فإذا كان الإمام والحاكم من العلماء المجتهدين المؤثرين للدليل على القال والقيل والرواية على الرأي فلا شك أن العمل عندهما بالرأي مع وجود الدليل منكر عظيم فمن حق القيام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين هما أعظم أعمدة الدين وأهم مهماته أن يأمر الناس بالعمل بالحق الذي أمر الله بالعمل به وشرعه لعباده ونهاهم عن العمل بالباطل الذي لم يأذن الله سبحانه بالعمل به ولا شرعه لعباده .
فالحاصل أن من أوجب ما يجب على الإمام ومن له قدره أن يحيى ما أحياه الكتاب والسنة ويميت ما أتاه ويدعو الناس إلا ما دعاهم الله ورسوله إليه ونهاهم عما ينهاهم الله ورسوله عنه وبهذا تعرف أن عدم الإلزام في مسائل الخلاف كما يقول كثير من أهل الفروع هو شعبة من محبة التقليد الذي نشأوا عليه ودبوا ودرجوا فيه وحنين منهم إلى الإلف المألوف فليكن هذا منك على ذكر ولعله يأتي له مزيد بيان إن شاء الله عند الكلام على قوله ولا في مختلف فيه على من هو مذهبه وبهذا تعرف أنه لا وجه للفرق بين ما يقوى به أمر الإمام وبين ما لا يقوى به وبين ما فيه شعار وما لا شعار فيه وبين العبادات وبين المعاملات .
قوله ويجاب كل من المدعيين إلى من طلب .
أقول وجهه أن المدعي طلب خصمه إلى حكم الله على يد الحاكم الذي طلب الحضور إليه فوجب على خصمه أن يقول سمعنا وأطعنا وهكذا هذا الخصم إذا كان له دعوى على المدعي وطلبه إلى حاكم آخر كان الكلام فيه كالكلام المتقدم لأنه له مثلما عليه ولكن إنما تجب الإجابة بشرطين .
الأول أن يكون الذي طلب إليه جامعا للشروط السابقة وإلا فهو ليس بحاكم بل متوثب على ما ليس له داخل فيما لا يحل له الدخول فيه قاعد في مقعد يجب من باب النهي عن المنكر إقامته منه