باب الأذان : الحديث 36 : أمر بلال أن يشفع الأذان و يوتر الإقامة .
الحديث الأول : عن أنس بن مالك Bه قال : [ أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ] .
المختار عند أهل الأصول : أنه قوله [ أمر ] راجع إلى أمر النبي A وكذا أمرنا و نهينا لأن الظاهر : انصرافه إلى من له الأمر والنهي شرعا ومن يلزم اتباعه ويحتج بقوله وهو النبي A وفي هذا الموضع زيادة على هذا وهو أن العبادات والتقديرات فيها : لا تؤخذ إلا بتوقيف .
والحديث دليل على الإيتار في لفظ الإقامة ويخرج عنه التكبير الأول فإنه مثنى والتكبير الأخير أيضا وخالف أبو حنيفة وقال : بأن ألفاظ الإقامة كالأذان مثناة واختلف مالك و الشافعي في موضع واحد وهو لفظ قد قامت الصلاة فقال مالك : يفرد وظاهر هذا الحديث يدل له وقال الشافعي يثنى للحديث الآخر في صحيح مسلم وهو قوله [ أمر بلالا بأن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة ] أي إلا لفظ قد قامت الصلاة ومذهب مالك - مع ما مر من الحديث - قد أيد بعمل أهل المدينة ونقلهم وفعلهم في هذا قوي لأن طريقة النقل والعادة في مثله : تقتضي شيوع العمل فإنه لو كان تغير لعلم وعمل به وقد اختلف أصحاب مالك في أن إجماع أهل المدينة حجة مطلقا في مسائل الاجتهاد أو يختص ذلك بما طريقه النقل والانتشار كالأذان والإقامة والصاع والمد والأوقات وعدم أخذ الزكاة من الخضروات ؟ فقال بعض المتأخرين منهم : والصحيح التعميم وما قاله : غير صحيح عندنا جزما ولا فرق في مسائل الاجتهاد بينهم وبين غيرهم من العلماء إذ لم يقم دليل على عصمة بعض الأمة .
نعم ما طريقة النقل إذا علم اتصاله وعدم تغيره واقتضت العادة مشروعيته من صاحب الشرع ولو بالتقرير عليه - فالاستدلال به قوي يرجع إلى أمر عادي والله أعلم .
وقد يستدل بهذا الحديث على وجوب الأذان من حيث إنه إذا أمر بالوصف لزم أن يكون الأصل مأمورا به وظاهر الأمر : الوجوب .
وهذه مسألة اختلف فيها والمشهور : أن الأذان والإقامة سنتان وقيل : هما فرضان على الكفاية وهو قول الأصطخري من أصحاب الشافعي وقد يكون له متمسك بهذا الحديث كما قلنا