هذا على قوله بتقديم الفقراء والمساكين منه كما تقدم تقريره وكذلك المروزي عن أحمد فيمن ورث ضياعا وأراد التنزه عنها قال لا يدعها في يد أخوته لكن يشهد أن ميراثه منها وقف قال وأعجب إلي أن يقفها على قرابته فإن لم يكن فجيرانه أو من أحب من أهل المسكنة قوم يعرفهم يقفها لهم ويدعها في أيديهم ثم يخرج فإن كانت هذه الضياع من أرض السواد فهذا نص من أحمد على جواز وقفها على بعض مستحقي الفيء وإن كانت من غير السواد وإنما تنزه عنها لشبهة غصب ونحوه فالأمر واضح لأن المغصوب التي لا يعرف أربابها يتصدق بها واقفها على بعض جهات البر كالصدقة بها ويحتمل أن يقال إن الوقف هنا للمنفعة المملوكة له ملكا مؤبدا مدة حياته و تورث عنه بعد وفاته وإذا كان ذلك فيحتمل أن وقفها يأتي على منفعة للأرض دائما لكونها مالا له موروثا عنه وليس في ذلك إبطال لحق المسلمين لأن حقهم في الخراج وهو باق عليها ويحتمل أن يقال يصح وقفها مدة حياته فقط كوقف أم الولد عند من أجازه من الشافعية ولكن وقف المنافع مما لا يجوز عند الأصحاب .
وقال أحمد في رواية المروزي في رجل وقف غلته على المساكين أو على أم ولده قال الغلة لا توقف أنما توقف الأرض فما أخرج منها فهي عليهم وهذا يدل على الثمرة لا توقف إنما يوقف أصلها ولكن الوقف في منافع الأرض الخراجية ليس واردا على عين ما يخرج من ثمر وزرع بل على منفعة الأرض المملوكة بالخراج التي يستحق بها الزرع والغراس في الأرض وأرض العنوة إنما هي فيء للمسلمين ليست وقفا على معنى الوقف الخاص كما تقدم تقريره .
وذكر القاضي وابن عقيل فيمن وقف ضيعة قال تكون الغلة بعد عمارتها وحق السلطان الى جهة عينها أنه يصح وهذا يدل على صحة وقف