استدل به من يرى السراية بنفس العتق .
فالتقويم إما أن يكون راجعا إلى ترتيب في الوجود أو إلى ترتيب في الرتبة و الثاني باطل لأن عتق النصيب الباقي على قول السراية بنفس إعتاق الأول إما مع إعتاق الأول أو عقيبه فالتقويم أن أريد به الأمر الذي يقوم به الحاكم و المقوم فهو متأخر في الوجود عن عتق النصيب و السراية معا فلا يكون عتق نصيب الشريك مرتبا على التقويم في الوجود مع أن ظاهر اللفظ يقتضيه .
و إن أريد بالتقويم وجوب التقويم مع ما فيه من المجاز فالتقويم بهذا التفسير مع العتق الأول يتقدم على الإعطاء و عتق الباقي فلا يكون عتق الباقي متأخرا عن التقويم على هذا التفسير لكنه متأخر على ما دل عليه ظاهر اللفظ و إذا بطل الثاني تعين الأول وهو أن يكون عتق الباقي راجعا إلى الترتيب في الوجود أي يقع أولا التقويم ثم الإعطاء و عتق الباقي وهو مقتضى مذهب مالك إلا أنه يبقى على هذا احتمال أن يكون و عتق معطوفا على قوم لا على أعطى فلا يلزم تأخر عتق الباقي على الإعطاء و لا كونه معه في درجة واحدة فعليك بالنظر في أرجح الاحتمالين أعني عطفه على أعطى أو عطفه على قوم .
و أقوى منه رواية عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه إذ فيها فكان موسرا فإنه يقوم عليه بأعلى القيمة أو قال : قيمة و لا وكس و لا شطط ثم يقوم لصاحبه حصته ثم يعتق فجاء بلفظة ثم المقتضية لترتيب العتق على الإعطاء و التقويم و أما ما يدل ظاهره للشافعي : فرواية حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر [ من أعتق نصيبا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل فهو عتيق ] وأما ما في رواية بشر بن المفضل عن عبيد الله فما جاء فيها [ من أعتق شركا له في عبد فقد عتق كله إن كان للذي عتق نصيبه من المال : ما يبلغ ثمنه يقوم عليه قيمة عدل فيدفع إلى شركائه أنصباءهم ويخلي سبيله ] .
فإن في أوله : ما يستدل به لمذهب الشافعي لقوله [ فقد عتق كله ] فإن ظاهره يقتضي : تعقيب عتق كله لإعتاق النصيب وفي آخره : ما يشهد لمذهب مالك فإنه قال يقوم قيمة عدل فيدفع فأتبع إعتاق النصيب للتقويم ودفع القيمة للشركاء عقيب التقويم وذكر تخلية السبيل بعد ذلك بالواو .
والذي يظهر لي في هذا : أن ينظر إلى هذه الطرق ومخارجها فإذا اختلفت الروايات في مخرج واحد : أخذنا بالأكثر فالأكثر أو بالأحفظ فالأحفظ ثم نظرنا إلى أقربها دلالة على المقصود فعمل بها .
وأقوى ما ذكرناه لمذهب مالك : لفظة ثم وأقوى ما ذكرناه لمذهب الشافعي : روايةحماد وقوله [ من أعتق نصيبا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل فهو عتيق ] لكنه يحتمل أن يكون المراد : أن مآله إلى العتق أو أن العتق قد وجب له وتحقق .
وأما قضية وجوبه بالنسبة إلى تعجيل السراية أو توقفها على الأداء : فمحتمل فإذا آل الحال إلى هذا فالواجب النظر في أقوى الدليلين وأظهرهما دلالة ثم على تراخي العتق عن التقويم والإعطاء أو دلالة لفظة عتيق على تنجيز العتق هذا بعد أن يجري ما ذكرناه من اعتبار اختلاف الطرق أو اتفاقها الرابع والعشرون : يمكن أن يستدل به من يرى بنفس الإعتاق على عكس ما قدمناه في الوجه قبله .
وطريقه أن يقال : لو لم تحصل السراية بنفس الإعتاق لما تعينت القيمة جزاء للاعتاق لكن تعينت فالسراية حاصلة بالإعتاق .
بيان للملازمة : أنه إذا تأخرت السراية عن الإعتاق وتوقفت على التقويم فإذا أعتق الشريك الآخر نصيبه : نفذ وإذا نفذ فلا تقويم فلو تأخرت السراية : لم يتعين التقويم لكنها متعينة للحديث