- حديث أبي موسى أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وذكر الخلاف فيه علي قتادة وقال هو معلول فقد رواه حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة . ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في صحيحه واختلف فيه على سعيد بن أبي عروبة فقيل عنه عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى .
وقيل عنه عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة قال " أنبئت أن رجلين " قال البخاري قال سماك بن حرب أنا بردة بهذا الحديث . فعلى هذا لم يسمع أبو بردة هذا الحديث من أبيه وروا ه أبو كامل عن أبيه . ورواه أبو كامل مطهر بن مدرك عن حماد عن قتادة عن النضر بن أنس عن أبي بردة مرسلا .
قال حماد فحدثت به سماك بن حرب فقال أنا حدثت به أبا بردة .
وقال الدارقطني والبيهي والخطيب الصحيح أنه عن سماك مرسلا . ورواه ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص عن سماك عن تميم بن طرفة " أن رجلين أدعيا بعيرا فأقام فأقام كل واحد منهما بينة أنه له فقضى به صلى الله عليه وآله وسلم ووصله الطبراني بذكر جابر بن سمرة فيه إسنادين في أحدهما حجاج بن أرطأ والراوي عنه سويد بن عبد العزيز .
وفي الآخر ياسين الزيات والثلاثة ضعفاء كذا قال الحافظ قال المنذري في مختصر السنن حاكيا عن النسائي أنه قال هذا خطأ . ومحمد بن كثير المصيصي هو صدوق إلا أنه كثير الخطأ . وذكر أنه خولف في إسناده ومتنه .
قال المنذري ولم يخرج أبو داود لحديث أبي موسى ثلاثة أسانيد ليس في واحد منها محمد بن كثير . وحديث أبي هريرة أخرج الرواية الثانية عنه النسائي أيضا . والرواية الثاثة عزاها المنذري إلى البخاري .
قوله : " فقسمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهما نصفين " فيه أنه لو تنازع رجلان في عين دابة أو غيرها فادعى كل واحد منهما أنها ملكه دون صاحبه ولم يكن بينهما بينة وكانت العين في يديهما فكل واحد مدع في نصف ومدعى عليه في نصف أو أقاما البينة كل واحد على دعواه تساقطتا وصارتا كالعدم وحكم به الحاكم نصفين بينهما لاستوائهما في اليد . وكذا إذا لم يقيما بينة كما في الرواية الثانية . وكذا إذا حلفا أو نكلا .
قال ابن رسلان يحتمل أن تكون القصة في حديث أبي موسى الأول والثاني واحدة إلا أن البينتين لما تعارضتا تساقطتا وصارتا كالعدم . ويحتمل أن يكون أحدهما في عين كانت في يديهما . والآخر كانت العين في يد ثالث لا يدعيها بدليل ما وقع في رواية للنسائي " إدعيا دابة وجداها عند رجل فأقام كل منهما شاهدين فلما أقام كل واحد منهما شاهدين نزعت من يد الثالث ودفعت إليهما " قال وهذا أظهر لأن حمل الإسنادين على معنيين متعددين أرجح من حملهما على معنى واحد لأن القاعدة ترجيح ما فيه زيادة علم على غيره .
قوله : " أحبا أو كرها " قال الخطابي الإكراه هنا لا يراد به حقيقته لأن الإنسان لا يكره على اليمين وإنما المعنى إذا توجهت اليمين على اثنين وأرادا الحلف سواء كانا كارهين لذلك بقلبهما وهو معنى الإكراه أو مختارين لذلك بقلبهما وهو معنى المحبة وتنازعا أيهما يبدأ فلا يقدم أحدهما على الآخر بالتشهي بل بالقرعة وهو المراد بقوله فليستهما أي فليقترعا وقيل صورة الاشتراك في اليمين أن يتنازع إثنان عينا ليست في يد أحدهما ولا بينة لواحد منهما فيقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حلف واستحقها ويدل على ذلك الرواية الثانية من حديث أبي هريرة ويحتمل أن تكون قصة أخرى فيكون القوم المذكورون مدعى عليهم بعين في أيديهم مثلا وأنكروا ولا بينة للمدعي عليهم فتوجهت عليهم اليمين فسارعوا إلى الحلف والحلف لا يقع معتبرا إلا في بيان معنى الحديث أن القرعة في أيهما تقدم عند إرادة تحليف القاضي لهما وذلك أنه يحلف واحد ثم يحلف الآخر فإن لم يحلف الثاني بعد حلف الأول فقضى بالعين كلها للحالف أولا وإن حلف الثاني فقد استويا في اليمين فتكون العين بينهما كما كانت قبل أن يحلفا وهذا يشهد له الرواية الثالثة في حديث أبي هريرة المذكور في الباب وقد حمل ابن الأثير في جامع الأصول الحديث على الاقتراع في المقسوم بعد القسمة وهو بعيد ويرده الرواية الثالثة فإنها بلفظ فليستهما عليها أي على اليمين .
قوله : " فليستهما عليها " وجه القرعة أنه إذا تساوى الخصمان فترجيح أحدهما بدون مرجح لا يسوغ فلم يبق إلا المصير إلى ما فيه التسوية بين الخصمين وهو القرعة وهذا نوع من التسوية المأمور بها بين الخصوم وقد طول أئمة الفقه الكلام على قسمة الشيء المتنازع فيه بين متنازعيه إذا كان في يد كل واحد منهم أو في يد غيرهم مقربة لهم وأما إذا كان في يد أحدهما فالقول قوله واليمين عليه والبينة على خصمه وأما القرعة في تقديم أحدهما في الحلف فالذي في فروع الشافعية إن الحاكم يعين لليمين منهما نت ؟ ؟ شاء على ما يراه قال البرماوي لكن الذي ينبغي العمل به هو القرعة للحديث وقد قدمنا في كتاب الصلح في العمل بالقرعة كلاما مفيدا