- الحديث الأول ذكره البخاري في الصلاة بهذا اللفظ وذكره في الجنائز مطولا وهو يدل على مشروعية استقبال الإمام للمؤتمين بعد الفراغ من الصلاة والمواظبة على ذلك لما يشعر به لفظ كان كما تقرر في الأصول . قال النووي : المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة كان لا يلزمها الدوام ولا التكرار وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه مرة انتهى .
قيل والحكمة في استقبال المؤتمين أن يعلمهم ما يحتاجون إليه وعلى هذا يختص بمن كان في مثل حاله صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاحية للتعليم والموعظة . وقيل الحكمة أن يعرف الداخل انقضاء الصلاة إذ لو استمر الإمام [ ص 354 ] على حاله وهم أنه في التشهد مثلا .
وقال الزين ابن المنير : استدبار الإمام للمأمومين إنما هو لحق الإمامة فإذا انقضت الصلاة زال السبب واستقبالهم حينئذ يرفع الخيلاء والترفع على المأمومين .
( والحديث الثاني ) يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل على من في جهة الميمنة ويمكن الجمع بين الحديثين بأنه كان تارة يستقبل جميع المؤتمين وتارة يستقبل أهل الميمنة أو يجعل حديث البراء مفسرا لحديث سمرة فيكون المراد بقوله ( أقبل علينا ) أي على بعضنا أو أنه كان يصلي في الميمنة فقال ذلك باعتبار من يصلي في جهة اليمين .
( وفي الباب ) عن زيد بن خالد الجهني قال : ( صلى لنا صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس ) الحديث أخرجه البخاري والمراد بقوله انصرف أي من صلاته أو مكانه كذا قال الحافظ وهو على التفسير الأول من أحاديث الباب . وكذا ذكره البخاري في باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم . ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري عن أنس قال : ( أخر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل ثم خرج علينا فلما صلى أقبل علينا بوجهه )