قول ابن عباس ناهزت الحلم .
وقوله ناهزت الاحتلام أي قاربته وهو يؤنس لقول من قال : إن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وقول من قال : إن النبي A مات وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة خلافا لمن قال غير ذلك مما لا يقارب البلوغ ولغل قوله قد ناهزت الاحتلام ههنا تأكيدا لهذا الحكم وهو عدم بطلان الصلاة بمرور الحمار لأنه استدل على ذلك بعدم الإنكار وعدم الإنكار على من هو في مثل هذا السن أدل على هذا الحكم لأنه لو كان في سن الصغر وعدم التمييز - مثلا - لاحتمل أن يكون عدم الإنكار عليه لعدم مؤاخذته بسبب صغر سنه وعدم تمييزه وقد استدل ابن عباس بعدم الإنكار عليه ولم يستدل بعدم استئنافهم للصلاة لأنه أكثر فائدة فإنه إذا دل عدم إنكارهم على أن هذا الفعل غير ممنوع من فاعله دل ذلك على عدم إفساد الصلاة إذ لو أفسدها لامتنع إفساد صلاة الناس على المار ولا ينعكس هذا وهو أن يقال : ولو لم يفسد لم يمتنع على المار لجواز أن لا تفسد الصلاة ويمتنع المرور كما تقول في مرور الرجل بين يدي المصلي حيث يكون له مندوحة : إنه ممتنع عليه المرور وإن لم يفسد الصلاة على المصلي فثبت بهذا أن عدم الإنكار دليل على الجواز والجواز دليل على عدم الإفساد وأنه لا ينعكس فكان الاستدلال بعدم الإنكار أكثر فائدة من الاستدلال بعدم استئنافهم الصلاة .
ويستدل بالحديث على أن مرور الحمار بين يدي المصلي لا يفسد الصلاة وقد قال في الحديث [ بغير جدار ] ولا يلزم من عدم الجدار عدم السترة فإن لم يكن ثمة سترة غير الجدار فالاستدلال ظاهر وإن كان : وقف الاستدلال على أحد أمرين : إما أن يكون هذا المرور وقع دون السترة - أعني بين السترة والإمام - وإما أن يكون الاستدلال وقع بالمرور بين يدي المأمومين أو بعضهم لكن قد قالوا : إن سترة الإمام سترة لمن خلفه فلا يتم الاستدلال إلا بتحقيق إحدى المقدمات التي منها : أن سترة الإمام ليست سترة لمن خلفه إن لم يكن مجمعا عليها .
وعلى الجملة : فالأكثر ون من الفقهاء على أنه لا تفسد الصلاة بمرور شيء بين يدي المصلي ووردت أحاديث معارضة لذلك