- يختص كل منهما بأمور لا يجوز له أن يتعداها وهي مفصلة في المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الشافعية - قالوا : يختص العامل بما يأتي : .
- 1 - التصرف في البيع والشراء ولكن ينبغي له أن يتصرف تصرفا حسنا فلا يصح أن يشتري سلعة بالثمن الذي يطن أنها تباع به بل لا بد من أن يترجح عنده أنه سيربح فيها لأن ذلك هو الغرض من المضاربة . وكذلك لا يصح له أن يبيع السلع بثمن مؤجل غير مقبوض لأنه قد يضيع عند المدين وفي ذلك ضرر على رب المال فله منعه عن البيع في هذه الحالة أما إذا منعه من البيع بثمن مقبوض فإن العقد يفسد وللعامل أن يبيع بثمن غير مقبوض بإذن المالك فإذا أذنه المالك فإنه يصح بشرط أن يشهد على البيع أو يكتب الدين فإن لم يفعل ذلك كان ضامنا لما باع به بحيث لو هلك لومه دفعه لرب المال . وله أيضا أن يشتري سلعة مؤجلة ( سلما ) بإذن رب المال كأن يشتري عشرين إردبا من الحنطة ويستلمها في شهر كذا .
- 2 - للعامل أن يبيع بعرض تجارة فإذا اشترى عشرين قنطارا من القطن وأراد بيعها بثياب منسوجة فإنه يصح لأن ذلك وسيلة للربح والعامل مختص بكل ما من شأنه أن يفضي إلى الربح .
- 3 - عليه أن يرد السلعة التي اشتراها إذا وجد بها عينا وكانت المصلحة في ردها وليس للمالك أن يرضي بالعيب ويمنعه من الرد لأن له حقا في المال بعمله إلا إذا كانت المصلحة تقتضي إمساك السلعة لأن البيع لم ينقص فائدة ربحها .
وفي هذه الحالة لا يكون للعامل الحق في ردها على المعتمد . نعم قد يقال إن العمل كالوكيل المكلف بشراء سلعة فمتى وجد بها عيبا له الحق في ردها مطلقا فيصح أن يقال ذلك هنا ويكون ييعامل الحق في رد السلعة المعيبة سواء كان عيبها يمنع الربح أولا ولكن الصحيح أن هناك فرقا بين الأمرين لن الغرض في المضاربة إنما هو الربح وحيث كان الربح غير ضار بالربح فلا يحق للعامل ردها خلاف الوكيل في شراء سلعة فإنه مكلف بشراءها خالية من العيوب فله الرد مطلقة .
ومن هذا يتضح لك أن المداتر على المصلحة فإذا كانت الصلحة تقتضي الرد وأراد العامل إمساكها وأراد رب المال ردها نفذت إرادت رد المال فإذا لم تعرف المصلحة بأن كانت الحالة مستوية الرد والإمساك فإن القول للعامل حينئذ لأنه مباشر للعمل .
وليس له أن يعامل رب المال بأن يبيعه شيئا من تجارة القراض وليس له ان يشتري بأكثر من رأس المال إلا بإذن صاحب المال فإن زاد بدون إذن كان ذلك على حسابه فلا يحسب من مال القراض وليس للعامل أن يسافر بالنال بدون إذن المالك فإن فعل كان عليه ضمانه وإن إذن له بالسفر فلا يصح له أن يسافر في البحر الملح إلا بنص عليه اتقاء للخطر وليس له الحق في أن ينفق على سفره من رأس المال على الأصح وقيل يصح الإنفاق بقدر ما يزيد على نفقاته كالكراء والباس اللازم للسفر ونحو ذلك مما يقتضيه السفر في العرف ويحسب من الربح فإن لم يحصل الربح فيعتبر خسارة . وهذا القول وإن كان ضعيفا فإنه أقرب إلى عرف التجار وأسهل في عمل التجارة فلو شرطت نفقات السفر في العقد وعلى العامل فعل ما يعتاد كطي الثوب ونشره ووزن الأشياء الخفيفة كالمسك والذهب أما الأشياء الثقيلة كالقطن والحبوب ونحوهما فليس عليه وزنها وإنما يستأجر على ذلك بحسب العرف ويدفع الأجرة من مال المضاربة .
أما الذي يفعله بنفسه فإنه لا أجر له عليه وإن استأجر عليه لزمته . أما المالك فقد عرفت ما يختص به مما تقدم ومنه : .
