بعض المالكية استدلوا على عدم وجوب التشهد .
ومنها : استدلال بعض المالكية به على عدم وجوب التشهد بما ذكرناه من عدم الذكر ولم يتعرض هذا المستدل بالسلام لأن للحنفية أن يستدلوا به على عدم وجوب السلام بعينه مع أن المادة واحة إلا أن الدليل المعارض لوجوب السلام أقوى من الدليل على عدم وجوبه فلذلك تركه بخلاف التشهد فهذا يقال فيه أمران .
أحدهما : أن دليل إيجاب التشهد هو الأمر وهو أرجح مما ذكرناه : وبالجملة : فله أن يناظر على الفرق بين الرجحانين ويمهد عذره ويبقي النظر ثمة فيما يقال .
الثاني : أن دلالة اللفظ على الشيء لا تنفي معارضة المانع الراجح فإن الدلالة أمر يرجع إلى اللفظ أو إلى أمر لو جرد النظر إليه لثبت الحكم وذلك لا ينفي وجود المعارض .
نعم لو استدل بلفظ يحتمل أمرين على السواء لكانت الدلالة منتفية وقد يطلق الدليل على الدليل التام الذي يجب العمل به وذلك يقتضي عدم وجود المعارض الراجح والأولى : أن يستعمل في دلالة ألفاظ الكتاب والسنة الطريق الأول ومن ادعى المعارض الراجح فعليه البيان .
الوجه الرابع من الكلام على الحديث : استدل بقوله فكبر على وجوب التكبير بعينه و أبو حنيفة يخالف فيه ويقول : إذا أتى بما يقتضي التعظيم كقوله الله أجل أو أعظم كفى وهذا نظر منه إلى المعنى وأن المقصود التعظيم فيحصل بكل ما دل عليه وغيره اتبع اللفظ وظاهره تعيين التكبير ويتأيد ذلك بأن العبادات محل التعبدات ويكثر ذلك فيها فالاحتياط فيها الاتباع .
وأيضا : فالخصوص قد يكون مطلوبا أعني خصوص التعظيم بلفظ الله أكبر وهذا لأن رتب هذه الأذكار مختلفة كما تدل عليه الأحاديث فقد لا يتأدى برتبة ما يقصد من أخرى ولا يعارض هذا : أن يكون أصل المعنى مفهوما فقد يكون التعبد واقعا في التفصيل كما أنا نفهم أن المقصود من الركوع التعظيم بالخضوع ولو أقام مقامه خضوعا آخر لم يكتف به ويتأيد هذا باستمرار العمل من الأمة على الدخول في الصلاة بهذه اللفظة أعني الله أكبر