الحنابلة قالوا : الذكاة شرعا هي ذبح حيوان مقدور عليه مباح أكله يعيش في البر أو نحوه إلا الجراد ونحوه مما لا يذبح أو ينحر وتتحقق الذكاة الشرعية بقطع الحلقوم والمريء والحلقوم مجرى النفس والمريء - وهو البلعوم - مجرى الطعام والشراب والنحر يكون في الليلة وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ولا يشترط قطع الودجين وهما عرقان محيطان بالحلقوم ولكن الأولى فيجرحه ويميته فيحل أكله كالصيد . فإذا نفر بعير فلم يقدر عليه . أو سقط حيوان مباح الأكل في بئر وتعذر ذبحه فعقر . حل أكله بشرط أن يموت بالجرح الذي قصد به عقره . فإن مات بغيره فلا يحل أكله ولو كان الجرح موجبا لقتله ويشترط أيضا أن تتوفر شروط الذابح فيمن رماه : فلو رماه مجوسي لا يصح أكله ويشترط لحل الذبيحة أربعة شروط الشرط الأول : أن يقول بسم الله عند حركة يده بالذبح أو النحر أو العقر . ولا يقوم شيء مقام التسمية . فلو سبح الله لا يجزئ وتجوز بغير العربية . ولو مع القدرة على العربية ويسن أن يكبر مع التسمية . فيقول : بسم الله والله أكبر . فإن كان الذابح أخرس أومأ برأسه إلى السماء . وأشار إشارة تدل على التسمية . بحيث يفهم منها أنه أراد التسمية . وهذا كاف في حل ذبيحة الأخرس . فإذا تركت التسمية عمدا أو جهلا لم تبح الذبيحة لقوله تعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } وإن تركت التسمية سهوا فإنها تحل . لحديث شداد بن سعد عن النبي A أنه قال : " ذبيحة المسلم حلال . وإن لم يسم إذا لم يتعمد " . ويشترط قصد التسمية على ما يذبحه فلو سمى على شاة وذبح غيرها بتلك التسمية لم تبح الثانية . ولا يضر الفصل اليسير بين التسمية والذبح . فلو سمى ثم تكلم وذبح حلت . وإذا أضجع شاة ليذبحها وسمى ثم ألقى سكينته وأخذ غيرها وذبح حلت . وكذا إذا رد سلاما أو استقى ماء والكتابي كالمسلم . فإذا ذكر اسم المسيح لا تحل الذبيحة . وإذا لم يعلم إن كان الذابح سمى أو لا ذكر اسم الله أو غيره فالذبيحة حلال . الشرط الثاني : أهلية الذابح أو الناحر أو العاقر . وهو أن يكون عاقلا أو قاصد التذكية فلو وقعت السكين على حلق شاة فذبحتها لم تحل لعدم قصد التذكية وأن يكون مسلما أو كتابيا ولو حربيا . أو من نصارى بني تغلب لا فرق بين أن يكون ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا ولو جنبا . وحائضا . ونفساء وأعمى . وفاسقا ولا تحل ذبيحة مجنون . وسكران . وصبي غير مميز لأنه لا قصد لهم فإذا كان الصبي مميزا تحل ذبيحته . ولو كان دون عشر سنين . ولا تحل ذبيحة مرتد . ولا مجوسي ولا وثني . ولا زنديق ولا درزي وكل من لا يدين بكتاب أخذا من مفهوم قوله تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } . أي فلا يحل لكم طعام غيره . الشرط الثالث : الآلية وهو أن يذبح بألة محددة تقطع أو تخرق بحدها . لا تقطع أو تخرق بثقلها ولا فرق في المحددة بين أن تكون من حيدي : كالسكين والسيف والنصف ونحوها أو تكون من حجر أو خشب أو عظم إلا السن والظفر فلا يصح الذكاة بهما سواء كان متصلين أو منفصلين الشرط الرابع : أن يقطع الحلقوم والمريء وقد تقدم بيانهما وإذا ذبح كتابي ما يحرم عليه في شريعته ؟ وثبت في شريعتنا تحريمه عليه ويحل أكله كما إذا ذبح يهودي حيوانا له ظفر وهي الإبل والنعام والبط وما ليس بمشقوق الأصابع فإن الله تعالى أخبر بأنه حرم عليهم كل ذي ظفر وكذلك إذا ذبح ما يزعم أنه يحرم عليه ولم يثبت عندنا أنا يحرم عليه كما إذا ذبح حيوانا ملتصقة رئته بأضلاعه فإنهم يزعمون أن الرئة تحرم عليهم ويسمونها باللازمة ) .
ويسن أن تنحر الإبل إلا عند المالكية فانظر مذهبهم تحت الخط ( المالكية قالوا : يجب نحر الإبل والزرافة والفيلة - لأنها تؤكل - فإن ذبحت لم تؤكل ويجب ذبح غيرها من الأنعام والوحوش والطيور فإن نحرت لم تؤكل ويجوز الأمران والأفضل الذبح في البقر والجاموس والخيل والبغال وحمر الوحش وكل ذلك في حالة السعة والاختيار أما في حالة الضرورة كعدم آلة الذبح أو كوقوع الحيوان في حفرة فلم يمكن عمل ما يجب من ذبح أو نحر فإنه في هذه الحالة يجوز العكس في الأمرين بأن يذبح ما ينحر وينحر ما يذبح للضرورة والله أعلم . وصلى الله وسلم على صاحب الشريعة سيدنا محمد وآله وصحبه ) ونحوها مما له رقبة طويلة ويذبح غيرها كالبقر والغنم : ويسن أن يحد الشفرة أولا - السكين ونحوها - وأن يحدها بعيدا عن الذبيحة وأن لا يذبح واحدة والأخرى تنظر وأن يضجع الذبيحة إن كانت شاة أو بقرة على جنبها الأيسر ثم يقول : اللهم هذا منك وإليك { وجهت وجهي } الآية { ن صلاتي نسكي } الآية بسم الله الله أكبر ثم يذبح ويكره كسر عنق المذبوح قبل أن تزهق روحه ويسكن وكذلك يكره سلخه أو قطع عضو منه أو نتف ريشه قبل أن تزهق روحه ويكره ترك التوجه إلى القبلة ويكره كل تعذيب للمذبوح بدون فائدة .
هذا وقد أشبعنا الكلام في هذه المواضيع وفيما يجوز أكله وما لا يجوز أكله وفيما يحل لبسه وما لا يحل في الجزء الثاني من كتابنا هذا فليرجع إليه من شاء والله ولي التوفيق