السهو في التبليغ غير جائز .
والذين أجازا السهو قالوا : لا يقر عليه فيما طريقه البلاغ الفعلي واختلفوا : هل من شرط التنبيه الاتصال بالحادثة أو ليس من شرطه ذلك ؟ بل يجوز التراخي إلى أن تنقطع مدة التبليغ وهو العمر وهذه الواقعة قد وقع البيان فيها على الاتصال .
وقد قسم القاضي عياض الأفعال إلى ما هو على طريقة البلاغ وإلى ما ليس على طريقة البلاغ ولا بيان للأحكام من أفعاله البشرية وما يختص به من عاداته وأذكار قلبه وأبي ذلك بعض من تأخر عن زمن وقال : إن أقوال الرسول A أفعاله وإقراره : كله بلاغ واستنتج بذلك العصمة في الكل بناء على أن المعجزة تدل على العصمة فيما طريقه البلاغ وهذه كلها بلاغ فهذه كلها تتعلق بها العصمة - أعني القول والفعل والتقرير - ولم يصرح في ذلك بالفرق بين عمد وسهو وأخذ البلاغ في الأفعال : من حيث التأسي به A فإن كان يقول بأن السهو والعمد سواء في الأفعال فهذا الحديث يرد عليه .
الموضوع الثاني : الأقوال وهي تنقسم إلى ما طريقه البلاغ والسهو فيه ممتنع ونقل فيه الإجماع كما يمتنع التعمد قطعا وإجماعا وأما طريق السهو في الأقوال الدنيوية وفيما ليس سبيله البلاغ من الأخبار التي تستند الأحكام إليها ولا أخبار المعاد ولا ما يضاف إلى وحي فقد حكى القاضي عياض عن قوم : أنهم جوزوا السهو والغفلة في هذا الباب عليه إذ ليس من باب التبليغ الذي يتطرق به إلى القدح في الشريعة قال : والحق الذي لا مرية فيه : ترجيح قول من لم يجز ذلك على الأنبياء في خبر من الأخبار كما لم يجيزوا عليهم فيها العمد فإنه لا يجوز عليهم خلف من خبر لا عن قصد ولا سهو ولا في صحة ولا مرض ولا رضى ولا غضب