يجوز ذلك بل هي أولى بذلك من ناظر الوقف لوقوع الاختلاف في ملك الموقوف عليهم لرقبة الوقف وأما المسلمون فانهم يملكون رقبة أرض العنوة وإن وهب للأرض وآثر بها غيره جاز أيضا وقام الثاني مقامه في الانتفاع وأداء الخراج ذكره أصحابنا و منهم من قال لا يصح هبتها ولذلك نص عليه أحمد معللا بالوقفية ومراده هبة رقبتها لأنها ليست مملوكة له أما رفع يده عنها ونقلها إلى غيره بغير عوض فيجوز ولو وصى بداره من أرض السواد جاز فإن كان فيها بناء يملكه فهو محسوب من الثلث ولا يحسب رقبة الأرض من الثلث .
قال أحمد في رواية بكر بن محمد في رجل له دار يريد أن يوصي بثلث داره فقال أحمد أكره أن تباع الدار من أرض السواد إلا أن يباع البناء فإذا كان للرجل مال وله دار نظر إلى بناء الدار والملك الذي عنده فإذا أوصي بثلث ذلك وكان له دار تساوي عشرة آلاف دينار وبناؤها خمسة آلاف سوى بحسبها على خمسة آلاف ولو وقف داره من أرض السواد قال أحمد في رواية أبي طالب فيمن كانت له دار في الربض أو بقطيعة فأراد أن يخرج منها ويتنزه عنها كيف يصنع قال يوقف قلت لله قال نعم وسألته عن القطائع توقف قال نعم إذا كان للمساكين يرجع إلى الأصل إذا جعلها للمساكين وحمل القاضي هذه الرواية على أحد أمرين إما على أن الوقف كان للبناء المملوك وفيه بعد أو على أن وقفه طابق الوقف الأول لا أنه أنشأ وقفا جديدا وأخذ ابن عقيل من هذا رواية بأن أرض السواد يملكها من هي في يده بالخراج وهذا مخالف لما تواتر عن أحمد فلا يثبت عنه خلاف ذلك بكلام محتمل والأظهر أنه أراد بوقفها وقف بنائها ورفع يده عن رقبتها إلى مستحقها وهم المساكين لأنهم مستحقوا الفيء ولكن يقال الفيء لا يختص المساكين باستحقاقه بل هم أحد جهاته فكيف يخصون بما هو مشترك بينهم وبين المسلمين عموما وقد يخرج