حيضا لكونه غير حيض لأنها إذا لم يحصل لها التمييز لصفة الدم رجعت إلى عادتها إن كانت قد استقرت لها عادة أو إلى عادة النساء من قرائبها إن لم تكن قد استقرت لها عادة ومع الاختلاف ترجع إلى غالبهن ومع عدم الغالب تحيض ستا أو سبعا كما أمرها رسول الله A وحينئذ فلا تكون متحيرة أبدا بل هي في استحاضتها على بيان من أمرها ووضوح من حالها .
وبهذا تعرف الكلام على قوله ولا توطأ فيما جوزته حيضا وطهرا إلخ وإذا تقرر لك هذا علمت أن إيجاب الغسل على المستحاضة لكل صلاة مبني على ثبوت اللبس عليها ولا لبس .
وقد وردت أحاديث أكثرها في سنن أبي داود في غسل المستحاضة وقد صرح جماعة من الحفاظ بانها لا تقوم بها الحجة وعلى فرض أن بعضها يشهد لبعض فهي لا تقوى على معارضة ما في الصحيحين وغيرهما من أمره A لها بالغسل إذا أدبرت الحيضة فقط .
والحاصل أن مثل هذا التكليف الشاق لا يجوز الثباته بغير حجة أوضح من الشمس فكيف يجوز إثباته بما هو ضعيف لا تقوم به حجة هذا على تقدير عدم وجود ما يعارضه فكيف وقد عارضه ما هو في الصحة في أعلى المراتب مع مطابقته لما بنيت عليه هذه الشريعة المباركة من التيسير وعدم التعسير والتبشير وعدم التنفير كما قال A فيما صح عنه يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا وقال إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبة وقال بعثت بالشريعة السمحة السهلة .
ومع هذا فإثبات الغسل عليها لكل صلاة أو للصلاتين مبني على التباس الأمر عليها .
وقد أرشدها الشارع إلى ما يرفعه ويدفعه كما قدمنا فإن أرادت أن تعذب نفسها بالشك والوسوسة فعلى نفسها براقش تجني لأنها مع تمييز دم الحيض من دم الاستحاضة لا تكون إلا حائضا أو غير حائض وعليها ما تستطيع ويدخل في وسعها من تطهير بدنها وثوبها من دم الاستحاضة ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وكما أنه ليس في إيجاب الغسل عليها لكل صلاة وللصلاتين ما تقوم به الحجة كذلك لا دليل تقوم به الحجة في إيجاب الوضوء عليها لكل صلاة