- حديث أبي سعيد في إسناده عطية بن سعد العوفي قال المنذري لا يحتج بحديثه قوله " بن أبزي " بالموحدة الزاي على وزن علي وزن أعلى وهو الخزاعي أحد صغار الصحابة ولأبيه أبزي صحبة . قوله " انباط " جمع نبيط وهم قوم معروفون كانوا ينزلون بالبطائح من العراقين قاله الجوهي وأصلهم قوم من العرب دخلوا في العجم واختلطت أنسابهم وفسدت السنتهم ويقال لهم النبط بفتحتين والنبيط بفتح أوله وكسر ثانيه وزيادة تحتانية وإنما سموا بذلك لمعرفتهم بانباط الماء أي استخراجه لكثرة معالجتهم الفلاحة وقيل هم نصارى الشام وهم عرب دخلوا في الروم ونزلوا بوادي الشام ويدل على هذا قوله من انباط الشام . وقيل هم طائفتان طائفة اختلطت العجم ونزلوا البطائح وطائفة اختلطت بالروم ونزلوا الشام : قوله فنسلفهم بضم النون واسكان السين المهملة وتخفيف اللام من الاسلاف وقد تشدد اللام مع فتح السين من التسليف : قوله " ما كنا نسألهم عن ذلك " فيه دليل على أنه لا يشترط في المسلم فيه أن يكون عند المسلم إليه وذلك مستفاد من تقريره صلى الله عليه وآله وسلم لهم مع ترك الاستفصال . قال ابن رسلان وأما المعدوم عند المسلم إليه وهو موجود عند غيره فلا خلاف في جوازه . قوله " ومانراه عندهم " لفظ أبي داود الي قوم ما هو عندهم أي ليس عندهم أصل من الأصول الحنطة والشعير والتمر والزبيب . وقد اختلف العلماء في جواز السلم فيما ليس بموجود في وقت السلم إذا امكن وجوده في وقت حلول الأجل فذهب إلى جوازه الجمهور قالوا ولا يضر انقطاعه قبل الحلول . وقال أبوحنيفة لا يصح فيما ينقطع قبله بل لا بد أن يكون موجودا من العقد إلى المحل ووافقه الثوري والأوزاعي فلو أسلم في شيء فانقطع في محله لم ينفسخ عند الجمهور وفي وجه للشافعية ينفسخ . واستدل أبو حنيفة ومن معه بما أخرجه أبو داود عن ابن عمر " أن رجلا أسلف رجلا في نخل فلم يخرج تلك السنة شيئا فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال بم نستحل ماله اردد عليه ماله ثم قال لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه " وهذا نص في التمر وغيره قياس عليه ولو صح هذا الحديث لكان المصير إليه أولى لأنه صريح في الدلالة على المطلوب بخلاف حديث عبد الرحمن بن أبزي وعبد الله بن أبي أوفى فليس فيه الا مظنة التقرير منه صلى الله عليه وآله وسلم مع ملاحظة تنزيل ترك الاستفصال منزلة العموم ولكن حديث ابن عمر هذا في إسناده رجل مجهول فإن أبا داود رواه عن محمد بن كثير عن سفيان عن أبي إسحاق عن رجل نجراني عن ابن عمر ومثل هذا لا تقوم به حجة . ( قال القائلون ) بالجواز ولو صح هذا الحديث لحمل على بيع الأعيان أو على السلم الحال عند من يقول به أو على ما قرب أجله قالوا ومما يدل على الجواز ماتقدم من أنهم كانوا يسلفون في الثمار السنتين والثلاث ومن المعلوم إن الثمار لا تبقى هذه المدة ولو اشترط الوجود لم يصح السلم في الرطب إلى هذه المدة وهذا أولى ما يتمسك به في الجواز . قوله " فلا يصرفه إلى غيره " الظاهر أن الضمير راجع إلى المسلم فيه لا إلى ثمنه الذي هو رأس المال والمعنى أنه لا يحل جعل المسلم فيه ثمنا لشيء قبل قبضه ولا يجوز بيعه قبل القبض أي لا يصرفه إلى شيء غير عقد السلم . وقيل الضمير راجع إلى رأس مال السلم . وعلى ذلك حمله ابن رسلان في شرح السنن وغيره أي ليس له صرف رأس المال في عوض آخر كأن يجعله ثمنا لشيء آخر فلا يجوز له ذلك حتى يقبضه وإلى ذلك ذهب مالك وأبو حنيفة والهادي والمؤيد بالله . وقال الشافعي وزفر يجوز ذلك لأنه عوض من مستقر في الذمة فجاز كما لو كان قرضا ولانه مال عاد إليه بفسخ العقد على فرض تعذر المسلم فيه فجاز أخذ العوض عنه كالثمن في المبيع إذا فسخ العقد قوله " فلا يشرط على صاحبه غير قضائه " فيه دليل على أنه لا يجوز شيء من الشروط في عقد السلم غير القضاء واستدل به المصنف على امتناع الرهن وقد روى عن سعيد بن جبير أن الرهن في السلم هو الربا المضمون : وقد روى نحو ذلك عن ابن عمر والأوزاعي والحسن وهو إحدى الروايتين عن أحمد ورخص فيه الباقون واستدلوا بما في الصحيح من حديث عائشة " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشترى طعاما من يهودي نسيئة ورهنه درعا من حديد " وقد ترحم عليه البخاري باب الرهن في السلم وترجم عليه أيضا في كتاب السلم باب الكفيل في السلم واعترض عليه الإسماعيلي بأنه ليس في الحديث ماترجم به ولعله أراد الحاق الكفيل بالرهن لأنه حق ثبت الرهن به فجاز أخذ الكفيل به والخلاف في الكفيل كالخلاف في الرهن : قوله " فلا يأخذ إلا ما سلف فيه " الخ فيه دليل لمن قال أنه لا يجوز صرف رأس المال إلى شيء آخر وقد تقدم الخلاف في ذلك