهما : أن للمستأجر أن يسكن بنفسه أو يسكن غيره باجرة ويغير أجرة حتى ولو شرط أن يسكن وحده فهذا الشرط لا يعمل به . ومثل الدكاكين والدور كل شيء لا يختلف استعماله باختلاف المستعمل كالأرض الزراعية والآدمي المستأجر للخدمة فإن المستعمل بالنسبة لهما لا يختلف حاله أما ما يختلف استعماله باختلاف المستعمل كالدواب والثياب والخيمة فإنه لا يصح للمستأجر أن يؤخرها لغيره إذ قد يستأجر الدابة لركوبها شخص نحيف تقوى على حمله فربما يؤجرها لشخص ينصها في مكان بعيد عن الشمس والمطر فلا يضر بها فربما يؤجرها لشخص ينصبها في مكان فيه شمس ومطر فتتأثر به .
ثالثهما : لا يصح للمستأجر أن يؤجر العين التي استأجرها لصحابها الذي استأجرها منه فلو استأجر محمد دارا من خالد لمدة سنة فلا يصح لمحمد أن يؤجر تلك الدار لخالد سواء كانت تلك الدار ملكا لخالد مستأجرها من شخص آخر حتى واو تخلل بينهما ثالث كأن أجر محمد تلك الدار لبكر وأجرها بكر لخالد منه ابتداء فإنه لا يصح . فلو وقع وأجرت الدار لخالد ثانيا فهل يبطل العقد الأول أو لا يبطل ؟ الصحيح أنه لا يبطل العقد الثاني الفاسد الصحيح . وهل يلزم المستأجر وهو محمد بالأجرة أو لا ؟ والجواب أنه إذا استلمها فإنه يلوم بأجرتها .
أما إذا كانت في يد خالد ولم يستلمها محمد فلا يلزم بأجرتها .
رابعها : إذا استأجر شخص دارا أو دكانا بمبلغ معين كجنيه في الشهر فلا يحل له أن يؤخرها لغيره بزيادة .
ومثل الدور والدكاكين في ذلك غيرهما من الأشياء المستأجرة كالأرض الزراعية فإنه لا يصح للمستأجر أن يؤجر ( من باطنه ) بأجرة زائدة على ما استأجر به وإنما يصح له تأجيرها بالأجرة التي استأجر بها بدون زيادة فإذا فعل فإن عليه أن يتصدق بالزيادة . ويستثنى من ذلك ثلاثة أمور : .
الأمر الأول : أن يضم إلى الدار المستأجرة ونحو هما شيئا من ملكه يصلح للتأجير ويؤجره معها فإن فعل ذلك وأجرها بزيادة فإنه يصح .
الأمر الثاني : أن يحدث في العين المستأجرة إصلاحا كأن يبيض حيطانها ويرم جدرانها إن كانت دارا أو يشق فيها ترعة إن كانت أرضا . وبعضهم يقول إن شق الترعة لا يكفي وإنما الذي يكفي هو أن يحدث في هذه الحالة بناء على ما زاده من العمل ولا يخفى أن في شق الترعة إصلاحا فقوله غير صحيح .
الأمر الثالث : أن يؤجرها بغير جنس ماستأجر به كما إذا استأجرها بنقود وأجرها بعرض تجارة قيمتها أكثر فإن الزيادة تحل له . هذا وإذا استأجر بيتين صفقة واحدة وزاده في أحدهما عن الآخر فإن له أن يؤجرها بأكثر .
أما إذا استأجرهما في صفقتين فإن الزبادة لا تحل له .
