في الاستدلال على فرضية القراءة بفاتحة الكتاب بل استلزم عدمها لعدم الصلاة وهو زيادة على مجرد الفرضية وعلى فرض ورود دليل يدل على أن هذا النفي لا يتوجه إلى الذات فقد قدمنا لك أن تقدير الصحة هو أقرب المجازين إلى الذات فيتعين تقدير الصحة .
هذا على فرض أنه لم يرد ما قدمنا بلفظ لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فكيف وقد ورد وثبت فإن ذلك يقطع النزاع ويرفع الخلاف ويدفع في وجه من زعم أن الذي ينبغي تقديره ها هنا هو الكمال .
إذا عرفت هذا فاعلم أنه قد ورد في حديث المسيء من وجه صحيح أن النبي A علمه أن يقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن يقرأ ثم قال له اصنع ذلك في كل ركعة وهذا دليل قوي على وجوب الفاتحة في كل ركعة وقد أخرجه أحمد وابن ماجه في حديث المسيء من رواية رفاعة بن رافع بأسناد صحيح وأخرجه أيضا ابن حبان والبيهقي بإسناد صحيح .
فتقرر لك بهذا فرضية قراءة الفاتحة في كل ركعة بالأدلة الصحيحة فدع عنك القيل والقال والمجادلة بما لا يتفق من المقال عند فحول الرجال فإن كل ذلك لا يسمن ولا يغني من جوع .
قوله سرا في العصرين وجهرا في غيرهما .
أقول أما قراءته A في الصلوات المفروضة فقد تبين أمرها وعرف ما كان يجهر فيه منها وما كان يسر فيه لكنه لم يرد في تعليم المسيء أنه A قال له أقرأ في صلاتك كذا جهرا وفي صلاتك كذا سرا بل امره بالقراءة وهي أعم من أن يأتي بها سرا أو جهرا فيكون فعله للجهر في بعض الصلوات وهي الفجر والمغرب والعشاء والإسرار في البعض الآخر وهما الظهر والعصر كالبيان لذلك الأمر للمسيء فيتم حينئذ القول بوجوب الجهر فيما جهر فيه رسول الله A والإسرار فيما أسر فيه لا بدليل كون فعله بيانا للمجمل ولا بقوله صلوا كما رأيتموني أصلي بل بما في حديث المسيء