أقول وجه هذا ما أخرجه ابن ماجة والدارقطني والبيهقي عن جابر قال نهى رسول الله A عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري وأعل هذا الحديث بأن في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه أحد الأعلام وهو ضعيف الحفظ ولكنه قد روي من طريق غير هذه منها عند البزار عن أبي هريرة بإسناد حسن وعن أنس وابن عباس عند ابن عدي بإسنادين ضعيفين جدا كما قال ابن حجر ومعنى الحديث أن من أراد بيع الطعام الذى يملكه فلا بد أن يكيله عند البيع ويكيله المشتري عند الشراء وأخرج أحمد وعبد الرزاق والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن عثمان قال كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود يقال لهم بنو قينقاع وأبيعه بربح فبلغ ذلك النبي A فقال يا عثمان إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل قال في مجمع الزوايد إسناده حسن انتهى وقد أخرج البخاري منه كلام النبي A بغير إسناد ومعنى الحديث هذا من اشترى طعاما بكيل ثم أراد أن يبيعه فلا يكفيه الكيل الواقع عن شرائه بل لا بد أن يكيله عند بيعه منه إلى مشتر يشتريه منه وسبب هذا الأمر منه A المخافة من الوقوع في مظنه الربا إذا وقع البيع بعد البيع وكان مثلا من بيع الطعام بالطعام لتجويز النقص بأي سبب وأيضا مجرد تجويز النقص من غير نظر إلى مظنة الربا يكفي لأنه يصير جزءا من بيع الغرر ولهذا وجب على نفس المتبايعين أن يكيله كل واحد منهما وإن لم يبعه إلى آخر كما في الحديث الأول وقد ذهب الجمهور إلى أن من اشترى شيئا مكايلة وقبضه ثم باعه إلى غيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا .
وأما قوله إلا الذرع فإن كانت العلة هى تجويز النقص فذلك كائن في المذروع