إنكار المسح شعار أهل البدع طهارة الرجلين قبل لبس الخفين .
وقد اشتهر جواز المسح على الخفين عند علماء الشريعة حتى عد شعارا لأهل السنة وعد إنكاره شعارا لأهل البدع .
وقوله A في حديث المغيرة [ دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ] دليل على اشتراط الطهارة في اللبس لجواز المسح حيث علل عدم نزعهما بإدخالهما طاهرتين فيقتضي أن إدخالهما غير طاهرتين مقتض للنزع .
وقد استدل به بعضهم على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف : لم يجز المسح .
وفي هذا الاستدلال عندنا ضعف - أعني في دلالته على حكم هذه المسألة - فلا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحدة منهما أدخلت طاهرة بل ربما يدعي أنه ظاهر في ذلك فإن الضمير في قوله [ أدخلتهما ] يقتضي تعليق الحكم بكل واحدة منهما .
نعم من روى [ فإني أدخلتهما وهما طاهرتان ] فقد يتمسك برواية هذا القائل من حيث إن قوله [ أدخلتهما ] إذا اقتضى كل واحدة منهما فقوله [ وهما طاهرتان ] حال من كل واحدة منهما فيصير التقدير : أدخلت كل واحدة في حال طهارتها وذلك إنما يكون بكمال الطهارة .
وهذا الاستدلال بهذه الرواية من هذا الوجه : قد لا يتأتى في رواية من روى [ أدخلتهما طاهرتين ] وعلى كل حال فليس الاستدلال بذلك القوي جدا لاحتمال الوجه الآخر في الروايتين معا اللهم إلا أن يضم إلى هذا دليل يدل على أنه لا يحصل الطهارة لإحداهما إلا بكمال الطهارة في جميع الأعضاء فحينئذ يكون ذلك الدليل - مع هذا الحديث - مستندا لقول القائلين بعدم الجواز أعني أن يكون المجموع هو المستند فيكون هذا الحديث دليلا على اشتراك طهارة كل واحدة منهما ويكون ذلك الدليل دالا على أنها لا تطهر إلا بكمال الطهارة .
ويحصل من هذا المجموع : حكم المسألة المذكورة في عدم الجواز .
وفي حديث حذيفة : تصريح بجواز المسح عن حدث البول .
وفي حديث صفوان بن عسال - بالعين المهملة وتشديد السين - ما يقتضي جوازه عن حدث الغائط وعن النوم أيضا ومنعه عن الجنابة