ومنها خلواليمين من الاستثناء فلا ينعقد إذا قال : والله لا أفعل كذا إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله وفي أحكام الاستثناء وشروطه تفصيل في المذاهب .
( المالكية - قالوا : الاستثناء إما أن يكون المشيئة أو يكون بإلا أو أحد أخواتها فالاستثناء بالمشيئة لا يفيد إلا في اليمين بالله والنذر المبهم " هوالذي لم يعين فيه المنذور " فإن قال : والله لا أفعل كذا إن شاء الله أن إلا أن يشاء الله وفعله لا كفارة عليه بالشروط الآتية وكذا إذا قال : علي نذر لا أفعل كذا إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله . أما إن قال عليه الطلاق إن فعل كذا أولم يفعل كذا إن شاء الله وحنث فإنه يلزمه ولا تنفعه المشيئة . واختلف في الاستثناء بإرادة الله وقضاء الله وقدره وهل هومثل الاستثناء بمشيئة الله أولا ؟ فقال بعضهم : إنه مثل الاستثناء بالمشيئة فلوقال : والله لا أفعل كذا إن أراد الله أو إن قدر الله أو إن قضى الله وحنث لا كفارة عليه وهو الأظهر . وقال بعضهم : إن الذي ينفع هو الاستثناء بالمشيئة فقط .
أما الاستثناء بإلا أو أحد أخواتها فهوينفع في جميع الأيمان فإذا قال : والله لا أكلم زيدا إلا يوم الخميس أو ما خلا يوم قدومه أو ما حاشا يوم عرسه أو ما عدا يوم حزنه أو ليس يوم مرضه أو يكون يوم موته فإنه يفيده فيما استثناه . وكذا إذا قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا إن دخلت الدار إلا واحدة نفعه الاستثناء بالشروط الآتية .
وينفع الاستثناء في جميع متعلقات اليمين أي سواء كانت مستقبلة أو ماضية منعقدة أو غموسا ومعنى نفعه في الغموس أنه يرفع الإثم . فمن حلف أنه يشرب البحر أو يحمل الجبل أو يميت الميت استثنى بالمشيئة أو بإلا أو أحد أخواتها فلا إثم عليه ومثل الاستثناء بإلا أو أحد أخواتها التقييد بشرط أو صفة أو غاية فإذا قال : لا أدخل دار زيد إن كان فيها أولا أدخل داره الكبيرة مثلا أولا أدخل داره إلى وقت كذا أو مدة غيبته أو مرضه أو في الشهر فإنه يفيده ذلك ويشترط في صحة الاستثناء خمسة شروط الأول : أن يتصل الاستثناء بالمستثنى منه سواء كان بالمشيئة أو بغيرها إلا لعارض لا يمكن رفعه كالسعال أو العطاس أوانقطاع النفس أو التثاؤب . أما إذا سكت لتذكر شيء أو رد سلام ونحو ذلك فإن الاستثناء لا ينفع .
الشرط الثاني : أن ينوي النطق بالاستثناء أما إن جرى على لسانه سهوا بدون نية فإنه لا يفيد سواء كان بالمشيئة أو بإلا أو أحد أخواتها .
الثالث : أن يقصد بالاستثناء إبطال اليمين سواء كان القصد من أول التلفظ باليمين أو في أثناء التلفظ به وهذا يفيد باتفاق أما قصد ذلك بعد الفراغ من التلفظ به فإنه يفيد على المشهور إذا كان الاستثناء متصلا على الوجه المتقدم وهو يفيد ولو كان بتذكير الغير كأن يقول للحالف شخص آخر : قل إن شاء الله فقالها عقب الفراغ من المحلوف عليه امتثالا بدون فصل قاصدا حل اليمين فإنها تنفع . أما إذا لم يقصد حل اليمين بأن قصد التبرك بإن شاء الله أولم يقصد . فإن الاستثناء لا يفيد .
الرابع : أن ينطق بالاستثناء ولو سرا بحركة لسانه ومحل كون النطق به سرا يفيد إذا لم يحلف على حق الغير كبيع أو إجازة أو نحو ذلك لأن اليمين يكون حينئذ على نية المحلف وهولا يرضى بالاستثناء .
الشرط الخامس : أن لا ينوي أولا ما أخرجه ثانيا بالاستثناء فإذا نوى إدخاله أولا ثم أخرجه ثانيا لا ينفعه الاستثناء بل ينبغي أن ينوي إخراجه قبل أن يحلف فلوقال : كل حلال علي حرام لا أفعل كذا ونوى قبل أن يقول ذلك إخراج الزوجة ثم فعل المحلوف عليه لا شيء في الزوجة . أما إذا نوى إدخالها ثم أخرجها بالاستثناء فإنه لا ينفع ويسمون هذه المسألة بالمحاشاة لأنه حاشى الزوجة أولا أي أخرجها من يمينه ومتى خرجت الزوجة كان اليمين لغوا لأن تحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو ) . ومنها أن يتلفظ باليمين فإذا جرى اليمين على قلبه بدون تلفظ لا ينعقد . وقد زاد بعض المذاهب شروطا أخرى .