- 1 - أن له منع العامل من شراء متاع فإذا أراد أن يشتري بالمال قطنا مثلا فللمالك منعه ولكن الذي يمنع منه المالك إنما هو أن يشترط على العامل شراء سلعة نعينة كما مر .
- 2 - للمالك منعه من السفر .
- 3 - للمالك منعه من البيع بثمن غير مقبوض .
- 4 - للمالك منعه من معاملة شخص معين وليس له أن يشترط عليه معاملة شخص معين .
وإذا فسدت المضاربة فلا تخلو إما أن يكون الفساد بسبب عدم أهلية المالك وفي هذه الحالة لا ينفذ شيء من تصرفات العامل أصلا . وإما أن يكون الفساد بسبب فوات شرط من الشروط التي تقدمت وفي هذه الحالة ينفذ تصرف العامل لأن المالك قد أذنه بالتصرف ويكون الربح جميعه للمالك وعليه للعامل أجرة المثل وإذا اشترط المالك أن يكون الربح جميعه له وقبل العامل ذلك الشرط فإنه لا يكون له أجرة في هذه الحالة .
وإذا اشترى العمل بغير مال القراض كأن أخذ سلعا بثمن مؤجل في ذمته بذلك أن يشتري لنفسه كان الربح له للمالك منه ولا أجر عليه .
الحنفية - قالوا : يختص المالك بأمور : .
أولا : له أن يقيد المضاربة بالومان فيصح له أن يشترط أن لا يعمل المضارب إلا في موسم البصل أو القطن أو لا يعمل إلا في الشتاء أو الصيف أو لا يعمل إلا مدة سنة أو نحو ذلك .
ثانيا له أن يقيدها بالمكان فيصح له أن يشترط أن لا يعمل إلا في مصر أو اسكندرية أو نحوهما من البلدان .
ثالثا : له أن يقيدها بالنوع فيصح له أن يشترط على المضارب أن لا يتجر إلا في نوع القطن أو الحبوب أو الغنم أو نحو ذلك .
رابعا : له أن يقيدها بالشيء فيصح له أن يشترط على المضارب ألا يعامل إلا شخصا معينا فلا يبيع إلا لفلان ولا يشتري إلا من فلان .
وفي هذه الأحوال لا يصح للمضارب أن يخالف مما تقدم قيد به المالك فإن خالف يعتبر غاصبا فإذا اشترى شيئا بمال المضاربة يكون على حسابه ولا شك لرب المال وعليه ضمان المال ولا أجرة له وإذا خالف شرطا يمكن فيه الرجوع فيه على المخالفة ثم رجع عادت المضاربة كما كانت . وذلك كما إذا اشترى من بلد غير البلد الذي اشترطه رب المال فإنه إذا عاد واشترى من البلد المشروط عادت المضاربة صحيحة .
وليس للمالك أن يشترط غير مفيد كما إذا نهاه عن البيع بثمن مقبوض فإن ذلك الشرط لا يعمل به لأن فيه إضرارا بالربح والعامل شريك فيه نعم إذا كان بيعه مؤجل مضمونا وفيه زيادة عن الثمن المقبوض فإن للمالك الحق في نهيه عن البيع بالثمن المقبوض الناقص فإن فيه فائدة حينئذ . وإذا اشترط عليه شرطا فائدته بسيره كما إذا شرط عليه أن يعمل في سوق من أسواق مصر كأن قال له : اعمل في سوق روض الفرج مثلا أو سوق مصر القديمة فإن هذا القيد لا يعمل به إلا إذا نهاه عن العمل في غيره كأن قال له : لا تعمل في سوق كذا لأن المالك له الولاية على ماله فإذا نهى العامل عن شيء لزمه تنفيذ نهيه .
فإذا لم يقيد المالك المضاربة بالزمان والمكان أو غيرهما مما ذكر - وتسمى هذه بالمضاربة المطلقة - فإن تصرفات العامل تنقسم فيها إلى ثلاثة أقسام : .
القسم الأول : أن له الحق في عمل أشياء في مال المضاربة بجرد العقد من غير توقف على تفويض المالك بأن يقول : اعمل برأيك ولا على إذن .
صريح وهي أمور منها : .
