التعلق بالحديث في جواز نسخ السنة بالكتاب .
وأما الثاني : فالجواب عنه من وجهين : أحدهما : أن المقصود التنبيه والمناقشة في الاستدلال بالحديث المذكور على المسألة المعينة وقد تم الغرض من ذلك وأما إثباتها بطريق القياس على المنصوص : فليس بمقصود الثاني : أن يكون إثبات جواز نسخ خبر الواحد للخبر المتواتر مقيسا على جواز نسخ خبر الواحد المقطوع به مشاهدة بخبر الواحد المظنون بجامع اشتراكهما في زوال المقطوع بالمظنون لكنهم نصبوا الخلاف مع الظاهرية وفي كلام بعضهم ما يدل على أن من عداهم لم يقل به والظاهرية لا يقولون بالقياس فلا يصح استدلالهم بهذا الخبر على المدعي وهذا الوجه مختص بالظاهرية والله أعلم .
المسألة الثالثة : رجعوا إلى الحديث أيضا في أن نسخ السنة بالكتاب جائز ووجه التعلق بالحديث في ذلك : أن المخبر لهم ذكر أنه [ أنزل الليلة قرآن ] فأحال في النسخ على الكتاب ولو لم يذكر ذلك لعلمنا أن ذلك من الكتاب وليس التوجه إلى بيت المقدس بالكتاب إذ لا نص في القرآن على ذلك فهو بالسنة ويلزم من مجموع ذلك نسخ السنة بالكتاب والمنقول عن الشافعي : خلافه .
ويعترض على هذا بوجوه بعيدة أحدها : أن يقال : المنسوخ كان ثابتا بكتاب نسخ لفظه والثاني : أن يقال : النسخ كان بالسنة ونزل الكتاب على وفقها الثالث : أن يجعل بيان المجمل كالملفوظ به وقوله تعالى { أقيموا الصلاة } مجمل فسر بأمور منها : التوجه إلى بيت المقدس فيكون كالمأمور به لفظا في الكتاب .
وأجيب عن الأول والثاني : بأن مساق هذا التجويز : يفضي إلى أن لا يعلم ناسخ من منسوخ بعينه أصلا فإن هذين الاحتمالين مطردان في كل ناسخ ومنسوخ والحق أن هذا التجويز : ينفي القطع اليقين بالنظر إليه إلا أن تحتف القرائن بنفي هذا التجويز كما في كون الحكم بالتحويل إلى القبلة مستندا إلى الكتاب العزيز .
وأجيب عن الثالث : بأنا لا نسلم بأن البيان كالملفوظ به في كل أحكامه .
المسألة الرابعة : اختلفوا في أن حكم الناسخ هل يثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له ؟ وتعلقوا بهذا الحديث في ذلك .
ووجه التعلق : أنه لو ثبت الحكم في أهل قباء قبل بلوغ الخبر إليهم لبطل ما فعلوه من التوجه إلى بيت المقدس فيفقد شرط العبادة في بعضها فتبطل .
المسألة الخامسة : قيل فيه دليل على جواز مطلق النسخ لأن ما دل على جواز الأخص دل على جواز الأعم