قوله وأعطيت الشفاعة .
السابع : قوله A [ وأعطيت الشفاعة ] قد ترد الألف واللام للعهد كما في قوله تعالى { فعصى فرعون الرسول } وترد للعموم نحو قوله A [ المسلمون تتكافأ دماؤهم ] وترد لتعريف الحقيقة كقولهم : الرجل خير من المرأة والفرس خير من الحمار .
إذا ثبت هذا فنقول : الأقرب أنها في قوله A [ وأعطيت الشفاعة ] للعهد وهو ما بينه A من شفاعته العظمة وهي شفاعته في إراحة الناس من طول القيام بتعجيل حسابهم وهي شفاعة مختصة به A ولا خلاف فيها ولا ينكرها المعتزلة والشفاعات الأخروية خمس إحداها : هذه وقد ذكرنا اختصاص الرسول بها وعدم الخلاف فيها وثانيتها : الشفاعة في إدخال قوم الجنة من دون حساب وهذه قد وردت أيضا لنبينا A ولا أعلم الاختصاص فيها ولا عدم الاختصاص وثالثتها : قوم قد استوجبوا النار فيشفع في عدم دخولهم لها وهذه أيضا قد تكون غير مختصة ورابعتها : قوم دخلوا النار فيشفع في خروجهم منها وهذه قد ثبت فيها عدم الاختصاص لما صح في الحديث من شفاعة الأنبياء والملائكة وقد ورد أيضا [ الإخوان من المؤمنين يشفعون ] وخامستها : الشفاعة بعد دخول الجنة في زيادة الدرجات لأهلها وهذه أيضا لا تنكرها المعتزلة .
فتلخص من هذا : أن من الشفاعة منها ما علم الاختصاص به ومنها : ما علم عدم الاختصاص به ومنها : ما يحتمل الأمرين فلا تكون الألف واللام للعموم فإن كان النبي A قد تقدم منه إعلام الصحابة بالشفاعة الكبرى المختص بها هو التي صدرنا بها الأقسام الخمسة فلتكن الألف واللام للعهد وإن كان لم يتقدم ذلك على هذا الحديث فلتجعل الألف واللام لتعريف الحقيقة وتنزل على تلك الشفاعة لأنه كالمطلق حينئذ فيكفي تنزيله على فرد .
وليس لك أن تقول : لا حاجة إلى هذا التكلف إذ ليس في الحديث إلا قوله [ وأعطيت الشفاعة ] وكل هذه الأقسام التي ذكرتها : قد أعطيها A فليحمل اللفظ على العموم .
لأنا نقول : هذه الخصلة مذكورة في الخمس التي اختص بها A فلفظها - وإن كان مطلقا - إلا أن ما سبق في صدر الكلام : يدل على الخصوصية وهو قوله A [ لم يعطهن أحد قبلي ] .
وأما قوله [ وكان النبي يبعث إلى قومه ] فقد تقدم الكلام عليه في صدر الحديث والله أعلم