( الشافعية - قالوا : الاستثناء يفيد في جميع الأيمان والعقود بشروط خمسة : الأول : أن يتصل المستثنى بالمستثنى منه اتصالا عرفيابحيث يعد في العرف كلاما واحدا فلا يضر الفصل بسكتة التنفس والعي وانقطاع الصوت والسعال اليسير بخلاف السعال الطويل فإنه يضر . وكذا يضر الفصل بالكلام الأجنبي ولويسيرا والسكوت الزائد على سكتة التنفس والعي وانقطاع الصوت . الثاني : أن يقصد به رفع حكم اليمين فإن لم يقصد به ذلك لا يفيد . الثالث : أن ينوي الاستثناء قبل الفراغ من النطق باليمين . الرابع : أن لا يستغرق المستثنى منه فلوقال : عليه الطلاق ثلاثا إلا ثلاثا لا يفيد لأن المستثنى استغرق جميع المستثنى منه . الخامس : أن يتلفظ به بحيث يسمع نفسه عند اعتدال سمعه حيثلا يكون لغط .
الحنفية - قالوا : يشترط خلواليمين من الاستثناء سواء كان بالمشيئة أو بغيرها . فلوقال : لا أفعل كذا إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله أو ما شاء الله أو إلا أن يبدولي غيرهذا أو إلا أن أرى . أو إلا أن أحب غير هذا ثم فعله لا يحنث . وكذا إن قال : لا أفعل كذا إن أعانني الله أو يسر الله أوقال : بمعونة الله أو بتيسيره ونحو ذلك ثم قعله لا يحنث ولا كفارة عليه . والاستثناء يفيد عندهم في اليمين بالله تعالى وغيره إلا أنه إن قال في الطلاق : إن أعانني الله أو بمعونة الله وأراد به الاستثناء فإنه ينفع فيما بينه وبين الله ولا ينفع قضاء .
ويشترط لصحة الاستثناء شروط : الأول : أن يتكلم بالحروف بحيث يسمع نفسه فإذا لم يسمع نفسه لا يصح الاستثناء على الصحيح إلا إذا كان أصم فإنه يصح استثناءه .
الثاني : أن يكون متصلا فإذا فصل بين الاستثناء وبين المستثنى منه فاصل من غير ضرورة لا ينفع الاستثناء . أما إذا كان الفصل لضرورة تنفس أو عطاس أو جشاء أو كان بلسانه ثقل فطال تردده ثم قال : إن شاء الله فإنه يصح ولا يشترط قصد الاستثناء فلوقال لامرأته : أنت طالق فجرى الاستثناء على لسانه بدون قصد لا يقع الطلاق وهذا هوظاهر المذاهب .
الثالث : أن يزيد المستثنى على المستثنى منه كأن يقول : هي طالق ثلاثا إلا أربعا .
الرابع : أن يكون مساويا كأن يقول : هي طالق ثلاثا إلا ثلاثا فإذا استثنى الكل من الكل بغير لفظه صح الاستثناء كما إذا قال : نسائي طوالق إلا زينب وفاطمة وسلمى وليس له غيرهن . فإنه استثناء الكل من الكل بغير لفظه فيصح .
الحنابلة - قالوا : يفيد الاستثناء في كل يمين تدخلها الكفارة كاليمين بالله تعالى والظهار والنذر فلا يفيد في الطلاق فإذا قال : والله لا أفعل كذا إن شاء الله أو علي نذر إن فعلت كذا إلا أن يشاء الله فإن يمينه لا تنعقد ومثل مشيئة الله إرادة الله إن قصد بها المشيئة أما إن قصد بإرادة الله محبة الله أوامره فإنها لا تفيده . وكذلك إذا أراد بالمشيئة أو الإرادة تحقيق المحلوف عليه لا التعليق فإن الاستثناء حينئذ لا يفيد . ويشترط لصحة الاستثناء شروط : .
الأول : أن يكون متصلا بالمستثنى منه فلا ينفع إذا انقطع عنه إلا إذا كان الانقطاع يسيرا كانقطاعه بتنفس أو سعال أو عطاس أوقيء أو تثاؤب فإنه في هذه الحالة يكون متصلا حكما .
الثاني : أن ينطق الحالف بالاستثناء بأن يتلفظ به فلا ينفع أن يتكلم به في نفسه إلا إذا كان مظلوما .
الثالث : أن يقصد الاستثناء قبل تمام النطق بالمستثنى منه فلوحلف غير قاصد الاستثناء ثم عرض له الاستثناء بعد فراغه من اليمين لم ينفعه كذلك إذا أراد الجزم بيمينه فسبق لسانه إلى الاستثناء من غير قصد أو كانت عادته جارية بالاستثناء فجرى على لسانه من غير قصد فإنه لا ينفعه .
الحنفية - زادوا في شروط اليمين : أن لا يفصل بينه وبين المحلوف عليه فاصل من سكوت ونحوه فإذا أراد شخص أن يحلف آخر فقال : قل والله فقال مثله ثم قال له : قل ما فعلت كذا فقال مثله فإنه لا يكون ذلك يمينا منعقدة لأنه حكى كلام غيره والسكوت فاصل بين اسم الله وبين المحلوف عليه . وكذا لوقال علي عهد الله وعهد الرسول لأفعلن كذا ولم يفعل فإنه لا يحنث لأن عهد الرسول فاصل بين القسم وهوعهد الله وبين المحلوف عليه وعهد الرسول غير قسم .
وزاوا أيضا الإسلام وهوشرط اليمين الموجبة للعبادة من كفارة أو صلاة أو صيام )