( خامسهما ) : للمستأجر الدور والدكاكين أن يعمل فيها كل مالا يضر ببنائها أو بسقوفها فله أن يبني التنور ( الفرن ) وإن احترق بها شيء لا يضمنه المستأجر إلا إذا بناها بدون احتياط كأن وضعها تحت سقف خشب يتأثر بما يتصاعد من نارها فإنه في هذه الحالة يكون مقصرا فيضمن ما احترق . وللمستأجر أيضا أن يكسر خشب الوقود . ويستعمل المدق ( المطحن ) لطحن الملح ونحوه ويستعمل الرحى لطحن الحبوب بشرط أن لا يضر ذلك الاستعمال بالبناء فإنه لا يصح إلا برضا المالك أو باشتراطه في العقد وعلى هذا فلا يصح للمستأجر أن يسكن الدار حدادا أو نجارا أو نحوهما من أرباب الحرف التي تحتاج إلى دق شديد يضر بالمنزل إلا إذا رضي المالك أو اشترطه المستأجر في العقد وإذا قال المستأجر : إنني اشترطت عليك أن أفعل في المنزل ذلك الذي يضر وقال المالك لم تشترط فإن القول في هذه الحالة للمالك وإذا أقاما البينة فالذي تسمع بينته المستأجر لأنه يريد إثبات شيء زائد على أصل العقد . وإذا استأجره للنجارة فاستعمله للحدادة فإن له إن اتحد ضررهما . وإذا استأجر دارا للسكنى فاستعملها للحدادة فأضر ببنائها كان ضامنا للضرر الذي حصل فعليه التعويض وسقط عنه الأجر في هذه الحالة لأن الأجرة لا تجتمع مع الضمان إذ الأصل في المستأجر أن لا يكون ضامنا أما إذا سلمت الدار ولم يضرها الاستعمال فإنه عليه الأجرة لأنه تبين في هذه الحالة أن الاستعمال غير ضار وهذا بخلاف الدابة والخيمة فعلا والثوب ونحوها فإنه إذا استأجر دابة ليرطبها فأجرها لغيره فإنه يكون غاصبا في هذه الحالة فعليه ضمانها إذا حل لها عطب وتسقط عنه الأجرة مطلقا سواء عطبت أو سلمت لأن منافع المغصوب غير مضمونة إلا في أمور ستأتي في بابها وإنما المضمون هو المغصوب .
ومثل ذلك ما إذا استأجر خيمة فأجرها لغيره أو ثوبا أو نحو ذلك مما يختلف استعماله باستعمال الأشخاص فإنه لا يصح للمستأجر الأول أن يؤجره فإذا فعل كان غاصبا وعليه الضمان وذلك لأن أحوال الناس تتفاوت في مثل ذلك .
( سادسهما ) : يجوز أن يزيد المستأجر في الأجرة أثناء المدة إذا كانت من غير جنس نا استأجر به فإذا استأجر شخص من آخر دكانا مدة سنة شهرية ( جنيهين ) وعرض في خلال المدة ما يوجب الزيادة فزاد المستأجر متطوعا في الأجرة فإنه لا يصح للمؤجر أن يأخذها إلا إذا كانت من غير جنس الجنيهات التي استأجر بها أما بعد انقضاء المدة فإن الزيادة من المستأجر مطلقا وهل تعتبر الزيادة في أثناء المدة عن الأشهر الباقية أو توزع على أشهر السنة كلها خلاف وليس للمالك أن يزيد الأجرة على المستأجر مدة عقد الإجارة مطلقا سواء ارتفعت إجارة العين لعارض أو لا إلا في الوقت وملك اليتيم على التفصيل الآتي في الوجه السابع .
( سابعهما ) : إذا أخرجت دارا موقوفة أو ملك فاحش فإن الإجارة تقع فاسدة ومثل الدار في هذا الحكم غيرها من دكان أو أرض زراعية أو غير ذلك مما يصح استئجاره . وقد اختلف في حكم المستأجر فقال بعضهم إنه غاصب وقال بعضهم : إنه ليس بغاصب وعليه أجر المثل في المدة التي استعمل فيها الدار .
والمراد بالغين الفاحش مالا يدخل تحت تقويم المقومين بمعنى أن أهل الخبرة بعضهم يقوم الدار مثلا بعشرة وبعضهم يقومها بتسعة وبعضهم يقومها بثمانية وهو يؤرجرها بسبعة فإن ذلك يكون غنبنا فاحشا لأن السبعة لم بقومها بها أحد ومتى ثبت أنها أجرت بغبن فاحش فإن الناظر يؤجرها بأجر المثل لمن يرغب فيها سواء أكان المستأجر الأول . ولا تكفي مجرد دعوى الناظر أو الأجنبي بأن الأجرة بغبن فاحش لأن الناظر متهم بنزعها من يد المستأجر كي يؤجرها لغيره والأجنبي متهم بأنه يريد استئجارها لنفسه بل لا بد من أن يخير من أن يخبر القاضي رجل خبير بمثل هذه الأمور بأن كانت الأجرة وقت العقد بغبن فاحش . وإذا شهدت بينة بأن الأجرة أجرة المثل وقت العقد واتصل بها القضاء فإنه يعمل بها ولا تنقص بخبر الواحد الخبير إلا إذا كذبها الظاهر . أما إذا لم يتصل بها القضاء فإنها تنقص ويعمل بخبر الواحد ذي الخبرة .
