قوله ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد .
وأما قوله [ ولا تناجشوا ] فهو من المنهيات لأجل الضرر وهو أن يزيد في سلعة تباع ليغر غيره وهو راغب فيها واختلف في اشتقاق اللفظة فقيل : إنها مأخوذة من معنى الإثارة كأن الناجش يثير همة من يسمعه للزيادة وكأنه مأخوذ من إثارة الوحش من مكان إلى مكان وقيل : أصل اللفظة : مدح الشيء وإطراؤه ولا شك أن هذا الفعل حرام لما فيه من الخديعة وقال بعض الفقهاء : بأن البيع باطل ومذهب الشافعي : أن البيع صحيح وأما إثبات الخيار للمشتري الذي غر بالنجش : فإن لم يكن النجش عن مواطاة من البائع فلا خيار عند أصحاب الشافعي .
وأما [ بيع الحاضر للبادي ] فمن البيوع المنهي عنها لأجل الضرر أيضا وصورته : أن يحمل البدوي أو القروي متاعه إلى البلد ليبيعه بسعر يومه ويرجع فيأتيه البلدي فيقول : ضع عندي لأبيعه على التدريج بزيادة سعر وذلك إضرار بأهل البلد وحرام إن علم بالنهي وتصرف بعض الفقهاء من أصحاب الشافعي في ذلك فقالوا : شرطه أن يظهر لذلك المتاع المجلوب سعر في البلد فإن لم يظهر - لكثرته في البلد أو لقلة الطعام المجلوب - : ففي التحريم وجهان ينظر في أحدهما : إلى ظاهر اللفظ وفي الآخر : إلى المعنى وعدم الإضرار وتفويت الربح أو الرزق على الناس وهذا المعنى منتف وقالوا أيضا : يشترط أن يكون المتاع مما تعم الحاجة إليه دون ما لا يحتاج إليه إلا نادرا وأن يدعوا البلدي البدوي إلى ذلك فإن التمسه البدوي منه فلا بأس ولو استشاره البدوي فهل يرشده إلى الادخار والبيع على التدريج ؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي