قوله إلا في قطعي يخالف مذهب الممتثل إلخ .
أقول وجه هذا ما ورد في الأدلة من أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وورد إنما الطاعة في المعروف وورد من أمر أن يطيع الله فليطعه ومن أمر أن يعصيه فلا يعصه ولكن لا وجه لاعتبار مذهب الممتثل بل المراد ما هو الحق في الواقع وفي نفس الأمر بدليل الكتاب والسنة وهذه التقييدات وردت مقيدة لطاعة أولي الأمر مع كون الأدلة قد دلت على وجوب طاعتهم كما وردت الأدلة بوجوب امتثال أحكام حكام الشرع فعلى المحكوم عليه بما يخالف ما هو الحق قطعا أو يخالف ما في الواقع وفي نفس الأمر أن يوضح ذلك بغاية ما يقدر عليه فإن أمكنه الفرار فعل ولا ترد عليه الأدلة القاضية بوجوب الامتثال لأنه على يقين بأن الحكم واقع على جهة الغلط ومن شرط عدم جواز الامتثال أن يكون للمحكوم عليه بصيرة يعرف بها الحقيقة لأن من عداه قد يظن الحق باطلا والصواب خطأ لقصور فهمه عن إدراك الحقائق .
قوله ولا يلزمان الغير اجتهادهما قبل الحكم .
أقول وجه هذا أن العمل في الخصومات على ما يحكم به الحاكم المترافع إليه إذا كان جامعا لتلك الشروط السابقة وأما العبادات وما يختلف فيه الناس من المعاملات فلهما أن يلزما الناس بالعمل بالراجح الذي دل عليه الدليل الصحيح وترك العمل بالرأي المجرد الذي لا يكون العمل به إلا عند عدم الدليل رخصه للمجتهد فقط لا يجوز تقليده فيه كما قد حققنا هذا البحث في مؤلفاتنا في غير موضع ومن ذلك ما قدمناه في مقدمة هذا الكتاب