الأرض لهم ولم يتعرض عليها بعد ذلك بشراء منهم ولا غيره وهذا فيه نظر فان الأرض إذا كانت في الظاهر للمسلمين وقامت شبهة فيها للكفار فاذا تركت الأرض لهذه الشبهة لم يمتنع ذلك أخذنا لها منهم بعقد تراض من شراء أوغيره والمأخذ الثاني هو مأخذ الوقفية الذي نص عليه أحمد وغيره وقد سبق تقريره .
وتوقف الشعبي في شراء أرض الخراج وقال لا آمر به ولا أقول هو ربا وروي عن شريح أنه اختصم اليه في ذلك فلم يقض فيه بشيء وقال عبدالله العنبري إذا جوزه السلطان فهو جائز يشير إلى أنه عقد مختلف فيه والسلطان له الحكم في المختلفات وكذلك قال صاحب المغني من أصحابنا أنه لو باع منه الامام شيئا لمصلحة عمارة ونحوها جاز قال ولو حكم بصحة البيع مطلقا حاكم نفذ حكمه للاختلاف فيه وهذا في الحكم بالصحة لا إشكال فيه .
وأما بيع الامام فينبني على أن فعله هل هو حكم أم لا وفيه وجهان أحدهما هو حكم وهو قول أبي الخطاب وغيره فينفذ ولا يجوز نقضه والثاني ليس بحكم قاله القاضي في خلافه وصاحب المحرر فيحتاج الى حكم به منه أو من غيره ليمتنع نقضه وكلام صاحب المغني هاهنا أنه حكم إلا أن يفرق بين الامام الأعظم ومن دونه ولو أذن الامام في بيع بعض أراضي بيت المال فقد قيل إنه ينفذ إما لأن أذنه حكم في مختلف فيه وإما لوجوب طاعته فيما لا يعلم أنه معصية .
وقد وقع في كلام طائفة من أصحابنا وغيرهم ما يقتضي وجوب طاعة السلطان فيما لا يعلم أنه محرم واعترض ذلك بعض أئمتنا المتأخرين وقال إنما يطاع في الأمر المجهول من علم علمه وعدله وأما من ليس كذلك فلا يطاع إلا فيما علم أنه ليس بمعصية وهذا أشبه بكلام الامام أحمد والله أعلم