أمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم عند ابن أم مكتوم .
و قوله [ فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ] قيل : اسمها غزية و قيل : غزيلة وهي قرشية عامرية و قيل : إنها أنصارية .
قوله عليه السلام [ تلك امرأة يغشاها أصحابي ] قيل : كانوا يزورونها و يكثرون من التردد إليها لصلاحها ففي الاعتداد عندها حرج و مشقة في التحفظ من الرؤية إما في رؤيتهم لها أو رؤيتها لهم على مذهب من يرى تحريم نظر المرأة للأجنبي أو لهما معا .
و قوله [ اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى ] قد يحتج به من يروي جواز نظر المرأة إلى الأجنبي فإنه علل بالعمى وهو مقتض لعدم رؤيته لا لعدم رؤيتها فيدل على أن جواز الاعتداد عنده معلل بالعمى المنافي لرؤيته و اختار بعض المتأخرين تحريم نظر المرأة إلى الأجنبي مستدلا بقوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } { و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } و فيه نظر لأن لفظة من للتبعيض و لا خلاف أنها إذا خافت الفتنة حرم عليها النظر فإذا هذه حالة يجب فيها الغض فيمكن حمل الآية عليها و لا تدل حينئذ على وجوب الغض مطلقا أو في غير هذه الحالة و هذا إن لم يكن ظاهر اللفظ فهو محتمل له احتمالا جيدا يتوقف معه على الاستدلال على محل الخلاف و قال هذا المتأخر : و أما حديث فاطمة بنت قيس مع ابن أم مكتوم فليس فيه إذن لها في النظر إليه بل فيه أنها تأمن عنده من نظر غيره وهي مأمورة بغض بصرها فيمكنها الاحتراز عن النظر بلا مشقة بخلاف مكثها في بيت أم شريك و هذا الذي قاله إعراض عن التعليل بعماه و ما ذكره من المشقة موجود في نظرها إليه مع مخالطتها له في البيت و يمكن أن يقال : إنما علل العمى لكونها تضع ثيابها من غير رؤيته لها فحينئذ يخرج التعليل عن الحكم باعتدادها عنده