- قوله : ( ما من صاحب كنز ) قال الإمام أبو جعفر الطبري : الكنز كل شيء مجموع بعضه على بعض سواء كان في بطن الأرض أو في ظهرها قال صاحب العين وغيره : وكان مخزونا . قال القاضي عياض : اختلف السلف في المراد بالكنز المذكور في القرآن وفي الحديث فقال أكثرهم : هو كل مال وجب فيه صدقة الزكاة فلم تؤد فأما مال أخرجت زكاته فليس بكنز وقيل الكنز هو المذكور عن أهل اللغة ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة وقيل المراد بالآية أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك وقيل كل ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز وان أديت زكاته وقيل هو ما فضل عن الحاجة ولعل هذا كان في أول الإسلام وضيق الحال واتفق أئمة الفتوى على القول الأول لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تؤدى زكاته ) وفي صحيح مسلم : ( من كان عنده مال لم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع ) وفي آخره : ( فيقول أنا كنزك ) وفي لفظ لمسلم يدل قوله ( ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته ) ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منهما حقهما ) .
قوله : ( ثم يرى سبيله ) قال النووي : هو بضم الياء التحتية من يرى وفتحها وبرفع لام سبيله ونصبها .
قوله : ( إلا بطح لها بقاع قرقر ) القاع المستوي الواسع في سوى من الأرض قال الهروي : وجمعه قيعة وقيعان مثل جار وجيرة وجيران . والقرقر بقافين مفتوحتين وراءين أولهما ساكنة المستوي [ ص 174 ] أيضا من الأرض الواسع . والبطح قال جماعة من أهل اللغة : معناه الإلقاء على الوجه قال القاضي عياض : وقد جاء في رواية للبخاري تخبط وجهه بأخفافها قال : وهذا يقتضي أنه ليس من شرط البطح أن يكون على الوجه وإنما هو في اللغة بمعنى البسط والمد فقد يكون على وجهه وقد يكون على ظهره ومنه سميت بطحاء مكة لانبساطها .
قوله : ( كأوفر ما كانت ) يعني لا يفقد منها شيء . وفي رواية لمسلم : ( أعظم ما كانت ) .
قوله : ( تستن عليه ) أي تجري عليها وهو بفتح الفوقية وسكون السين المهملة بعدها فوقية مفتوحة ثم نون مشددة .
قوله : ( كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها ) وقع في رواية لمسلم : ( كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها ) قال القاضي عياض : وهو تغيير وتصحيف وصوابه الرواية الأخرى يعني المذكورة في الكتاب .
قوله : ( ليس فيها عقصاء ) الخ قال أهل اللغة : العقصاء ملتوية القرنين وهي بفتح العين المهملة وسكون القاف بعدها صاد مهملة ثم ألف ممدودة . والجلحاء بجيم مفتوحة ثم لام ساكنة ثم حاء مهملة التي لا قرن لها .
قوله : ( تنطحه ) بكسر الطاء وفتحها لغتان حكاهما الجوهري وغيره والكسر أفصح وهو المعروف في الرواية .
قوله : ( الخيل في نواصيها الخير ) جاء تفسيره في الحديث الآخر في الصحيح بأنه الأجر والمغنم وفيه دليل على بقاء الإسلام والجهاد إلى يوم القيامة والمراد قبيل القيامة بيسير وهو وقت إتيان الريح الطيبة من قبل اليمن التي تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة كما ثبت في الصحيح .
قوله : ( فأما التي هي له أجر ) هكذا في أكثر نسخ مسلم وفي بعضها : ( فأما الذي هي له أجر ) وهي أوضح وأظهر .
قوله : ( في مرج ) بميم مفتوحة وراء ساكنة ثم جيم وهو الموضع الذي ترعى فيه الدواب .
قوله : ( ولو استنت شرفا أو شرفين ) أي جرت والشرف بفتح الشين المعجمة والراء وهو العالي من الأرض وقيل المراد طلقا أو طلقين .
قوله : ( أشرا وبطرا وبذخا ) قال أهل اللغة : الأشر بفتح الهمزة والشين المعجمة المرح واللجاج . والبطر بفتح الباء بواحدة من أسفل والطاء المهملة ثم راء هو الطغيان عند الحق . والبذخ بفتح الباء الموحدة والذال المعجمة بعدها خاء معجمة هو بمعنى الأشر والبطر .
قوله : ( إلا هذه الآية الفاذة الجامعة ) المراد بالفاذة القليلة النظير وهي بالذال المعجمة المشددة والجامعة العامة المتناولة لكل خير ومعروف ومعنى ذلك أنه لم ينزل علي فيها نص بعينها ولكن نزلت [ ص 175 ] هذه الآية العامة . وقد يحتج بهذا من قال لا يجوز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويجاب بأنه لم يظهر له فيها شيء ومحل ذلك الأصول .
( والحديث ) يدل على وجوب الزكاة في الذهب والفضة والإبل والغنم . وقد زاد مسلم في هذا الحديث : ( ولا صاحب بقر ) الخ قال النووي : وهو أصح حديث ورد في زكاة البقر وقد استدل به أبو حنيفة على وجوب الزكاة في الخيل لما وقع في رواية لمسلم عند ذكر الخيل : ( ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها ) وتأول الجمهور هذا الحديث على أن المراد يجاهد بها . وقيل المراد بالحق في رقابها الإحسان إليها والقيام بعلفها وسائر مؤنها والمراد بظهورها إطراق فحلها إذا طلبت عاريته وقيل المراد حق الله مما يكسبه من مال العدو على ظهورها وهو خمس الغنيمة وسيأتي الكلام على هذه الأطراف التي دل الحديث عليها .
قال المصنف C تعالى : وفيه دليل أن تارك الزكاة لا يقطع له بالنار وآخره دليل في إثبات العموم انتهى