- قوله ( اشتكى ) أي ضعف وشكوى بغير تنوين .
قوله : ( فلما دخل عليه ) زاد مسلم : ( فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الذين معه ) .
قوله : ( وجده في غشية ) قال النووي : بفتح الغين وكسر الشين المعجمتين وتشديد الياء قال القاضي : هكذا رواية الأكثرين قال : وضبطه بعضهم بإسكان الشين وتخفيف الياء . وفي رواية البخاري : ( في غاشية ) وكله صحيح وفيه قولان أحدهما من يغشاه من أهله والثاني ما يغشاه من كرب الموت .
قوله : ( فلما رأى القوم بكاءه بكوا ) هذا فيه إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن عبد الرحمن بن عوف كان معهم في هذه ولم يعترض بمثل ما اعترض به هناك فدل على أنه تقرر عندهم العلم بأن مجرد البكاء بدمع العين من غير زيادة على ذلك لا يضر .
قوله : ( ألا تسمعون ) لا يحتاج إلى مفعول لأنه جعل كالفعل اللازم أي لا توجدون السماع وفيه إشارة إلا أنه فهم من بعضهم الإنكار فبين لهم الفرق بين الحالتين .
قوله : ( إن الله ) بكسر الهمزة لأنه ابتداء كلام وفيه دليل على جواز البكاء والحزن اللذين لا قدرة للمصاب على دفعهما .
قوله : ( ولكن يعذب بهذا ) أي إن قال سوءا أو يرحم إن قال خيرا ويحتمل أن يكون معنى قوله ويرحم أي إن لم ينفذ الوعيد .
قوله : ( إحدى بناته ) هي زينب كما وقع عند ابن أبي شيبة .
قوله : ( إن صبيا لها ) قيل هو علي بن أبي العاص بن الربيع وهو من زينب وفيه نظر لأن الزبير بن بكار وغيره من أهل العلم بالأخبار ذكروا أن عليا المذكور عاش حتى ناهز الحلم وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أردفه على راحلته يوم فتح مكة وهذا لا يقال في حقه صبيا عرفا وإن جاز من حيث اللغة . وفي الأنساب للبلازري أن عبد الله بن عثمان بن عفان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما مات وضعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجره وقال : إنما يرحم الله من عباده الرحماء . وفي مسند البزار من حديث أبي هريرة قال : ثقل ابن لفاطمة فبعثت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر نحو حديث الباب وفيه مراجعة سعد بن عبادة في البكاء فعلى هذا الابن المذكور محسن ابن علي وقد اتفق أهل العلم بالأخبار أنه مات صغيرا في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهذا أولى إن ثبت أن القصة كانت لصبي ولم يثبت أن المرسلة زينب لكن الصواب في حديث الباب أن المراسلة زينب كما قال الحافظ وأن الولد صبية كما في مسند أحمد [ ص 152 ] وكذا أخرجه أبو سعيد ابن الأعرابي في معجمه . ويدل على ذلك ما عند أبي داود بلفظ : ( إن ابنتي أو ابني ) وفي رواية : ( إن ابنتي قد حضرت ) .
قوله : ( إن لله ما أخذ ) ( 2 ) قدم ذكر الأخذ على الإعطاء وإن كان متأخرا في الواقع لما يقتضيه المقام والمعنى أن الذي أراد الله أن يأخذ هو الذي كان أعطاه فإن أخذه أخذ ما هو له فلا ينبغي الجزع لأن مستودع الأمانة لا ينبغي له أن يجزع إذا استعيدت منه ويحتمل أن يكون المراد بالإعطاء إعطاء الحياة لمن بقي بعد الموت أو ثوابهم على المصيبة أو ما هو أعم من ذلك . وما في الموضعين مصدرية ويجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف .
قوله : ( وكل شيء عنده بأجل مسمى ) أي كل من الأخذ والإعطاء أو من الأنفس أو ما هو أعم من ذلك وهي جملة ابتدائية معطوفة على الجمل المذكورة ويجوز في كل النصب عطفا على اسم أن فينسحب التأكيد عليه ومعنى العندية العلم فهو من مجاز الملازمة والأجل يطلق على الحد الأخير وعلى مطلق العمر .
قوله : ( مسمى ) أي معلوم أو مقدر أو نحو ذلك .
قوله : ( ولتحتسب ) أي تنو بصبرها طلب الثواب من ربها .
قوله : ( ونفسه تقعقع ) بفتح التاء والقافين والقعقعة حكاية صوت الشن اليابس إذا حرك .
قوله : ( كأنها في شنة ) بفتح الشين وتشديد النون القربة الخلقة اليابسة شبه البدن بالجلد اليابس وحركة الروح فيه بما يطرح في الجلد من حصاة ونحوها .
قوله : ( ففاضت عيناه ) أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد صرح به في رواية شعبة .
قوله : ( هذه رحمة ) أي الدمعة أثر رحمة وفيه دليل على جواز ذلك وإنما المنهي عنه الجزع وعدم البصر .
قوله : ( وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) الرحماء جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة ومقتضاه أن رحمة الله تعالى تختص لمن اتصف بالرحمة وتحقق بها بخلاف من فيه أدنى رحمة لكن ثبت عند أبي داود وغيره من حديث عبد الله بن عمرو : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) والراحمون جمع راحم فيدخل فيه من فيه أدنى رحمة . ومن في قوله من عباده بيانية وهي حال من المفعول قدمت ليكون أوقع [ ص 153 ] .
_________ .
( 1 ) فيه دليل على مشروعية تذكير أهل العلم إذا نسوا أمرا ففعلوا خلافه لأن سعدا Bه ظن أن جميع أنواع البكاء حرام وظن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نسي فذكره فأعلمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن مجرد البكاء ودمع العين ليس بحرام ولا مكروه بل هو رحمة وفضيلة وإنما المحرم النوح والندب والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما . والله أعلم .
( 2 ) قال النووي C تعالى : وتقريره أن هذا الذي أخذ منكم كان له لا لكم فلم يأخذ إلا ما هو له فينبغي أن لا تجزعوا كما لا يجزع من استردت منه وديعة أو عارية . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( وله ما أعطى ) معناه أن ما وهبه لكم ليس خارجا عن ملكه بل هو له سبحانه وتعالى يفعل فيه ما يشاء . والله أعلم