( تابع . . . 2 ) : - ولها أركان وشروط وأحكام مفصلة في المذاهب ( 1 ) .
بل قال له : قارضتك لمدة سنة وسكت فإن العقد فاسد على أي حال لأن التأقيت ينافي الغرض من الربح . نعم إذا قال : قارضتك ولا تشتري بعد سنة فإنه يصح لأنه لم يقيض المقارضة بالمدة ولكن منعه من الشراء فقط بعد سنة وذلك لا يضر إلا إذا لم يمنعه عن بيع ما يكون قد اشتراه ولم يفيده بمدة يحجر عليه فيها يحرمه من الربح على انه إنما يصح إذا كانت المدة واسعة كما ذكر . أما إذا كانت ضيقة لا يأتي فيها شراء شيء لغرض الربح عادة فإنه لا يصح على أي حال وأما الربح فيشترط له أمور : .
الأول : أن يكون مختصا بالعاقدين فلا يصح أن يجعل لغيرهما جزء منه إلا لعبيديهما فما شرط لأحدهما يضم ما شرط لسيده .
الثاني : أن يكون الربح مبينا بالجزئية والتعيين كالنصف أو الثلث أو نحوهما لو قال له : قارضتك على أن يكون لك نصيب أو جزء من الربح فسد . أما إذا قال له : قارضتك والربح بيننا فإنه يصح ويكون لكل واحد منهما النصف وقيل : لا يصح ولكن المعتمد الأول ولا بد من بيان نصيب العمل فلو قال له : قارضتك ولي نصف الربح فسد على الأصح لأنه لم يبين نصيب العامل فيحتمل أن يقول أنه أراد يكون النصف له والنصف الآخر يتصرف فيه كما يحب وليس للعامل شيء .
أما إذا بين نصيب العامل بأن قال : قارضتك ولك نصف الربح فإنه يصح على المعتمد لأن النصف الباقي يكون لصاحب المال من غير شبهة وبعضهم يقول : لإنه لا بد من بيان نصيب المالك أيضا .
الثالث : أن يكون الربح مختصا بالعاقدين فلا يصح أن يدخل معهما فيه آخر إلا إذا كان مملوكا لأحدهما فيصح أن يبشترط له شيء من الربح مضاف من ملك سيده إذا اشترط أن يكون الربح كله للعامل فقيل : إن عقد المضاربة يفسد وقيل : لا أما إذا اشترط الربح كله للمالك فقيل : يفسد فللمالك الربح وعليه الخسارة وللعامل أجرة مثله كما هو الشأن في سائر صور المضاربة الفاسدة وقيل يكون إيضاعا ( توكيل بلا جعل ) وهو الأصح رضي أن يعمل مجانا . ولا يصح أن يشترط لأحدهما شيء معدود الربح كعشرة جنيهات والباقي بينهما لأنه قد لا يربح سواهما فيحرم الشريك الآخر من الربح . وكذلك لا يصح أن يخص أحدهما بربح نوع مخصوص .
وأما الصيغة فهي الإيجاب والقبول فإنها تحقق بقوبول المالك ضاربتك وعاملتك ونحوهما فيقول العمل قبلت أو رضيت . وإذا كان الإيجاب بلفظ الماضي كما في ضاربتك وعاملتك المذكورين فلا بد أن يكون القبول رفضا فلا يصح أن يأخذا العمل المال ويعمل فيه دون تصريح بالقبول أما إذا كانت الصيغة بلفظ الأمر كأن يقول المالك : خذ هذا الألف مثلا واتجر فيه على أن يكون الربح بيننا نصفين وقيل لا بد فيه من القبول لفظا أيضا كغيره من سائر العقود وقيل يكفي فيه الشروع في العمل فإذا أخذ وعمل فيه بدون قول صح العقد ومثل ذلك ما إذا قال له : خذه وبع فيه واشتر على أنا يكون الربح بيننا ويشترط لصحة الصيغة أن يذكر فيها الربح نصا فإن لم ينص على الربح فسد العقد كما تقدم .
وأما المال فلا يشترط له شروط . وأحدها أن يكون نقدا مضروبا ( ذهبا أو فضة مختومين بختم الحاكم ليتعامل بهما ) فلا تصح بالتبر ( كسارة الذهب والفضة إذا أخذ من معدهما قبل تنقيتهما من ترابهما ) ولا بقطع الذهب التي لم تضرب ضربا يتعامل به كالحلي من أسورة والخلاخل ونحوهما فلو أعطت امرأة حليها لشخص على أن يتجر فيه بجزء من الربح فإنه لا يصح وكذلك لا يصح بعرض التجارة كالنحاس والقطن والقماش ونحو ذلك .
ومن عروض التجارة الفلوس ( العملة المأخوذة من غير الذهب والفضة ) فلا تصح المضاربة بها لأنها مأخوزة من النحاس والبرونز وهما من عروض النجارة وبعضهم يقول إن الفلوس يتعامل بها كالنقدين فهي من النقد لا من عروض التجارة فيصبح جعلها رأس مال المضارية .
ثانيها : أن تكون معلومة القدر والجنس كمائة جنيه مصري أو ألف ريال مصرية فلا تصح بالمجهول لما فيه من الغرر المفضي للتنازع .
ثالثها : أن يكون معينا فلا يصح أن يقول له : ضاربتك على أحدى هاتين الصرتين المتساويتين فإن قال له ذلك ولم يعين إحداهما في مجلس العقد فسد وإذا قال المالك : قارضتك على مائة جنيه في ذمتي ذم بينهما في مجلس العقد فإنه يصح لأن الواقع في مجلس العقد مثل الواقع في نفس العقد . أما إذاكان له دين في ذمة العامل أو في شخص آخر أجنبي عنهما فإنه لاتصح المضاربة عليه وكذلك لاتصح المضاربة على المنفعة كأن يقول له : خذ هذه الدار وقم على تأجيرها كلما خلت ولك نصف ما زاد على أجر مثلها )