علة تحريم الطلاق في الحيض .
الطلاق في الحيض محرم للحديث و ذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم لعله ليعرفه الحكم و [ تغيظ النبي A ] إما لأن المعنى الذي يقتضي المنع كان ظاهرا و كان يقتضي الحال التثبت في الأمر أو لأنه كان يقتضي الأمر المشاورة لرسول الله A في مثل ذلك إذا عزم عليه .
و قوله عليه السلام [ ليراجعها ] صيغة أمر محمولة عند الشافعي على الاستحباب و عند مالك على الوجوب و يجبر الزوج على الرجعة إذا طلق في الحيض عنده و اللفظ يقتضي امتداد المنع للطلاق إلى أن تطهر من الحيضة الثانية لأن صيغة حتى للغاية و قد علل توقف الأمر إلى الطهر من الحيضة الثانية بأنه لو طلق في الطهر من الحيضة الأولى لكانت الرجعة لأجل الطلاق و ليس ذلك موضوعها إنما هي موضوعة للاستباحة فإذا أمسك عن الطلاق في هذا الطهر استمرت الإباحة فيه و ربما كان دوام مدة الاستباحة مع المعاشرة سببا للوطء فيمتنع الطلاق في ذلك الطهر لأجل الوطء فيه و في الحيض الذي يليه فقد يكون سببا لدوام العشرة .
و من الناس من علل امتناع الطلاق في الحيض بتطويل العدة فإن تلك الحيضة لا تحسب من العدة فيطول زمان التربص و منهم من لم يعلل بذلك و رأى الحكم معلقا بوجود الحيض و صورته و ينبني على هذا ما إذا قلنا : إن الحامل تحيض فطلقها في الحيض الواقع في الحمل فمن علل بتطويل العدة لم يحرم لأن العدة ههنا بوضع الحمل و من أراد الحكم على صورة الحيض منع .
و قد يؤخذ من الحديث ترجيح المنع في هذه الصورة من جهة أن النبي صلى الله عليه و سلم ألزمه المراجعة من غير استفصال و لا سؤال عن حال المرأة : هل هي حامل أو حائل ؟ و ترك الاستفصال في مثل هذا ينزل منزلة عموم المقال عند جمع من أرباب الأصول إلا أنه قد يضعف ههنا هذا المأخذ لاحتمال أن يكون ترك الاستفصال لندرة الحيض في الحمل .
و ينبني أيضا على هذين المأخذين : ما إذا سألت المرأة الطلاق في الحيض هل يحرم طلاقها فيه ؟ فمن مال إلى التعليل بطول المدة لما فيه من الإضرار بالمرأة لم يقتض ذلك التحريم لأنها رضيت بذلك الضرر و من أدار الحكم على صورة الحيض منع و العمل بظاهر الحديث في ذلك أولى و قد يقال في هذا ما قيل في الأول من ترك الاستفصال و قد يجاب عنه فيهما بأنه مبني على الأصل فإن الأصل عدم سؤال الطلاق و عدم الحمل