حق البيع والشراء لكل احد حتى ولو كان مما لا تقبل شهادته بالنسبة له بسبب القرابة أو الزوجية والملك فيجوز أن يبيع لولده وزوجه ووالديه إلا أنه لا يصح أن يبيع بغبن كبير لا لقريب ولا أجنبي فإن فعل ذلك كان مخالفا حتى لو قال له المالك : اعمل برأيك . وقد عرفت حكم من خالف شرطا فإنه يعامل معاملة المغصوب أما البيع والشراء بالغبن اليسير الذي يقع عادة منم الناس ولا يمكن الاحتراز عنه وقيل يصح وقيل يمنع أيضا .
ومنه أن يبيع ما اشتراه من عروض التجارة لرب المال ولكن رب المال في هذه الحالة يكون مخير بين أن يدفع الثمن وتستمر المضاربة وبين أن لا يدفعه ويحسبه من رأس ماله وتنقطع المضاربة أما إذا اشتر عرض تجارة من رب المال بمال المضاربة فإنها تفسد .
ومنها أن يبيع بثمن حال ومؤجل إلى أجل متعارف بين الناس وفي مثل ذلك فإذا باع بأجل طويل فقيل يصح وقيل لا .
ومنها : إذا باع لأحد سلعة فظهر للمشتري أن بها عيبا فإن للمضارب أن يحط عنه من ثمنها ما يقابل مثل ذلك العيب عادة فإذا انقص له من ثمنها نقصا كثيرة لا يتناسب مع ذلك العيب كان على حساب المضارب نفسه ولا تفسد به المضاربة .
ومنها : له أن يشتري عن مال المضاربة دابة لاستعمالها في شؤون التجارة ةليس له أن يشتري سفينة مثلا بالإذن .
ومنها أن يستأجر أرضا ويشتري بذر من مال المضاربة كي يزرعها أو يغرس فيها نخلا فإذا فعل ذلك فإنه يصح و الربح بينهما على حسب الشرط أما إذا اخذ شجرا أو نخلا لسعمل فيه مساقاتة من مال المضاربة فإنه لا يصح ويضمن المضارب المال الذي أنفقه على ذلك حتى ولو تعرض له المالك .
ومنها أن له أن يسافر من مال المضاربة برا وبحرا وليس له أن يسافر سفرا مخوفا يتحاما الناس عنه على المعتمد .
ومنها أن المضارب أن يوكل عنه غيره في البيع والشراء . ومنها أن له أن يدفع مال المضارب بضاعة بأن يعطيه لمن يشتري بع عروض التجارة متبرعا . وإذا أعطى المال لصاحبه بضاعة وعمل فيه بالبيع والشراء فإنه يصح ويعتبر معينا للمضارب والشرط على حاله لا فرق .
في ذلك بين أن يكون المال نقدا أو عروض تجارة وإذا أخذ رب المال من منزل المضارب بدون إذنه فإن كان نقدا فإن المضاربة تبطل . وإن كان عروض تجارة المضاربة لا تبطل ولكن رأس المال ألفا وباع رب المال عروض التجارة بالغبن ثم اشترى ( رب المال ) بالألفين عرضا يساوي أربعة آلاف فإنه يكون له وعليه للعامل خمسمائة وهي نصف الربح الذي ربحه في بيع العرض الأول . وإذا دفع المضارب المال لمالكه .
مضاربة فإن المضاربة الثانية تفسد والمضاربة الأولى باقية على حالها فالربح بينهما على ما شرطا في المضاربة الأولى .
ومنها أن يدفع أن يودع مال المضارب عند من يجب . ومنها أن له أن يرهن مال المضاربة ويرتهن به .
ومنها أن له قبول الحوالة بالثمن على المعسر لأن كل ذلك من لوازم التجارة وصنيع التجارة .
القسم الثاني : أن له الحق في عمل أشياء بتفويض المالك بأن يقول له : .
اعمل برأيك وهي أمور : .
منها أن يتعاقد مع غيره مضاربة . ومنها أن يشترك مع شخص آخر .
ومنها أن يخلط مال المضاربة بمال نفسه أو بمال غيره إلا إذا كانت العدة في تلك البلاد أن يخلط المضاربون أموالهم بأموال المضاربة وأرباب الأموال يرضون بذلك فإنه يصح الخلط في الخلط في هذه ولو لم يقل له المالك : اعمل برأيك أما إذا قال ذلك فإنه يصح له أن يعمل كل هذه الأمور .