بقيت مسألة أخرى وهي ما إذا أجر الناظر بأجر المثل ثم زادت رغبات الناس فيها فزادت أجرة المثل عما كانت عليه فماذا يكون الحكم فماذا يكون الحكم ؟ والجواب أن هذه المسألة على وجهين : .
الوجه الأول : أن لا تكون العين المستأجرة مشغولة بملك المستأجر كالدار والدكان والأرض التي لا زرع بها فإن هذه الأشياء يمكن إخلاؤها من المنقولات التي بها . وحكم هذا أن الزيادة التي عرضت للعين تعرض على المستأجر بعد ثبوتها فإن قبل فذاك وإن لم يقبل فالناظر يفسخ العقد ويحكم به القاضي ثم يؤجر بالزيادة وليس للمستأجر أن يتمسك بأنه أجرها بأجر المثل وليس للناظر أن يزيده في أثناء المدة على الأصح المفتى به . وبعضهم يقول إن المعتبر في ذلك هو وقت العقد فمتى كانت أجرة المثل وقت العقد فلا ينظر للزيادة التي عرضت بكثرة الرغبات وهذا القول وجيه في ذاته لمل يترتب عليه من احترام العقود وعدم نفرة الناس من تأجير الوقف فإنهم إذا عملوا بأنهم مهدون بفسخ العقد لعارض تقل رغبتهم في التأجير فليس من المصلحة نقضه ما دام مؤجرا بأجر المثل وقت العقد على أن بعضهم قال : إنه لا يفسخ في هذه الحالة إلا إذا بلغت الزيادة نصف الذي أجر به أولا فإذا كان مؤجرا بخمسة لا يفسخ إلا إذا زاد إلى عشرة وهذا القول يبرز الفسخ في الجملة لأن مصلحة الوقف في هذه الحالة تكون ظاهرة ولكن المعتمد عندهم أن الفسخ يكون بالزبادة التي لا يتغابن الناس فيها عادة سواء كانت نصفا أو ربعا أما الزيادة اليسيرة كالواحدة من العشرة فإنه لا يفسخ العقد من أجلها باتفاق .
الوجه الثاني : أن تكون العين المستأجرة مشغولة بملك بحيث لا يمكن إخلاؤها بدون إتلاف ذلك الملك ويشتمل ذلك الوجه على صورتين : .
الصورة الأولى : أن تكون العين مشغولة بالزرع الذي له مدة ينتهي إليها حصاده كالقمح والذرة ونحو ذلك .
وحكم هذه الصورة أن تعرض الزيادة على المستأجر فإن قبلها فإنها تحسب عليه من وقت الزيادة إلى أن يحصد ولو انتهت مدة العقد وإن لم يقبل الزيادة يؤمر بقلع الزرع إن لم يضر بالأرض فإن أضر بها يتملكه الناظر لجهة الوقف بقيمته جبرا على المستأجر .
الصورة الثانية : أن تكون الأرض مشغووولة بالبناء وغرس الأشجار ليس لها مدة يقلع فيها كانخيل والرمان ونحو ذلك وفي هذه الحالة تعرض الزيادة على المستأجر فإن قبلها تحسب عليه من وقتها إلى انتاهء مدة العقد فقط لأن الشجر والبناء ليست لهما مدة معلومة . فإذا كانت مؤجرة مشاهرة فسخها وأجرها لغيره .
أما البناء أو الشجر إن كان قلعة يضر بالوقف فالناظر مخير إما أن يضمه للوقف بقيمته أو يتركه حتى يسقط وحده .
أما إذا لم يضر بالوقف فإنه المستأجر يكلف برفعه وأخذه ومحل هذا كله إذا كان الغرس والبناء بدون إذن الناظر لإغن كان بإذنه فإنه يضم للوقف ويرجع الغارس أو الباني على الناظر بقيمة ما أنفقه .
