هل يحصل للمصلي جماعة في البيوت هذا الفضل ؟ .
البحث الثاني : هذا الذي ذكرناه أمر يرجع إلى المفاضلة بين صلاة الجماعة في المساجد و الانفراد و هل يحصل للمصلي في البيوت جماعة هذا المقدار من المضاعفة أم لا ؟ و الذي يظهر من إطلاقهم حصوله و ولست أعني أنه لا تفضل صلاة الجماعة في البيت على الانفراد فيه فإن ذلك لا شك فيه إنما النظر في أن هل يتفاضل بهذا القدر المخصوص أم لا ؟ و لا يلزم من عدم هذا القدر المخصوص من الفضيلة عدم حصول مطلق الفضيلة و إنما تردد أصحاب الشافعي في أن إقامة الجماعة في غير المساجد هل يتأدى بها المطلوب ؟ فعن بعضهم أنه لا يكفي إقامة الجماعة في البيوت في إقامة الفرض أعني إذا قلنا إن صلاة الجماعة .
فرض على الكفاية و قال بعضهم يكفي إذا اشتهر كما إذا صلى صلاة الجماعة في السوق مثلا و الأول عندي أصح لأن أصل المشروعية إنما كان في جماعة المساجد هذا وصف معتبر لا يتأتى إلغاؤه و ليست هذه المسألة هي التي صدرنا بها هذا البحث : .
أولا : لأن هذه نظر في أن إقامة الشعار هل تتآذى بصلاة الجماعة في البيوت أم لا ؟ و الذي بحثناه أولا هو أن صلاة الجماعة في البيت هل تتضاعف بالقدر المخصوص أم لا ؟ .
البحث الثالث : قوله صلى الله عليه وآله وسلم [ صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته و في سوقه ] يتصدى النظر هنا هل صلاته في جماعة في المسجد تفضل على صلاته في بيته و سوقه جماعة أو تفضل عليها منفردا ؟ أما الحديث فمقتضاه أن صلاته في المسجد جماعة تفضل على صلاته في بيته و سوقه جماعة وفرادى بهذا القدر لأن قوله A [ صلاة الرجل في جماعة ] محمول على الصلاة في المسجد لأنه قوبل بالصلاة في بيته و سوقه و لو جربنا على إطلاق اللفظ لم تحصل المقابلة لأنه يكون قسم الشيء قسما منه وهو باطل وإذا حمل على صلاته في المسجد فقوله A [ صلاته في بيته وسوقه ] عام يتناول الأفراد و الجماعة و قد أشار بعضهم إلى هذا بالنسبة إلى الانفراد في المسجد والسوق من جهة ما ورد أن الأسواق موضع الشياطين فتكون الصلاة فيها ناقصة الرتبة كالصلاة في المواضع المكروهة لأجل الشياطين كالحمام وهذا الذي قاله - وإن أمكن في السوق - ليس يطرد في البيت فلا ينبغي أن تتساوى فضيلة الصلاة في البيت جماعة مع فضيلة الصلاة في السوق جماعة في مقدار الفضيلة التي لا توجد إلا بالتوقيف فإن الأصل : أن لا يتساوى ما وجد فيه مفسدة معينة مع ما لم توجد فيه تلك المفسدة .
هذا ما يتعلق بمقتضى اللفظ ولكن الظاهر مما يقتضيه السياق : أن المراد تفضيل صلاة الجماعة في المسجد على صلاته في بيته وسوقه منفردا : فكأنه خرج مرج الغالب في أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفردا .
وبهذا يرتفع الإشكال الذي قدمناه من استبعاد تساوي صلاته في البيت مع صلاته في السوق جماعة فيهما وذلك لأن من اعبر معنى السوق مع إقامة الجماعة فيه وجعله سببا لنقصان الجماعة فيه عن الجماعة في المسجد يلزمه تساوي ما وجدت فيه مفسدة معتبرة مع ما لم توجد فيه تلك المفسدة في مقدار التفاضل أما إذا جعلنا التفاضل بين صلاة الجماعة في المسجد وصلاتها في البيت والسوق منفردا فوصف السوق ههنا ملغى غير معتبر فلا يلزم تساوي ما فيه مفسدة مع مالا مفسدة فيه في مقدار التفاضل والذي يؤيد هذا : أنهم لم يذكروا السوق في الأماكن المكروهة للصلاة وبهذا فارق الحمام المستشهد بها .
البحث الرابع : قد قدمنا أن الأوصاف التي يمكن اعتبارها لا تلغى فلينظر الأوصاف المذكورة في الحديث وما يمكن أن يجعل معتبرا ومالا أما وصف الرجولية : فحيث يندب للمرأة الخروج إلى المسجد ينبغي أن تتساوى مع الرجل لأن وصف الرجولية بالنسبة إلى ثواب الأعمال غير معتبر شرعا وأما الوضوء في البيت : فوصف كونه في البيت غير داخل في التعليل وأما الوضوء : فمعتبر للمناسبة لكن : هل المقصود منه مجرد كونه طاهرا أو فعل الطهارة ؟ فيه نظر ويترجح الثاني بأن تجديد الوضوء مستحب لكن الأظهر : أن قوله A [ إذا توضأ ] لا يتقيد بالفعل وإنما خرج مخرج الغلبة أو ضرب المثال وأما إحسان الوضوء : فلا بد من اعتباره وبد يستدل على أن المراد فعل الطهارة لكن يبقى ما قلناه : من خروجه مخرج الغالب أو ضرب المثال وأما خروجه إلى الصلاة : فيشعر بأن الخروج لأجلها وقد ورد مصرحا به في حديث آخر [ لا ينهزه إلا الصلاة ] وهذا وصف معتبر وأما صلاته مع الجماعة : فبالضرورة لا بد من اعتبارها فإنها محل الحكم .
البحث الخامس : الخطوة - بضم الخاء - ما بين قدمي الماشي وبفتحها : الفعلة وفي هذا الوضع هي مفتوحة لأن المراد فعل الماشي