- الحديث أخرجه أيضا ابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري . وفي إسناده أسامة بن زيد بن أسلم المدني مولى عمر قال النسائي وغيره ليس بالقوي . واصل هذا الحديث في الصحيحين وسيأتي في باب إن حكم الحاكم ينفذ ظاهر الا باطنا من كتاب الأقضية : قوله " إنكم تختصمون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يعني في الأحكام . قوله " وإنما أنا بشر " البشر يطلع على الواحد كما في الحديث وعلى الجمع نحو قوله تعالى { نذيرا للبشر } والمراد إنما أنا مشارك لغيري في البشرية وإن كان صلى الله عليه وآله وسلم زائدا عليهم بما أعطاه الله تعالى من المعجزات الظاهرة والاطلاع على بعض الغيوب الحصر ههنا مجازي أي باعتبار علم الباطن . وقد حققه علماء المعاني وأشرنا إلى طرف من تحقيقه في كتاب الصلاة : قوله " ألحن " أي أفطن وأعرف ويجوز أن يكون معناه أفصح تعبيرا عنها أظهر احتجاجا فربما جاء بعبارة تخيل إلى السامع أنه محق وهو في الحقيقة مبطل والأظهر أن يكون معناه أبلغ كما في رواية في الصحيحين أي أحسن ايرادا للكلام وأصل اللحن الميل عن جهة الاستقامة يقال لحن فلان في كلامه إذا مال عن صحيح النطق ويقال لحنت لفلان إذا قلت له قولا يفهمه ويخفى على غيره لأنه بالتورية ميل كلامه عن الواضح المفهوم . قوله " وإنما أقضي " الخ فيه دليل على أن الحاكم إنما يحكم بظاهر ما يسمع من الألفاظ مع جواز كون الباطن خلافه ولم يتعبد بالبحث عن البواطن باستعمال الأشياء التي تفضي في بعض الأحوال إلى ذلك كأنواع السياسة والمداهاة قوله " فلا يأخذه " فيه ان حكم الحاكم لا يحل به الحرام كما زعم بعض أهل العلم قوله " قطعة " بكسر القاف أي طائفة : قوله " اسطاما " بضم الهمزة وسكون السين المهملة . قال في القاموس السطام بالكسر المسعار لحديدة مفطوحة تحرك بها النار ثم قال والاسطام المسعار اه . والمراد هنا الحديدة التي تسعر بها النار أي يأتي يوم القيامة حاملا لها مع أثقاله : قوله " حقي لأخي " فيه دليل على صحة هبة المجهول وهبة المدعي قبل ثبوته وهبة الشريك لشريكه : قوله " أما إذا قلتما " لفظ أبي داود " أما إذا فعلتما ما فعلتماه فاقتسما " قال في شرح السنن أما بتخفيف الميم يحتمل أن يكون بمعنى حقا وإذ للتعليل : قوله " فاقتسما " فيه دليل على أنه الهبة إنما تملك بالقبول لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرها بالاقتسام بعد أن وهب كل واحد نصيبه من الآخر . قوله " ثم توخيا " بفتح الواو والخاء المعجمة . قال في النهاية أي اقصدا الحق فيما تصنعان من القسمة يقال توخيت الشيء أتوخاه توخيا إذا قصدت إليه وتعمدت فعله : قوله " ثم استهما " أي ليأخذ كل واحد منكما ماتخرجه القرعة من القسمة ليتميز سهم كل واحد منكما عن الآخر . وفيه الأمر بالقرعة عند المساواة أو المشاحة وقد وردت القرعة في كتاب الله في موضعين . أحدهما قوله تعالى { إذ يلقون أقلامهم } والثاني قوله تعالى { فساهم فكان من المدحضين } وجاءت في خمسة أحاديث من السنة الأول هذا الحديث . الثاني حديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم " كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه " الثالث أنه صلى الله عليه وآله وسلم " أقرع في ستة مملوكين " الرابع قوله صلى الله عليه وآله وسلم " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول لاستهموا عليه " الخامس حديث الزبير " أن صفية جاءت بثوبين لتكفن فيهما حمزة فوجدنا إلى جنبه قتيلا فقلنا لحمزة ثوب وللانصاري ثوب فوجدنا أحد الثوبين أوسع من الآخر فأقرعنا عليهما ثم كفنا كل واحد في الثوب الذي خرج له " والظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اطلع على على هذا وقرره لأنه كان حاضرا هنالك ويبعد أن يخفي عليه مثل ذلك في حق حمزة وقد كانت الصحابة تعتمد القرعة في كثير من الأمور كما روي " أنه تشاح الناس يوم القادسية في الأذان فأقرع يبنهم سعد " : قوله " ثم ليحلل " الخ أي ليسأل كل واحد منكما صاحبه أن يجعله في حل من قبله بابراء ذمته وفيه دليل على أنه يصح الابراء من المجهول لان الذي في ذمة كل واحد ههنا غير معلوم وفيه أيضا صحة الصلح بمعلوم عن مجهول ولكن لا بد مع ذلك من التحليل . وحكى في البحر عن الناصر والشافعي أنه لا يصح بمعلوم عن مجهول : قوله " برأيي " هذا مما استدل به أهل الأصول على جواز العمل بالقياس وإنه حجة وكذا استدلوا بحديث بعث معاذ المعروف