القسم الثالث : أن له الحق في عمل أمور بإذن المالك الصريح بها . منها أن المضارب ربما يملك أمرين بالإذن الصريح والاستدانة فلا يملكها بمجرد المضاربة كله ثم يشتري غيرها دينا وليس عنده من مال المضاربة شيء من جنس الثمن الذي به ومثل ذلك ما اشترى تجارة بجميع المال ثم استدان لإصلاحها فإذا اشترى ثيابا بمال المضاربة ثم استدان نصفها أو قتلها أو حملها كان متطوعا إذا أذنه المالك بذلك .
ومنها الإقراض فلا يصح له أن يقرض مال المضاربة إلا بإذن صريح من المالك .
المالكية - قالوا : الأعمال والشروط التي تصدر من المالك والعامل إلى ثلاثة أقسام : .
الأول : ما يفسد العقد وللعامل فيه قراض المثل في الربح إن وجد ربح فإن لم يوجد ربح فلا شيء له . الثاني ما يفسد العقد وللعامل فيه قراض المثل المدكور مضافا إليه أجر المثل إن كان قد عمل عملا زائدا على التجارة ولمثل ذلك العمل أجر الثالث : ما يفسد العقد وللعامل أجر المثل .
سواء خسر المال أو ربح .
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن لكل من المالك والعمل حدودا لا يصح له أن يتعداها فإذا خالفها وكانت من القسم الأول أو الثاني فإن المخالفة إذا عرفت أثناء العمل لا يفسخ العقد ولا يوقف العمل بل يستمر العامل في عمله وله قراض مثله مع أجرة عمله في غير التجارة إن كان قد عمل على الوجه المتقدم اما إذا كانت المخالفة من القسم الثالث ثم عرفت أثناء العمل فإن العقد يفسخ ويوقف العقد ويأخذ العامل أجر مثله فيما عمله سواء ربح أو خسر .
فاختصاص العامل الذي ليس للمالك أن ينقصه هو أمور : .
منها أن له الحق في الاتجار بدون توقيت العمل بمدة كأن يقول امالك اعمل به سنة أو اعمل به تبتدئ من الآن ولكن لا تعمل إلا بعد شهر فإن .
شرط عليه ذلك وعمل فله قراض المثل بخلاف ما إذا حدد له وقت العمل كأن قال : لا تشتر إلا في الصيف أو لا تبع إلا في الشتاء فإن ذلك يفسد والعقد وللعامل أجر مثله وسيأتي .
ومنها أن له الحق في شراء النوع الذي يستمر وجوده في الأسواق فبيس للمالك أن يشترط عليه شراء شيء يوجد تارة ويعدم تارة أخرى فإذا فعل ذلك وعمل المضارب في التجارة فإن العقد يفسد وللعامل قراض المثل في الربح سواء اشتر ما طلبه أو اشترى غيره على المعتمد .
وبعضهم يقول : إذا اشتر ما اشترطه عليه فلا يفسد العقد أما إذا اشترط عليه شراء شيء يقل وجوده ولكنه موجود دائما فإنه يصح .
ومنها أن للعامل الحق في أن يشتري السلعة التي يتجر فيها من مال القرض بالنقد كما أن له الحق في بيعها كذلك بالنقد فليس لرب المال أن يشترط عليه شراءها أو بيعها بالدين فإذا اشترط عليه ذلك فسد العقد وللعامل قراض المثل في الربح أما الخسارة فإنها على العامل في هذه الحالة فإذا خسر المال أيضا وليس للعامل أن يبيع السلعة بالدين من غير إذن كما سيأتي من اختصاص رب المال .
ومنها أن للعامل الحق في القيام على بيع السلع التي يشتريها بمال القراضفإذا باع رب المال سلعة منها بدون إذن العامل لا ينفذ بيعها وللعامل رده لأنه هو المباشر لحركة التجارة وهو الذي يقدر الظروف التي يربح فيها منة بيع السلعة ومنها أن للعامل الحق في أخذ اللمال بدون ضامن فإذا شرط المالك ضامنا يضمنه إذا هلك المال بلا تفريط فإن العقد يفسد وللعامل قراض المثل في الربح .
أما إذا طلب ضامنا يضمنه فقد المال بسبب إهماله أو بتعديه فإنه لا يضر كما تقدم .
( يتبع . . . )