وإذا كانت زيادة الأجرة بسبب بناء الناظر أو غرسه فإنه لا يطالب بالزيادة باتفاق لأن الذي نشأت معه الزيادة إنما جاء من ملك المستأجر .
وبعضهم يقول : إذا غرس المستأجر في أرض الروقف أشجارا أو بنى ومضت مدة الإجارة فله أن يبقيها فلا يقطع الأشجار ولا يهدم البناء ويدفع عليها بقائها في الأرض بمثل ما يستأجر به الأرض لذلك عادة . ولا يملك الناظر ولا المسستحقون جبره فلع الشجرة ورفع البناء ولا ضمنها إلأى جهة الوقف إلا إذا أذنه الناظر بأن يبني لجهة الوقف .
أما إذا أذنه بأن يبيني لنفسه وأشهد على ذلك فإنه لا يضم ولا يقلع جبرا وقد أفتى بذلك بعضهم ولكن الصحيح خلافه . وقد بالغ بعضهم في رد هذا القول لأنه يرى فيه إجحافا بمصلحة الوقف وتضييعا لأعمال البر على أن الكل فيه مجمعون على أن اللازم الفتوى فيه مصلحة الوقف لأنه عليه يقوم أعمال الخير فكل ما كان فيه مصلحة ينبغي العمل به فإذا كان في ترك الأشجار والبناء بأرض الوقف مصلحة فإنه ينبغي تركها وإلا فلا .
القسم الثاني : من أقسام ما يصلح للتأجير الأراضي ويتعلق بها مسائل : الأولى أنه لا بد في عقد إجارة الأراضي الزراعية من بيان ما يزرع فيها من قمح أو ذرة أو أرز أو قطن أو نحو ذلك حتى ترتفع الجهالة المفضية للنزاع بخلاف إجارة الدور والدكاكين لأن الغرض استعمال الأولى للسكنى والثانية للتجارة وهذا الاستعمال لا يتفاوت وكل ما يطلبه المالك أن لا يفعل المستأجر شيئا يضر بالبناء أو السقوف وقد عرفت أن المستأجرر ممنوع من فعل كل ما يضر فيصح العقد فيها بدون بيان .
أما الأراضي الزراعية فقد زرع دون زرع بيان ما يراد زرعه أو يستأجرها على أن يزرع فيها فيها ما يشاء ويرضى المالك بذلك فإذا تعاقدا بدون العقد يكون فاسدا فإذا زرعها بعد العقد وعلم المالك وأقر زرعها فإن الإجارة تنقلب صحيحة ويجب دفع الأجرة المسماة .
الثانية : إذا استأجرها مدة تسع أن يزرعها مرتين فإن له أن يزرعها مرتين .
الثالثة : أن للمستأجر الارتفاع بالمساقي الموجودة في الأرض وسقيها منها وله الانتفاع بالطريق الموصلة إليها المملوكة للمؤجر وإن لم ينص عليها في العقد .
الرابعة : لاتصح إجارة الأرض التي لا تصلح للزراعة كالأرض السبخة أو التي لا يصل إليها الماء كما لا تصح إجارتها في مدة لا يمكن زرعها فيها .
الخامسة : لاتصح إجارة الأرض المشغولة بالزراعة إلا إذا كانت تلك الزراعة بغير حق حتى يصح قلعها وتسليم الأرض لمستأجر . أما إذا كانت بحق كأن كانت مستأجرة لشخص فزرعها وللم تحصد زرعها فإنه لا يصح إجارتها لآخر حتى ولو كانت الإجازة فاسدة لأن الإجارة الفاسدة لا يكون صاحبها غاصبا بل يكون أجر المثل فلا يجبر على قلع زرعه فإذا استأجر أرضا مشغولة بالزرع فحصد صاحب الزرع زرعه وسلمها اتقلبت صحيحة على أنه يجوز تأجير الأرض المشغولة بالزرع إذا أدرك الزرع وحل موعده حصاده لأن صاحبه يؤمر بحصاده وتسليم الأرض .
وكذلك يصح تأجيرها وهي مشغولة إذا كان العقد مؤجلا إلى زمن يدرك فيه الزرع .
( يتبع . . . )