مدة الخيار اشترى المصراة .
المسألة الرابعة : ذكر المصنف لا تصروا الغنم وفي الصحيح [ الإبل والغنم ] وهذا هو محل التصرية والفقهاء تصرفوا وتكلموا فيما يثبت فيه هذا الحكم من الحيوان ولم يختلف أصحاب الشافعي أنه لا يختص بالإبل والغنم المذكورين في الحديث ثم اختلفوا بعد ذلك فمنهم من عداه إلى النعم خاصة ومنهم من عداه إلى كل حيوان مأكول اللحم وهذا نظر إلى المعنى فإن المأكول اللحم يقصد لبنه فتفويت المقصود الذي ظنه المشتري بالخديعة موجب للخيار فلو حفل أتانا ففي ثبوت الخيار وجهان لهم من حيث إنه غير مقصود لشرب الآدمي إلا أنه مقصود لتربية الجحش وإذا اعتبر المعنى فلا ينبغي أن يصح هذا الوجه لأن إثبات الخيار يعتمد فوات أمر مقصود ولا يختص ذلك بأمر معين أعني الشرب مثلا وكذلك اختلفوا في الجارية من الآدميات لو حفلها وإذا أثبت الخيار في الأتان فالظاهر : أنه لا يرد لأجل لبنها شيئا ومن هذا يتبين لك : أن الأتان لا يقاس على المنصوص عليه في الحديث أعني الإبل والغنم لأن شرط القياس : اتحاد الحكم فينبغي أن يكون إثبات الخيار فيها من القياس على قاعدة أخرى وفي رد شيء لأجل لبن الآدمية خلاف أيضا .
المسألة الخامسة : قوله عليه السلام [ بعد أن يحلبها ] مطلق في الحلبات لكن قد تقيد في رواية أخرى إثبات الخيار [ بثلاثة أيام ] واتفق أصحاب مالك على أنه إذا حلبها ثانية وأراد الرد : أن له ذلك واختلفوا إذا حلبها الثالثة هل يكون رضي بمنع الرد ورجحوا أن لا يمنع لوجهين أحدهما : الحديث والثاني : أن التصرية لا تتحقق إلا بثلاث حلبات فإن الحلبة الثانية إذا انقصت من الأولى : جوز المشتري أن يكون ذلك لاختلاف المرعى أو لأمر غير التصرية فإذا حلبها الثالثة تحقق التصرية وإذا كانت لفظة حلبها مطلقة فلا دلالة لها على الحلبة الثانية والثالثة وإنما يؤخذ ذلك من حديث آخر .
المسألة السادسة : قوله [ وإن سخطها ردها ] يقتضي إثبات الخيار بعيب التصرية واختلف أصحاب الشافعي : هل يكون على الفور أو يمتد إلى ثلاثة أيام ؟ فقيل : يمتد للحديث وقيل : يكون على الفور طردا لقياس خيار الرد بالعيب ويتؤول الحديث والصواب : اتباع النص لوجهين أحدهما : تقديم النص على القياس والثاني : أنه خولف القياس في أصل الحكم لأجل النص فيطرد ذلك ويتبع في جميع موارده .
المسألة السابعة : يقتضي الحديث : رد شيء معها عندما يختار ردها وفي كلام بعض المالكية : ما يدل على خلافه من حيث إن الخراج بالضمان ومعناه : أن الغلة لمن استوفاها بعقد أو شبهته تكون له بضمانه فاللبن المحلوب إذا فات غلة فلتكن للمشتري ولا يرد لها بدلا والصواب : الرد للحديث على ما قررناه .
المسألة الثامنة : الحديث يقتضي رد الصاع مع الشاة بصريحه ويلزم منه عدم رد اللبن والشافعية قالوا : إن كان اللبن باقيا فأراد رده على البائع فهل يلزمه قبوله ؟ وجهان أحدهما : نعم لأنه أقرب إلى مستحقه والثاني : لا لأن طراوته ذهبت فلا يلزمه قبوله واتباع لفظ الحديث أولى في أن يتعين الرد فيما نص عليه .
أما المالكية : فقد زادوا على هذا وقالوا : لو رضي به البائع فهل يجوز ذلك أم لا قولان ووجهوا المنع : بأنه بيع الطعام قبل قبضه لأنه وجب له الصاع بمقتضى الحديث فباعه قبل قبضه باللبن ووجهوا الجواز : بأن يكون بناء على عادتهم في اتباع المعاني دون اعتبار الألفاظ